مراسلو التوك شو: 16ساعة عمل وخمس دقائق على الهواء وراتب يخلص يوم عشرة فى الشهر

كتب: اخبار الثلاثاء 11-01-2011 18:19


فى الغالب لابد أن يكون سنه صغير.. لكى يقدر أن يتحمل المجهود ووقت العمل غير المحدد الذى قد يصل إلى 16ساعة فى اليوم أو أكثر فى بعض الأحيان، وكل ذلك فقط لخمس دقائق تعرض على الهواء، المراسل التليفزيونى الذى نشاهد تقاريره على الشاشة بشكل يومى تقريبا عمله ليس بسيطا ويحتاج لوقت طويل ومتاعبه كثيرة، فكلهم متفقون على أنك «إذا محبيتش الشغل مش ممكن تكمل فيه للآخر»، مشاكلهم متشابهة رغم اختلاف المحطات التابعين لها، وأكثرها إحساسهم بأن عمل المراسل غير مقدر خارج الوسط الإعلامى ففى العادى لا يعترف بالمجهود الذى يقوم به المراسل.


تقول بسنت شحاتة، فتاة فى العشرين: «فى دول بتقدر المراسل أكثر من المذيع اللى بيتكلم عن التقارير، لأن المراسل بيكون بره وبيشوف الحدث بنفسه، وبيتعامل مع المصادر، بعدين يرجع يكتب سكريبت ويدخل مونتاج ولغاية ما يتأكد إن التقرير اتذاع، كخبرة أنت بتتعلمى كويس، لكن كعائد مادى أعتقد بنعمل مجهود أكثر منه»، وتضيف بسنت أنها تقوم بعملها لأنها تحبه حتى إنها فى بعض الأوقات قد تقوم به من دون مقابل، وتتذكر بسنت أول مرة تدخل محكمة فيها: «كانت فى قضية مديرة البنك اللى قتلها جوزها وخادمتها، كنت عارفة إنهم مجرمين وتمت إحالة أوراقهم للمفتى، وكنت خايفة أكثر من المحكوم عليهم لأن القاضى هيطلع يعلن الحكم بالإعدام، وده اللى حصل الزوج إعدام والخادمة 15سنة، ولحد دلوقتى هيبة المحكمة مأثرة فيا»، وتقول أيضا إن الناس فى أثناء قيامها بعملها قد تعتدى عليها بسبب شىء جاء فى البرنامج وليس لها علاقة به، ففى قضية رشوة البترول التى كان متهماً بها النائب عماد الجلدة، اعتديت عليها زوجة أحد المتهمين معه: «بدأت تعسفنى بالكلام وتقول عن مدام منى الشاذلى بعد حلقة عن نواب البرلمان المتهمين فى قضايا مخلة بالشرف إنها بتعيد وتزيد فى الكلام، وبتجيب فى سيرة الناس وإنها السبب فى اللى هما فيه، حاولت أوضح لها إنهم مدانين وإنى مراسلة فقط، لكنها تطاولت على باليد فبدأ المراسلين الآخرين يبعدوها عنى عشان الأمور تمشى».


ومع أنها ترتدى الحجاب لا ترى بسنت أنه السبب فى عدم ظهورها على الشاشة: «أنا مطلبتش أظهر على الشاشة ومعتقدش إن فى توجه للقناة يمنع ظهور المحجبات والشرط الوحيد عندنا هو الكفاءة فى الأداء، أعتقد إن ظهور المحجبة ممنوع فى التليفزيون المصرى فقط لأنهم بيعتبروه علامة دينية على أساس كلام صفوت الشريف لما كان وزير للإعلام».


يرى محمد مبروك، مراسل برنامج «الحياة اليوم» أن الجمهور يتعامل مع المراسل التليفزيونى على أنه شخص تنفيذى وليس صحفياً، فى حالة تصوير حالة إنسانية الناس منتظرة منك حل ولا تقتنع بأنك لست صاحب القرار، ويضيف كمراسل: «دورى الرصد وليس جلب أراء فمن حق الناس تكوين وجهة نظرها لذا ليس لدى أى استعداد للتدخل فى عرض الحدث، وكل الأمور فى النهاية حتى لو متعاطف معها فيمكن أن تبث فى النهاية بطريقة حيادية».


أصعب موقف بالنسبة لمحمد خلال عمله كمراسل مواصلته العمل لمدة أربعة أيام متواصلة: «بعدما خلصت شغلى الساعة الثامنة مساء، طلبوا منى أجهز نفسى للسفر للغردقة عشان محاكمة ممدوح إسماعيل، وصلت الغردقة الساعة السابعة صباحا، وبدأت المحاكمة الساعة عشرة، كنت متخيل إنها ساعتين وهنرجع القاهرة لكن استمر النظر فى الحكم حتى الثامنة مساء ورئيس المحكمة تعب فأجل الجلسة لثانى يوم لحين استكمال المرافعات، بعد ما خلصت شغل وراجعين فى الطريق طلبوا منى أرجع عشان أغطى جلسة بكرة، فاستمريت فى العمل أربعة أيام متواصلة ومكنتش حاسس بأى حاجة بتحصل حواليا».


