قال طارق شكرى، رئيس غرفة التطوير العقارى باتحاد الصناعات، إن عام 2017 سيشهد مزيدا من التحديات أمام القطاع مع ارتفاع تكلفة الإنتاج وما يصاحبها من ارتفاعات كبيرة فى أسعار الوحدات، فى ظل تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، الأمر الذى يفرض على الشركات وضع حلول مبتكرة لخفض تكلفة إنتاجها من ناحية، ومن ناحية أخرى وضع آليات تعيد حلقة الوصل بينها وبين الراغبين فى الشراء.
وأضاف شكرى، فى حوار لـ«المصرى اليوم» أن الغرفة ستطرح على المسؤولين عدة مبادرات، منها مبادرة البنك المركزى للتمويل العقارى لتشمل الوحدات التى يتراوح سعرها ما بين مليون و3 ملايين جنيه، إلى جانب مبادرة تسمح بحصول الأجانب على إقامة مؤقتة مقابل إيداع مبلغ بـ«الدولار» فى البنك المركزى، يتم تحويله إلى جنيه يستخدم فى شراء وحدة سكنية، وأن يتم رهن الإقامة بتملكه الوحدة.. وإلى نص الحوار:
■ ما توقعاتكم للقطاع العقارى خلال العام الجديد؟
- لو بحثت فيما مر به القطاع خلال العام الماضى من قرارات اقتصادية جريئة أثرت على كافة مناحى الحياة، سأجد أننى وفق تلك المعطيات، متفائل بشدة على المدى المتوسط والطويل، ولكنى أتوقع أن يمر القطاع بمرحلة تحديات خلال عام 2017، حيث ستكون لدينا صعوبات وتحديات بالغة لم نشهدها من قبل، وهذا يتطلب منا اختلافا فى التفكير وخروجا على التقليدية فى معالجة تلك التحديات، فالاقتصاد المصرى لأول مرة يخرج من مرحلة الوهم إلى الحقيقة، ولدينا أسعار حقيقية لكل شىء ابتداء من سعر العملة، وقد واجهنا أخيرا المرض ومرحلة العلاج الأولى يتبعها بالتأكيد مزيد من الآلام والأوجاع الاقتصادية، وهذه المرحلة فى اعتقادى لن تزيد على عام.
■ ما الصعوبات التى ستواجه القطاع العقارى خلال تلك الفترة؟
- لدينا خمسة تحديات رئيسية، أولها الارتفاع الهيستيرى فى أسعار مواد البناء، بزيادات لم يشهدها هذا القطاع من قبل وصلت فى مجملها إلى 40% من التكلفة العامة، وبعض البنود ارتفعت من 70% إلى 120%، أما التحدى الثانى فهو الارتفاع الكبير فى أسعار الأراضى التى تحصل عليها شركات التطوير العقارى لتنفيذ مشروعات البناء، وآخر طرح تم للأراضى فى مدينة مثل مدينة المستقبل، وهى مدينة مازالت بكرا، وصل سعر المتر فيها إلى 2100 جنيه، وسترتفع فى المزادات المقبلة، وبالتالى فإن أقل سعر للأرض يمكن أن تحصل عليه الشركة لإقامة مشروع بمنطقة مثل القاهرة الجديدة لن يقل عن 4500 جنيه، فى حالة السداد النقدى، وبتكلفة الفوائد على مدد التقسيط مع الوزارة يصل إلى 6000 جنيه، أما التحدى الثالث فيتعلق بارتفاع تكلفة القوى البشرية بما لن يقل عن 30%، والتحدى الرابع هو عمليات سحب السيولة التى تتم فى السوق، خاصة فى ظل الفوائد المغرية التى تقدمها البنوك إلى المواطنين، كما أن تلك المعدلات المرتفعة تضع الشركات أمام تحدٍ لاستهداف معدلات أرباح أعلى من عوائد البنك، وإلا كانت اكتفت بتسييل استثماراتها ووضعها فى البنك لتحقيق عائد 20%، وهذا يستلزم أن تسعى الشركات إلى رفع ربحيتها لما يقارب 25% ليكون الاستثمار مجزيا لها، وهو أمر صعب جدا حاليا، أما التحدى الأخير والأصعب فهو ضعف القدرات الشرائية للمشترى فى مواجهة الأسعار الجديدة، وشركات التطور والتى لديها منتج اضطر مع ظروف السوق والتحديات السابقة إلى زيادة ثمنه، فقبل 6 أشهر كان المشترى يستطيع أن يقدم على خطوة الشراء وحاليا أصبح الأمر أصعب.
■ ما الزيادة المتوقعة فى أسعار الوحدات خلال العام الجديد فى ظل التحديات السابقة؟
- التحركات السابقة فى أسعار مواد البناء وتكلفة الإنتاج ستقود السوق إلى ارتفاعات تتراوح ما بين 25% و30%، مقارنة بالأسعار فى عام 2016، فالسوق لن تستطيع أن تستمر أو تنمو فى ظل معدلات الزيادة التقليدية ما بين 10-15% سنويا، وأعتقد أن معدلات الزيادة المرتفعة لن تقتصر على عام 2017 بل قد تمتد حتى عام 2019، ويمكن بعدها الرجوع إلى معدلات الزيادة التقليدية فى الأسعار.
