لوكاس أوربان.. البطل الصامت في «حادث دهس برلين»

كتب: دويتشه فيله الخميس 22-12-2016 21:47

من إيطاليا إلى برلين ثم العودة إلى بلدته في بولندا. كان يفترض أن تكون هذه هي الرحلة الأخيرة هذا العام للسائق البولندي لوكاس أوربان. لكن رحلته انتهت قبل الأوان بمأساة في برلين. وأهل بلدته في حالة حزن لفقدان بطلهم الصامت.

كان لوكاس أوربان يريد أن يكون في منزله اليوم ويساعد في التجهيز لعيد الميلاد (الكريسماس)، بيد أن القدر كان له رأي آخر. في قرية «روزنوفو» البولندية الصغيرة، التي تبعد نحو 200 كليومتر عن العاصمة الألمانية برلين، دخلت زوجته وابنه صاحب الـ 17 عاما في حالة حداد. فلوكاس المغدور، هو سائق الشاحنة المخطوفة، التي استخدمت مساء الاثنين الماضي كسلاح في الهجوم على سوق عيد الميلاد في قلب برلين.

يصفه زملاؤه بأنه «كان واحداً، من الذين يوثق بهم»، وهو ما يؤكده أيضا أريل زورافسكي، ابن خالة لوكاس، وهو أيضا صاحب شركة الشحن، التي كان يعمل فيها السائق القتيل.

كان لوكاس ضخم الجسم وأطلق عليه زملاؤه في العمل لقب «المفتش» كنوع من المزاح. ويقول ابن خالته «كان لوكاس دقيقا جدا ومنظما ومعه كنت أثق في أنه ستتم دائما مراعاة جميع القوانين ومواعيد السفر، وقوانين المرور بنسبة مائة في المائة. الأشخاص مثله لم يعد لهم وجود اليوم في سوق العمل.» لقد كان رجلا صالحا، يقول زملاؤه المصدومون.

عندما رأى زورافسكي إشارة الشاحنة على جهاز تحديد المواقع «جي بي اس» بعد ظهر يوم الاثنين، توقع على الفور أن هناك شيئا ما خطأ. كان ينبغي أن تنتظر السيارة أمام مخزن شركة «توسن كروب» بالقرب من ضفة نهر «شبريه»، لكنها انحرفت فجأة بحمولتها البالغة 25 طنا من الفولاذ، نحو حديقة الحيوان بغرب برلين، و«كان ذلك نذير شؤم كبير»، يقول زورافسكي، صاحب شركة الشحن. وبعد ساعات قليلة رأى الرجل شاحنته على شاشة التلفزيون.

وقال: «كنت منذ البداية متأكداً تماما أن هذا لا يحدث من لوكاس. فنحن نعرف بعضنا البعض منذ الطفولة.. كنت أعرف أنه يمكنني أن أضع يدي في النار من أجله ونحن جميعا هنا أصبنا بصدمة كبيرة».

مقاتل الصورة التي رسمها الزملاء لشخصية السائق لوكاس أوربان تتطابق مع ما قيل عنه من أنه على ما يبدو حاول حتى الثواني الأخيرة منع وقوع الكارثة. وربما يكون السائق البولندي قد استطاع فعلا منع كارثة أكبر، كان سيقع فيها عدد أكبر من الناس تحت عجلات الشاحنة الضخمة، حسب ما تتكهن بعض وسائل الإعلام الألمانية.

ويعتقد زورافسكي أن ابن خالته قاتل حتى النهاية. وقد قدمت له الشرطة الألمانية صورا ليتعرف عليه، «كان من الواضح فيها أنه تعرض لضربات وجروح واعتقد أن دافع عن نفسه وقاتل»، يقول صاحب شركة الشحن. أما العمال في الشركة فيؤكدون أن «هذا يتناسب مع شخصيته.» صدمة عميقة في القرية حالة من الصدمة العميقة تسيطر على أهل قرية السائق، والبالغ عددهم 200 نفس تقريبا. الجيران مذهولون، أما والده فقد تعرض لانهيار مساء يوم الاثنين عندما رأى الصور على شاشة التلفزيون، وتوجب نقله إلى المستشفى على الفور.

لوكاس أوربان كان يعيش في نفس المنزل مع والديه ويعتني بهما، حسب ما ذكرت السيدة ألينا، إحدى جاراته. وتقول المرأة إنه كان مهذبا دائما وهي تعرفه منذ سنوات طويلة، لأنه صديق لابنها. لا حديث لأهل القرية هذه الأيام إلا عن لوكاس المغدور. وفي لقاءاتهم في محل البقالة أو في الكنيسة يواسي بعضهم بعضا. فالحديث يساعدهم على التعامل مع الصدمة. إنهم يتحدثون ويصلون معا من أجل راحة بال بطلهم البالغ من العمر 37 عاما وعائلته. «إن بالنا حاليا مع عائلة لوكاس، فهذه الكارثة قلبت حياتها رأسا على عقب»، تقول تيريزا نيفيادومسكا، المتحدثة باسم بلدة روزنوفو. في الوقت الخطأ والمكان الخطأ قليلون في القرية هم من يريدون الحديث مع الصحافة، فأهل القرية يريدون ترك العائلة لترتاح. كما يقوم مركز رعاية الأسرة وأخصائيون نفسيون برعاية أهل الميت. وتقول نيفيادومسك «يجب علينا أن نحترم حالة اليأس والحزن لدى أقارب لوكاس. وإذا لزم الأمر فإن القرية كلها ستقدم يد المساعدة».