ويقول محمد: «إن التابوه اللى كان معمولاً حول المظاهرات اتكسر واللى سدد الفاتورة مراسلى الجزيرة الحرية السياسية الموجودة حالياً سهلت علينا تصوير المظاهرات خاصة الفئوية المتعلقة بمطالب عمالية أو تحسين أوضاع بعض الفئات الاجتماعية فالأمن يتعامل معها بشكل سلس لكن فى المظاهرات السياسية الوضع مختلف، فمثلا يوم الحكم فى قضية تصدير الغاز المصرى لإسرائيل أمام مجلس الدولة خرجت بعض الرموز من حركة كفاية وستة أبريل حبوا يعملو احتجاج أمام مجلس الدولة، الأمن يومها اعتدى على صحفية زميلة فى جريدة (الأهالى) كانت بتصور فيديو بموبايلها، فحاولت أحوش عنها أنا وحسام الدين حسين، مراسل العاشرة مساء، فاعتدى علينا أفراد الأمن، ويومها تداولنا الخبر فى برنامج الحياة والعاشرة، وقدمت الداخلية اعتذاراً لنا على اللى حصل».


على مستوى برامج التوك شو فى كل القنوات لا يجد مراسلو التقارير تقديراً بشكل كاف، تقول لميس سلامة: «بنلف نجيب الأخبار اللى الناس بتشوفها والمذيعين فى الآخر بيعلقوا عليها، غير إن مافيش تسليط ضوء كبير علينا»، وترى لميس مراسلة برنامج (90 دقيقة) إن أى محطة عايزة تعمل من ناسها حاجة هتعمل، والمفترض أن نسأل رؤساء القنوات عن سبب ضعف الراتب، تضيف أنها حتى الآن لم تر تصعيداً لأى مراسل فى أى قناة. وهناك مواقف كثيرة تتذكرها لميس هى وزملاءها «بتضحكهم» وخاصة «اللى فيها ضرب» فتتذكر بعد الحكم فى أحد القضايا كانت تصور فى المنطقة التى يعيش فيها المتهم «تعرضت للضرب بالشباشب أنا والمصور، والستات شدونى من شعرى، وفى مرة كنا رايحين نصور تقرير مع واحد غلبان عنده مشكلة لاقيناه مات فى نفس اليوم اللى إحنا رحنا فيه».


«البرنامج هو اللى بيدى مصداقية مش التقرير أو ظهور المراسل على الشاشة» كما تقول سلمى رستم لكنها أيضا ترى أن المراسل لابد أن يقرأ التقرير الذى أعده بنفسه، وتضيف «دى حاجة مش كويسة إن المراسل صوته ميطلعش على التقرير بتاعه لأن لما الاسم بيتكتب عليه الناس بتفتكر إن هواللى بيقرا». وتقول إن الناس فى الشارع لا تتقبل ما نقوم به مما يسبب لنا مشاكل ففى أثناء تغطيتها لعزاء شيخ الأزهر محمد سيد الطنطاوى بدأ تلميذ له يهاجمنى «إزاى احضر العزاء بشعرى مع إنى كنت ملتزمة ولابسة أسود، ودخلت معاه فى نقاش حاد تدخل الأمن عشان يفضه». وعن العائد المادى تقول سلمى «الناس فاكرة إن المراسل بيقبض 5 آلاف جنيه فى الشهر، ممكن يكون ده كان بيحصل فى بعض القنوات لكن حاليا لأ، وهو ده الواقع الصعب تغييره فلو على الراتب هو بيخلص يوم عشرة فى الشهر».


أغلب الأخطاء التى يقع فيها المراسل ترجع لعامل الوقت من وجهة نظر سلمى «يا إما أكروت التقرير عشان يطلع فى ميعاده أو أعمل تقرير ممتاز وميعرضش»، وتقول أيضا إن بعض المراسلين يتتبعون عمل المراسلين من برامج أخرى ويسجلون مع نفس المصادر التى قمت بالتسجيل معها، وترى أن ذلك ليس عيبا بالضرورة ولكن لابد أن يجتهد المراسل ويكون تقريره مميزاً وليس مجرد خبر يقوم بنقله «أنا لو كنت باغطى حدث مش ملمة به ممكن أسأل مراسل من محطة تانية لو أعرفه غير سؤال الناس الموجودة فى المكان، والرجوع لمعد البرنامج»، وأكثر ما يستفزها أن يقوم مراسل بنقل معلومات خاطئة بسبب أنه لم يتواجد وقت الحدث لكنه يذهب للمكان بعد نهايته ويصور دون أن يتأكد من صحة ما ينقله.


وترى سلمى أن الواسطة موجودة فى كل مكان وليس فى مجال الإعلام فقط: «الموضوع متعلق بإنك ترشحى حد من معارفك يصلح للعمل فى الوظيفة الفارغة، لأن مش ممكن هينشروا إعلان فى الجرايد عايزين مراسلين».