■ إلى أى مدى ستؤثر سلبا الشهادات الادخارية ذات العائد المرتفع على الطلب على العقار باعتباره الملاذ الآمن؟
- بالتأكيد ستكون لها تأثير سلبى على سحب السيولة، ولكن مهما كانت العائدات على تلك الودائع، فإنه لا يمكنها أن تزيح عن العقار صفته كملاذ آمن للمدخرات وقدرته على تحقيق معدلات ربحية سريعة للمواطن، فلو قارنا العائدات على تلك الشهادات خلال العام ونصف فإنها ستكون فى حدود 30% مثلا، فى وقت من المتوقع أن تشهد أسعار العقارات فيه زيادات لن تقل عن 40%، وبالتالى بمقارنة قيمة المسدد من أقساط ستكون نسبة العائد للمواطن أعلى كثيرا، وبذلك يظل الاستثمار فى العقارات هو الرائد فى هذا الأمر دون أدنى شك.
■ ما الحلول المتاحة أمام الشركات للتعامل مع تلك المشكلات؟
- المشكلات التى نواجهها الآن ليست مشكلات تقليدية، وبالتالى فإن الحلول يجب أن تكون مبتكرة وغير تقليدية أيضا، فلا يجب أن نعالج الأمور بنظرة العام الماضى، وأول شىء علينا عمله هو التخلص من النظرة التقليدية للمساحات الكبيرة غير المستغلة واللجوء إلى الوحدات الاقتصادية، والاستغلال الأمثل للمساحات، الأمر الثانى يتعلق بتخفيض تكلفة الإنشاءات، والتى تعد فى مصر هى الأعلى، فتكلفة المبنى فى مصر ترتفع عن مثيلتها فى دول أخرى، مثل جنوب أفريقيا بنسبة 20%، فعند وضع التصميمات يتم احتساب كميات استهلاك أعلى من الخرسانات والحديد كمعامل أمان، نظرا للتوقعات بضعف مستوى التنفيذ لانخفاض العمالة المدربة.
■ لجأت إلى مد آجال السداد للمشترين لـ10 سنوات كمحاولة لجذب مزيد من العملاء.. ما تقييمك لتلك الخطوة؟
- قيام الشركات بعمل عروض ترويجية أمر تشوبه مخاطر كبيرة ما لم تكن هناك أدوات مالية بالتنسيق مع البنوك لإحالة أقساط العملاء الآجلة وتحويلها لسيولة للشركة تمكنها من الاستمرار فى دفع أعمالها، وهذه الأدوات تقلل الخطورة، كما أنه يجب على المطور سرعة تنفيذ المشروع وتسليم الوحدات حتى لا يتعرض لمخاطر فروق الأسعار بعد سنوات.
■ ما الآليات التى يمكن من خلالها إعادة حلقة الوصل المفقودة حاليا بين المشترى والوحدة؟
- إحدى تلك الآليات كما أوضحنا من قبل تخفيض التكلفة وتخفيض المساحات، أما الآلية الأهم حاليا فهى مبادرات التمويل العقارى بفوائد منخفضة، وبمدد سداد طويلة وهذا لا يتوفر إلا من خلال مبادرة البنك المركزى، والتى حققت نحاجا كبيرا، وهذه المبادرة كانت مقصورة على الوحدات من 300 ألف جنيه حتى 950 ألف جنيه، ولكن مع انخفاض قيمة الجنيه أصبح من الضرورى إطلاق شرائح جديدة ضمن المبادرة تصل إلى حدود 2 مليون و3 ملايين جنيه، مع زيادة الفوائد المستحقة للشرائح الجديدة.
■ ما معدلات النمو المتوقعة فى السوق؟
- التوقعات تشير إلى تحقيق معدلات نمو خلال العام تصل إلى 16%، وهى نفس النسبة التى كنا عليها عام 2010، مقارنة بـ12% خلال العام الماضى، و4% خلال عام 2011، كما أنه من المتوقع أن يرتفع خلال الأعوام الثلاثة المقبلة إلى 20%، بسبب المشروعات التنموية الجديدة مثل الإسكان الاجتماعى والعاصمة الإدارية ومشروعات القطاع الخاص أيضا.
■ مع بداية العام الجديد.. هل لديكم مبادرات يمكن طرحها على الحكومة للمساهمة فى علاج المشكلات التى نواجهها حاليا؟
- الغرفة لديها 3 مبادرات مهمة سوف تقوم بعرضها على المسؤولين، تتعلق بالاقتصاد الكلى ومن شأنها أيضا إحداث طفرة فى الطلب بسوق العقارات، المبادرة الأولى ستسهم فى تحسين الاستثمار وجلب مزيد من الدولارات إلى الجهاز المصرفى وهى تجربة مطبقة فى أغلب دول العالم، وتتعلق بمنح إقامة مؤقته للأجانب، شريطة تحويل ما لا يقل عن 250 ألف دولار إلى البنك المركزى من الخارج، يتم تحويلها لجنيه مصرى، وتستخدم فى شراء وحدة سكنية، وهذا بشرط الموافقات الأمنية المدققة لهذه الطلبات، والأمر لا يتعلق نهائيا بمنح جنسية، فنحن لا نبيع جنسيتنا لأحد، وإنما مجرد إقامة مؤقتة مرهونة بامتلاكه للعقار، فدول العالم حققت عائدات كبيرة عن طريق ربط الإقامة بتملك الوحدة، وتوفير قاعدة بيانات عن المقيمين.