عائشة وإيفون.. سنوات طويلة من الصداقة فى منزل واحد

كتب: مها بهنساوي السبت 08-01-2011 20:24

فى الوقت الذى امتلأت فيه شوارع شبرا بالمظاهرات للتنديد بحادث كنيسة القديسين، فى الإسكندرية، أطلت سيدتان من شرفة أحد المنازل، تنظران باستغراب شديد لما يحدث فى الشارع، تتناقشان حول لافتات الوحدة الوطنية وصور الهلال مع الصليب، كأنهما بعيدتان كل البعد عما يحدث، تتشاركا فى تناول الفاكهة وسط ضحكات يتخللها حديث جانبى «إيه موضوع المسلمين والمسيحيين ده، هو فيه مسلم خاصم مسيحى أو العكس»، إحداهما تكبر الأخرى بسنوات، وإن كان هذا ليس الفرق الوحيد بينهما، فأثناء المظاهرة طلبت «عائشة» من ابنتها أن تناولها «الطرحة» لتقف فى الشرفة، بينما وقفت «إيفون» بجوارها يتدلى من رقبتها صليب كبير.


عشرات السنين هى عمر صداقة إيفون وعائشة، جارتان لا يفصلهما عن بعض سوى درجات سلم طابق واحد، غالباً ما تكثر عليه حركة الأبناء صعوداً وهبوطاً، حضرت «المصرى اليوم» ليلة عيد الميلاد معهما، لترصد أجواء استعدادات البيتين للعيد، فعندما بدأت إيفون تحضير طعام الإفطار، انتهت عائشة من إعداد الغداء لأسرتها باكراً حتى تترك المجال لجارتها التى تستعين بمطبخها فى هذا اليوم، ورغم أنه ليس حالة استثنائية، إلا أنها تستعد له بشكل أكبر، لعلمها بأنه اليوم الذى ينتظره الأقباط للإفطار على اللحوم والطيور بشكل كبير.


تقف إيفون فى مطبخ جارتها تحضر «صينية رقاق»، بينما تقف بجوارها عائشة، تغسل الأطباق والأدوات التى استخدمتها، تطلب الأولى «حلة» كبيرة لسلق الدجاج بها، وتضعها على النار وتصعد دقائق لتطمئن على باقى الطعام، بينما تظل الثانية واقفة بمطبخها تتابع «الرقاق» وتغير مكانه بين الحين والآخر ليكون كامل الطهى داخل الفرن.


لحظات وتقترب الساعة من الخامسة، تترك إيفون منزلها وتمر على جارتها فتقول «ماتنسيش يا عائشة تطلعى بعد ربع ساعة عشان تطفى البوتاجاز عندى على ما يكون الأكل استوى، أنا نازلة ومش هتأخر»، تغلق عائشة بابها وكأنها اعتادت سماع تلك الجملة فى هذا الوقت تحديداً وتقول «معاد القداس قرب، وهى ذهبت إلى الكوافير عشان تلحق تعمل شعرها وتيجى تلبس لبس العيد وتروح مع ولادها وزوجها القداس»، تمر دقائق تقسم فيها عائشة جهودها بين المطبخين، وبمجرد أن تنتهى من مهمتها يأتى بيشوى، ابن إيفون ليسألها عن رأيها فى «لبس العيد» فتحذره من برودة الجو وتطلب منه ارتداء «جاكت» أو «كوفية».


يمر الوقت وتأتى إيفون من مشوارها، تأخذ طعامها بمساعدة ابنة جارتها وتصعد إلى منزلها، وبمجرد انتهائها من الاستعداد للذهاب للقداس، تعود لمنزل عائشة لترتاح من عناء اليوم باحتساء كوب من الشاى وتناول الفاكهة، وبمجرد سؤالهما عن رأيهما فى أحداث الإسكندرية، تلتقط كل منهما الكلمات من الأخرى لتعبرا عن مدى أسفهما لما حدث.


وأثناء مشاهدتهما التليفزيون الذى رفع شعار «الهلال مع الصليب» فى أغلب قنواته، تتبادلان النكت عن المسلمين والمسيحيين، فتعلو أصوات الضحكات نفسها من كلتيهما، ولا تختلفان إلا فى طريقة إلقاء النكات.