وقفت ريم جمال «25 سنة» بجوار والدتها تشاهد فاترينات محال الذهب بمنطقة ميدان الجامع، والتى تعتبر من أقدم مناطق بيع الذهب فى مصر ويتجمع بها أشهر وأكبر الجواهرجية، تتنقل بين الأذواق الخليجية، والمصرية، والأجنبية، تقف دقائق قليلة لتشاهد فاترينة الألماس لكنها تشيح بوجهها سريعا لأنها تعرف أنه «حلم بعيد المنال»، فكل ما جاءت تبحث عنه هو قطعة بسيطة من الذهب تتناسب مع ميزانية خطيبها، ليقدمها لها خلال حفلة خطبتهما ثالث أيام عيد الفطر.
المبلغ المتوافر مع ريهام 2000 جنيه فقط، وكانت تريد شراء دبلة تعلن بها خطبتها و«إسورة» أو «دلاية»، لكن بعد وصول سعر الذهب عيار 21 إلى 310 جنيهات وانخفاضه نسبياً إلى 295 جنيها، أصبح الذهب مثل الألماس حلماً بعيد المنال، فاكتفت بدبلة فقط دون «محبس» أو إسورة، لأن المبلغ لم يكف لشراء أى شىء آخر.
ورصدت «المصرى اليوم» خلال جولتها فى المنطقة عدم وجود زبائن على غير العادة فى مثل هذا التوقيت من العام الذى تكثر فيه حفلات الخطوبة والزفاف بمناسبة عيد الفطر.
قال أشرف على، أحد العاملين فى المجال منذ أكثر من 30 سنة، إن الركود هذا العام يعد الأسوأ على الإطلاق، وإن كان يقارب ركود العام الماضى، عندما ارتفعت الأسعار إلى 190 جنيها للجرام عيار 21 دون مصنعية، مما أدى إلى إحجام الناس بعض الشىء عن الشراء، مشيراً إلى أنه مع اندلاع ثورة 25 يناير وما تبعها من انفلات أمنى أغلقت العديد من المحال أبوابها خوفا من السرقة.
وأضاف أشرف: «وعندما بدأت حركة البيع والشراء بدأت تتحسن بعض الشىء، ارتفعت أسعار الذهب عالميا، وفى مصر وصل سعر الجرام 21 إلى 310 جنيهات دون مصنعية، وهو ما أثر بشكل سلبى على حركة الشراء، رغم أن محال الصاغة كانت تمتلئ بالزبائن فى هذا الوقت من العام، أما الآن فيمكننا أن نجلس طول اليوم دون أن نبيع قطعة واحدة».
وجلس محمود أنور، الذى يمتلك محل ذهب منذ خمسينيات القرن الماضى يترحم على الأيام الخوالى بقوله: «زمان كانت الناس بتشترى طقم دهب، دلوقتى يدوبك دبلة من غير محبس، ونعانى من انخفاض شديد فى حركة الشراء، والناس تقبل على بيع ذهبها لحاجتها إلى سيولة، فضلاً عن أن الانفلات الأمنى جعل الناس تخاف أن يتعرض لها البلطجية بعد شراء الذهب والخروج من المحل».
ورأى أنور أن مطالبات البعض بطرح عيارى 12 و14 كحل لارتفاع الأسعار، فى غير محلها، لأن عيارى 12 و14 غير متوفرين بالشكل الكافى فى مصر، خاصة أنهما لا يناسبان الذوق المصرى، موضحاً أنهما يستخدمان فى الدول الأوروبية حيث يصنع الذهب بأشكال بسيطة تشبه الإكسسوارات.
وقال مهند محمد، صاحب أحد المحال: «نسبة الإقبال على شراء الذهب بهدف الإدخار ارتفعت، أما الشراء بهدف المجاملات فقد انخفض كثيرا، والناس حالياً تشترى الذهب بهدف الاستثمار، ولم يعد أحد يبحث عن الشكل أو الذهب المرصع بالفصوص، ولكنهم يبحثون عن الذهب الخام الذى يمكن بيعه بعد فترة وتحقيق مكاسب».