من المهم أن تتعدد الأصوات فى البرلمان وفى الفضائيات وفى الصحف.. مكسب كبير لأى نظام سياسى.. فلو لم نجدها لاخترعناها.. هذه الحكمة أكدها الدكتور فتحى سرور فى حواره، أمس، مع «اليوم السابع».. أتفق معه تماماً.. أود أن يستوعبها أولو الأمر.. فيها فائدة كبيرة بلا شك.. هذه الحكمة جاءت بأثر رجعى، تعقيباً على سؤال حول تزوير انتخابات 2010 لتكون خالصة لأتباع الحزب الوطنى فقط!
أخيراً سمعنا صوت الدكتور سرور بعد سنوات من الغياب، ونجح محمد مجدى السيسى أن يخرجه من حالة الصمت.. يبقى أن نسمع صفوت الشريف، وزكريا عزمى أيضاً.. يبقى أن نعرف موقفهما مما حدث حتى الآن.. سنوات الحبس كيف تركت آثارها؟.. كيف عاشت جمهورية طرة؟.. وكيف أدارت الأزمة القانونية؟.. وكيف تتغلب الآن على الأزمة الأدبية؟.. هل يعودون للسياسة مرة أخرى، لو عاد بهم الزمن؟!
أعرف أن الدكتور سرور لا يريد أن يتذكر سنوات السجن، ولا يتمنى أن تعود سيرتها.. هو نفسه قال «ما تفكرونيش بالأسية».. لكن يكفى أن رموز نظام مبارك لم تُحاكم سياسياً، بتهمة إفساد الحياة السياسية فى البلاد، فقد كانت الثورة التى لا يعترفون بها «حنونة»، وكانت طيبة القلب، لا تريد التمثيل بمعارضيها، ولكنها اكتفت بتنحيتهم على جنب، حتى تنجح الثورة، ونبنى «مصر الجديدة» بهدوء وتسامح!
وفى كل الأحوال أختلف مع الدكتور سرور، فى أنه لم يكن يعرف شيئاً عن التوريث.. طب عينى فى عينك.. فمن الذى وضع المادة 76 من الدستور بالضبط؟.. ألم تكن تفصيلاً على جمال مبارك شخصياً؟.. ألم تكن كل الأمور تؤدى إليه؟.. ألم تكن تستبعد كل الأطراف عدا «جمال»؟.. كيف تقول هذا وقد كنت رئيساً للبرلمان؟.. ألم تكن تصل إلى مسامعك مثلاً همسات النواب؟.. ألم تكن تقرأ الصحف وتشاهد الفضائيات؟!
وفى الحوار نفسه تقول إنك اعتذرت عن عدم رئاسة برلمان 2010.. وقلت لهم «كفاية سيبونى فى حالى».. فلماذا كنت تعتذر بعد عشرين عاماً فى البرلمان؟.. ولماذا ألح عليك صاحب القرار، وقال: «معلش.. علشان خاطرنا»؟.. هل كنت تريد أن تنجو مبكراً، وتقفز من المركب؟.. كان من الجنون توريث جمال مبارك.. وكان من الجنون أيضاً إخلاء المجلس من المعارضين، حتى أصبح المجلس «مسخرة» بين الأمم!
وللأسف يا دكتور سرور أنت الذى تفكرنا بالأسية.. وأنت الذى تقلّب علينا المواجع.. وللأسف تنكر التوريث مع أنه كان ساطعاً مثل الشمس.. وتنكر أنك قد ساهمت فى ترسيخ التوريث بالإجراءات السياسية والقانونية.. يا دكتور أنتم الذين أفسحتم المجال أمام الإخوان فى السر، وقلتم فى العلن إنها جماعة محظورة.. كيف يمكن لجماعة محظورة أن تبنى إمبراطورية اقتصادية، ويدخل منها البرلمان 88 نائباً؟!
وأخيراً، برغم اختلافى معك يا دكتور سرور فى كثير من الأمور، أتفق معك أنه لولا السيسى كنا «روحنا فى داهية»، وأتفق معك أن 30 يونيو ثورة، ولكن أيضاً 25 يناير كانت ثورة على الفساد والاستبداد السياسى.. ثورة على الاحتكار فى الحكم.. وأتفق معك أن تعدد الأصوات مهم فى السياسة، حتى لا نرى أنفسنا فقط!.