عندما يشارك المنتخب التونسي في نهائيات كأس الأمم الأفريقية الحادية والثلاثين، التي تستضيفها الجابون، من 14 يناير الحالي إلى الخامس من فبراير المقبل، سيكون هدف الفريق هو تعويض ما فاته على مدار السنوات الماضية، والتي فشل خلالها في ترك أي بصمة جيدة، رغم التاريخ الحافل لهذا المنتخب.
ومنذ فوز المنتخب التونسي «نسور قرطاج» بلقب كأس الأمم الأفريقية في 2004، على أرضه، تراجع حضور الفريق بشكل كبير على الساحتين الأفريقية والعالمية، حيث خرج صفر اليدين من الدور الأول لبطولة كأس العالم 2006 بألمانيا، وخرج من دور الثمانية في كأس أفريقيا أعوام 2006 و2008 و2012 و2015، ومن الدور الأول للبطولة في 2013.
ويطمح الفريق حاليًا إلى تحسين صورته واستعادة توازنه، بعد الإخفاق في بلوغ نهائيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا وكأس العالم الماضية عام 2014 بالبرازيل.
لذلك سيتعامل نسور قرطاج مع البطولة الأفريقية الجديدة في الجابون بشعار «حياة أو موت».
ويحظى المنتخب التونسي بسمعة رائعة ليس على مستوى القارة الأفريقية فحسب وإنما أيضًا على المستوى العالمي نظرًا لمشاركته في بطولة كأس العالم أربع مرات سابقة أعوام 1978 و1998 و2002 و2006، ولكن الفريق لم يحقق نفس النجاح في السنوات القليلة الماضية.
ورغم تذبذب نتائج المنتخب التونسي في تصفيات كأس الأمم الأفريقية، منذ مشاركته الأولى في البطولة عام 1962 وحتى مطلع التسعينيات، حيث وصل الفريق بعدها للنهائيات أربع مرات فقط على مدار ثلاثة عقود، أصبح «نسور قرطاج» عنصرًا منتظمًا في النهائيات منذ عام 1994 وحتى الآن.
والبطولة القادمة في الجابون هي المشاركة الثالثة عشر على التوالي للفريق في النهائيات، والثامنة عشر له في تاريخ البطولة.
وبدأ المنتخب التونسي مشاركاته في كأس أفريقيا بقوة، حيث وصل للمربع الذهبي في بطولة 1962 بإثيوبيا، ولكنه خرج من الدور الأول في البطولة، التي أقيمت في غانا 1963، ثم أحرز المركز الثاني في البطولة التالية التي استضافتها بلاده عام 1965.
وبعدها غاب الفريق عن النهائيات منذ بطولة عام 1968، حتى عاد للمشاركة في نسخة 1978 بغانا وأحرز فيها المركز الرابع.
وغاب الفريق بعد هذا عن النهائيات حتى بطولة عام 1992، باستثناء مشاركته في نهائيات 1982 بليبيا، والتي خرج فيها الفريق من الدور الأول للبطولة.
ولكن مع استضافة تونس للبطولة عام 1994، عاد «نسور قرطاج» للظهور في النهائيات، لكن إقامة البطولة على ملعبهم لم يغير من الأمر شيئًا، حيث خرج الفريق من الدور الأول للبطولة صفر اليدين.
ويبدو أن هذا الخروج المبكر تسبب في انتفاضة حقيقية لكرة القدم التونسية، فأصبح الفريق على مدار السنوات العشر التالية من القوى الكروية الكبيرة على الساحة الأفريقية، ففاز الفريق بالمركز الثاني في بطولة 1996 بجنوب أفريقيا، بعد الهزيمة في المباراة النهائية أمام أصحاب الأرض.
كما وصل الفريق لدور الثمانية في بطولات 1998 و2006 و2008 وللدور قبل النهائي في 2000، بينما خرج من الدور الأول عام 2002.
