لم يجد محمد أبوالوفا، ذلك الصياد الذى بلغ من العمر 56 سنة، سوى بحيرة مريوط التى يحب أن يطلق عليها اسم «الملاحة»، ليشكى لها همومه، وكيف لا، وقد أفنى كل حياته فيها، فمنذ كان طفلاً فى السادسة من عمره اصطحبه والده ليعمل معه فى البحيرة، وقتها كان يشاهد أقرانه من الأطفال يلهون فى الطرقات، بينما أصبح هو أسيراً للبحيرة، التى أخذت من عمره 50 عاماً قضاها وسط مياهها.
سنوات أبوالوفا فى البحيرة منعته من التعلم، لكنه حمد ربه على ما بيده من نعمة، وهى 5 أولاد ظل يكد ويجتهد لتعليمهم إلا أن غضب البحيرة عليه أصابه بمرض البلهارسيا، على حد قوله، وفى النهاية أصبح يتقاضى 80 جنيهاً معاشاً من التأمينات مطلوب منه أن يصرف منها على زوجته وأولاده، ويبلغ أصغرهم 17 عاما وهى فتاة تمت خطبتها مثل قرينتيها الأخريين وعمرهما 19 و21 سنة.
يقول أبوالوفا الذى التقته «إسكندرية اليوم» وسط مياه بحيرة مريوط: «من وأنا عندى 6 سنين وأنا شغال فى البحيرة لا رحت مدارس ولا أعرف لى شغلانة غير دى، البحيرة الرزق قل فيها بشكل كبير والعشرة الجنية اللى كنت بجيبها زمان وبتكفينا، لم تتغير ولكنها اليوم لا تكفى.. تكفى ازاى وأنا معايا 5 عيال وأمهم وبعد ما وصلت لستة وخمسين سنة هصرف إزاى على العيال وأجهز البنات ازاى».
ويضيف: «50 سنة شغالين فى البحيرة المرض مسكنا فمن المياه جالنا بلهارسيا وشوفنا المرار وحيلنا اتهد، ولا شوفناش أى حد من المسؤولين بيسأل علينا». مؤكداً أن عمله يبدأ من «الفجر لحد آخر النهار، وفى آخر النهار برجع مهدود حيلى بترمى على السرير علشان ارجع تانى يوم للبحيرة اصطاد السمكتين و أبيعهم مرة بعشرة جنيه ومرة بـ 12، بس فى النهاية مش بيكفونى وأصبحت مديون للجميع».
ويطالب أبوالوفا الذى بدأت دموعه تنساب أثناء حديثه بـ«نظرة من المسؤولين للصيادين الذين نسوهم، وضرورة رفع المعاشات التى يتقاضونها وتوفير تأمين صحى لهم بعد ان أقعد المرض غالبيتهم»، لينهى حديثة قائلاً: «أمنية حياتى أجوز البنات، علشان أحس أنى قدرت أعمل حاجة فى حياتى بعد أن أنهيت عمرى كله فى الملاحة».