يترقب العالم فى 2017 الانتخابات التى ستشهدها العديد من الدول الأوروبية مثل ألمانيا وهولندا لأنها قد تسفر عن استكمال اليمين المتطرف لنجاحاته فى 2016، بعد تصويت بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبى، والذى أسفر عن الإطاحة بحكومة رئيس الوزراء البريطانى السابق ديفيد كاميرون، وبعد رفض التعديلات الدستورية التى عرضتها حكومة ماتيو رينزى الإيطالية، والتى أدت إلى استقالته، وتتجه الأنظار حاليا إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التى قد تصبح الضحية المقبلة لإعصار اليمين المتطرف والتيارات الشعبوية التى تغزو العالم.
ويتسم خطاب اليمين المتطرف بالنفور من النظام الديمقراطى التقليدى ونخبه، ويرفض الالتزام بالمؤسسات الرسمية، وهو ما يتجلى فى حرصه على الانتقاص من شرعية النظم القائمة، كما يهاجم «الحرية المفرطة وضعف هيبة الدولة».
ففى ألمانيا، التى ينظر لمستشارتها ميركل كآخر رمز فى أوروبا لم يزل صامدا أمام اليمين المتطرف، إلا أن سياستها المنفتحة فى ملف اللاجئين، جلبت لها انتقادات واسعة، فبعد هجمات منسوبة للاجئين، استغلها حزب «البديل لأجل ألمانيا» اليمينى المناهض للمهاجرين حقق فوزا لافتا فى الانتخابات الإقليمية.
وفى 2017 قد تسفر الانتخابات عن الإطاحة بميركل التى تخوض اختبارا صعبا حيث تنافس على ولاية رابعة بينما يعانى حزبها من انقسام بسبب سياستها المرحبة باستقبال اللاجئين، وتراجع فى انتخابات برلين العام الماضى، لكن الحزب لجأ لمواجهة
صعود اليمين لاتخاذ سياسات أكثر يمينية تجاه اللاجئين مستهدفا سحب البساط من الحركات المتطرفة مثل حركة «القوميون الأوروبيون ضد أسلمة الغرب»، «بيجيدا»، التى تطالب برحيل ميركل.
وفى هولندا، التى تشهد فى مارس المقبل، انتخابات تشريعية، تتصدر قضية اللاجئين أبرز القضايا التى تثير جدلا فى برامج الأحزاب المشاركة، ويسعى حزب «الحرية» اليمينى المتطرف، الذى يتصدر استطلاعات الرأى، وزعيمه المعادى للإسلام جيرت فيلدرز لاستغلال تنامى اليمين المتطرف، وتقديم نفسه كحام لهولندا ضد «خطر الإسلام»، ويقوم برنامجه على «القضاء على أسلمة البلاد من خلال إغلاق كافة المساجد وحظر القرآن»، وإغلاق الحدود، ومنع ارتداء غطاء الرأس فى الوظيفة العامة ومنع عودة الأشخاص الذين انضموا إلى تنظيمات متطرفة مثل «داعش»، كما يطالب بتنظيم استفتاء فى هولندا حول البقاء فى الاتحاد الأوروبى.
ويعد سقوط رئيس الوزراء الإيطالى السابق ماتيو رينزى، فى استفتاء على التعديلات الدستورية العام الماضى، ضربة جديدة للمؤسسات الأوروبية، ويمكن أن يسفر أى فوز لحركة «النجوم الخمسة» الإيطالية المعروفة برفضها الاتحاد، فى إرسال إشارات على قرب حدوث تغيير حكومى فى إيطاليا عام 2017، ويراقب شركاء إيطاليا فى اليورو، الدولة المثقلة بالديون ومصارفها المتداعية بعدم ارتياح، فإيطاليا على عكس اليونان والبرتغال، أكبر من أن يجرى إنقاذها لضخامة ديونها وحجم اقتصادها.
وكان الاستفتاء على العضوية فى الاتحاد الأوروبى، أحد مقترحات «5 نجوم» كحل للتخلص من الأزمة الاقتصادية التى تعصف بالبلاد، وساهم حشد الحركة، خسارة رينزى الاستفتاء.
وهزت النجاحات التى حققها الشعبويون، الأحزاب العريقة وأصبح للأحزاب الأوروبية المعارضة للاتحاد 174 من إجمالى 751 عضوا فى البرلمان الأوروبى منذ 2014. وحقق المشككون فى الاتحاد المزيد من النجاح فى الانتخابات التى أجريت فى 6 من إجمالى 16 من الانتخابات الوطنية فى دول الاتحاد، وهى الدنمارك وأستونيا ولاتفيا وبولندا والسويد وسلوفاكيا، وتحكم أحزاب معارضة للاتحاد فى 7 دول من إجمالى 28 دولة أعضاء فى الاتحاد.
ويرى الباحثان فى الشأن الأوروبى رونيا كيمبين وهانز ماول أن «الاتحاد الأوروبى يتواجد فى مركز زلزال سياسى يهز النظام الأوروبى». وحذر الحزب الاشتراكى الأوروبى، من أن الاتحاد «مهدد» من السياسات الليبرالية الجديدة والمحافظة واليمين المتطرف.
وقال فى بيان بعنوان «إنقاذ أوروبا»، إن «تدابير التقشف غير الحكيمة، وتصاعد عدم المساواة، وانعدام الأمن، وفرت أرضاً خصبة لليأس، وهو ما يستفيد منه الشعبويون لنشر الأكاذيب والكراهية والانقسام».