وفي نفس هذه الحقبة الزمنية، بين أواخر القرن الماضي والسنوات العشر الأولى من القرن الحالي، انتزع «نسور قرطاج» بطاقة تأهلهم لكأس العالم ثلاث مرات متتالية، ورغم خروجهم من الدور الأول في البطولات الثلاث، ترك الفريق أثرًا جيدًا في هذه المشاركات.
ولكن أبرز إنجازات المنتخب التونسي على الساحة الأفريقية تحققت عندما استضافت تونس البطولة عام 2004، حيث نجح الفريق في إحراز اللقب الأفريقي للمرة الأولى في تاريخه، بقيادة المدرب الفرنسي روجيه لومير، الذي قاد المنتخب الفرنسي سابقًا للفوز بكأس الأمم الأوروبية عام 2000، ليكون أول مدرب في العالم يحقق إنجاز الفوز ببطولتين قاريتين في تاريخ اللعبة.
ومع خروج الفريق مبكرًا في النسخ الست الماضية منذ 2006 وحتى 2015، وفشله في بلوغ المونديال في عامي 2010 و2014، يحتاج المنتخب التونسي، بقيادة مديره الفني البولندي هنري كاسبرزاك، إلى استعادة بريقه عندما يشارك الفريق في بطولة كأس أفريقيا 2017 بالجابون.
وشق الفريق مسيرته إلى النهائيات بنجاح، حيث تصدر المجموعة الأولى في التصفيات برصيد 13 نقطة، من أربعة انتصارات وتعادل واحد وهزيمة واحدة، ليتفوق على منتخب توجو، الذي احتل المركز الثاني برصيد 11 نقطة، ورافق «نسور قرطاج» إلى النهائيات.
لذلك، يسعى الفريق إلى تأكيد جدارته بالتأهل من خلال عروض قوية في النهائيات ومنافسة حقيقية على اللقب، لاسيما وأنه يخوض النهائيات هذه المرة بقيادة مدرب يمتلك خبرة كبيرة اكتسبها من العمل لسنوات طويلة مع أندية عريقة إضافة لتوليه تدريب عدة منتخبات أفريقية.
ويمتلك «كاسبرزاك» خبرة هائلة بالبطولة الأفريقية بحكم عمله السابق مع منتخبات كوت ديفوار ومالي والسنغال، كما أنها المرة الثانية التي يقود فيها «نسور قرطاج»، حيث سبق له تدريب الفريق في الفترة من 1994 إلى 1998.
وعلى عكس ما كان عليه الحال في البطولات التي خاضها المنتخب التونسي في السنوات الماضية، سيعتمد مدرب المنتخب التونسي في البطولة الأفريقية المرتقبة على مجموعة من اللاعبين ينشط معظمهم في الأندية التونسية، مع عناصر قليلة للغاية من المحترفين بأوروبا.
ويعتمد «كاسبرزاك» في حراسة المرمى على خبرة أيمن المثلوثي، 32 عامًا، حارس النجم الساحلي التونسي، وفي الدفاع على أيمن عبدالنور فالنسيا الإسباني«، على معلول»الأهلي المصري«، صيام بن يوسف»كان الفرنسي«، حمزة المثلوثي»الصفاقسي التونسي«، وفي الوسط على يوسف المساكني»لخويا القطري«، وهبي الخزري»سندرلاند الإنجليزي«، الفرجاني ساسي»الترجي التونسي«ومحمد أمين بن عمر»النجم الساحلي التونسي«، وفي الهجوم على صابر خليفة»الأفريقي التونسي«وأحمد العكايشي»اتحد جدة السعودي«.
وأوقعت قرعة البطولة المنتخب التونسي في مجموعة الموت، مع منتخبات الجزائر والسنغال وزيمبابوي، مما يضاعف من صعوبة المهمة على الفريق ومديره الفني.
ويستهل الفريق مسيرته في البطولة بلقاء مثير أمام السنغال، 15 يناير الحالي، ثم يلتقي منتخبي الجزائر وزيمبابوي، في 19 و23 من الشهر نفسه.