«المصرى اليوم» ترصد المهمة «شبه المستحيلة» لشراء السكر

كتب: مي هشام الأربعاء 21-12-2016 21:39

للشهر الثالث على التوالى تتواصل أزمة السُكر التى بدأت مع أوائل شهر أكتوبَر من العام الجارى، مُعلنة عن نفسها بشُح المعروض من السُكر فى المُجمعات الاستهلاكية، والسلاسل التجارية، والبقالات الصغيرة، بدرجات تكاد تصل لحد الاختفاء فى بعض الأحيان، مّنذِرة بهيستريا شعبية، فضلاً عن بروز بوادِر سوق سوداء لتداول السُكر ببورصة مُستقلة عن التسعيرة الرسمية. وفى حين تواصلت الجهود الحكومية لمُداهمة أوكار المُحتكرين على مدار أشهُر الأزمة، ودعم السوق بأطنان من أكياس السُكر الرسمى المُخصص للبيع الحُر، إلا أن الأزمة دخلت فى شهرها التالى، ليرتفع سعر كيس السُكر فى بورصتها إلى 20 جنيها للكيلو الواحد. «المصرى اليوم» حاكَت رحلة المواطِن لتبضُع كيس سُكر، والتى كادت تتحول لمهمة شبه مستحيلة.

يوفِر مُجمع الفلكى الاستهلاكى، التابع لسلسلة مُجمعات النيل الاستهلاكية، السُكر لحاملى بطاقات التموين وغير الحاملين، بنفس السعر. مع بداية الأزمة، كان سعر كيس السُكر فى المُجمع الاستهلاكى مُحدداً بخمسة جنيهات للتداول الحُر، وحاملى البطاقات. أثناء رحلة «المصرى اليوم» صرّح مسؤول المنفَذ بأن تسعيرة كيس السُكر الحالية 7 جنيهات، وبالرغم من وفود مخزون من السُكر للتداول الحُر 3 مرات أسبوعياً للتداول الحُر لغير المتمتعين بمظلة بطاقات التموين، إلا أنه أثناء مرور «المصرى اليوم» على المنفذ الاستهلاكى كان مخزون التداول الحُر قد نفد بالفعل، ليضطر المنفذ أن يعتذر من الراغبين فى الشراء من غير حاملى البطاقات التموينية.

مُجمع الأهرام الاستهلاكى، بميدان السيدة زينب، وفر بدوره على الوافدين عليه عناء السؤال عن توفر أكياس السُكر المُتاحة للتداول الحُر، أو عارضى الشراء لأعلى سعر، عن طريق لافتتين كُتبتا بلُغة صارِمة وخط واضح أن «سعر كيس السُكر 7 جنيهات»، و«السُكر لحاملى بطاقات التموين فقط». وعلى الجهة الأخرى من قسم السيدة الزينب، اصطفت ربات البيوت لدى سيارة «مُكافحة الغلاء»، والتى توفِر بضائع بأسعار مُخفضة على هامش مُبادرة «الشعب يأمر»، بالتعاون بين وزارة الداخلية وإحدى السلاسل التجارية الشهيرة المُشاركة فى المبادرة. يوفِر المنفذ المُتحرِك أكياس الأرز وزجاجات الزيت والشاى المدموغة باسم السلسلة الشهيرة، فيما يتعذَر وجود السُكر. نادية، ربة منزِل ستينية، تطلُب إلى مُحررة «المصرى اليوم» أن تتأكد من مسؤول المنفذ من عدم وجود السُكر، ثم تشرَح يوميات ربات المنزل فى تبضُع كيس السُكر.

«عربيات الحكومة بتاعت السُكر الحُر بتيجى كل كام يوم قدام القسم»، تُبرر نادية اختيار المقر المُتعارف عليه من قبل القائمين بمنع التدافُع، حيث تُعد سيارات تداوُل السُكر التابعة لوزارة التموين الفُرصة الوحيدة لأهالى المنطقة من غير حاملى البطاقات فى شراء كيس سُكر. تصِل سيارات توفير السُكر المدعوم فى الصباح الباكِر، حسب ربة المنزل الستينية، فيما تتواصَل الجارات سوياً تليفونياً، لإعلام بعضهن بقدوم سيارات السُكر المدعوم، والتى لا تأتى بصفة منتظمة حسبها، وينفَد مخزونها من السكر غالِباً قبل انتصاف النهار.

داخِل فرع السلسلة الشهيرة، والتى توفِر بعض منتجاتها بخصومات خاصة فى سيارة «مُكافحة الغلاء» بميدان السيدة زينب، دون أن يكون السُكر من بينها، يكاد يتماثَل الحال، «لا يوجد سُكر»، يتبرّع مسؤول رف المواد التموينية بسؤال لم يُسأل من المارين بين الرفوف، تُبادِره ربّة منزِل أربعينية «ولا سُكر قوالب حتى»، يجيب البائع بلا.

لتشرَح تحوّل مهمة تبضُع السُكر أخيراً من مهام ربّة المنزِل إلى مهمة رجالية بامتياز، بحسبها، لما تشتمِل عليه من مُخاطرة ومشقة.

بشارع الناصِرية، عرض أحد أصحاب المتاجر التى تقوم بنشاط حِر فى مُساعدة محررة «المصرى اليوم»، التى لاحَظ اختلافها لأكثر من بقال بغير هُدى، لتُجيب «أبحث عن كيس سُكر». فنّد صاحب المتجر الخمسينى خريطة المنطقة، والبؤر التى يحتمل توفُر السُكر بها، مؤكداً «كل الشارع ده لحد سوق الاتنين مفيهوش معلقة سُكر»، مُرشِحاً البحث عن تاجِر جُملة لشراء كيس سُكر منه، وفيما كانت المُحررة تستعِد للرحيل عنه أخبرها بأنه قام قبل يوميّن بشراء عشرين كيلو من السُكر من تاجِر جُملة بمنطقة عين شمس، بسبعة عشر جنيهاً للكيلو، وأنه مُستعِد أن يُنفذها كيساً أو كيسين من مخزون منزِله. ساعة من الزمن طلبها الحرفى لتوفير كيس السُكر، «أنا شاريه على 17، شوفى إنتى عاوزة تدفعى كام؟»، يترُك تقرير السعر المُناسب للمُحررة فيما يقترِح «فى ناس بتجيبه بعشرين جنيه»، تدفعهُا لصديق بمحل مُجاوِر عند الاستلام، بعد ساعة، مُعللاً «السُكر ماعادش متوفر غير فى السوق السودا».