تواصلت ردود الفعل الغاضبة من «مافيا تجارة الجسد»، التى كشفها تحقيق «المصرى اليوم» المنشور، الأحد، للمتاجرة بأجساد القاصرات لمن يدفع أكثر، وقدم عدد من المحامين بالحوامدية بلاغاً ضد المتورطين فى الجريمة، بجانب آخر ضد الجريدة، بتهمتى الإساءة والتشهير، فيما أعلنت بعض المنظمات الحقوقية تضامنها مع «المصرى اليوم» فى مواجهة البلاغ.
ونظمت حملة «شباب الحوامدية ضد الدعارة» جلسة عرفية بمنزل أحد القضاة، حضرها المحامى على رفاعى، الذى كشف التحقيق تورطه فى تسهيل زواج القاصرات، وتمت مواجهته بكل الاتهامات التى ذكرها التحقيق، وطالبته الحملة وكل المتورطين بالرحيل عن الحوامدية، إلا أنه أنكر، مؤكداً أنه إذا حدث منه ذلك، فسيرحل عن الحوامدية.
وقال عمر الجلاب، منسق الحملة: «واجهنا المحامى بمقاطع الفيديو، وتقدمنا ببلاغ رسمى للمحامى العام لنيابات جنوب الجيزة، الإثنين، بمشاركة 4 محامين من الحوامدية، وطالبنا بشطب المحامى المتورط من النقابة»، مشيراً إلى أن عدد من ممثلى العائلات وبخوا المحامى خلال الجلسة العرفية بشدة، فيما غاب السمسار عن الحضور.
وطالب «الجلاب» جميع شباب الحوامدية بالتحرك ضد المتورطين فى التحقيق، منتقداً غياب دور أعضاء مجلس النواب فيما يحدث بالحوامدية، خصوصاً أن عليهم مسؤولية شعبية قائلاً: «النواب ودن من طين وودن من عجين».
واعترف بوجود زواج المتعة فى عدد من مناطق الحوامدية، إلا أنه اعتبرها حالات معدودة، على حد قوله، وأوضح أن الحالات الشائعة تكون زواجا رسميا بين فتيات الحوامدية وعرب، وهو ما اعتبره يساهم فى التقارب بين مصر والخليج، إذ إن عددا كبيرا من أبناء الخليج أمهاتهم مصريات.
وقال «الجلاب» إن الزواج بالمدة من عرب أمر دخيل على أهالى المدينة، ويقوم به البعض من خارجها، موجها اللوم إلى الشرطة التى اتهمها بالتواطؤ مع المحامين والسماسرة لتسهيل هذه الزيجات، وناشد المجلس القومى للمرأة لتنظيم حملات توعية فى المدارس والمجتمعات الريفية، ودعا مجلس النواب لسن قانون يجرم الزواج من أجانب أو وضع آليات لضبط الأمر.
وفى المقابل، تقدم عدد من المحامين بالحوامدية ببلاغ لمحامى عام نيابات جنوب الجيزة، ضد المحامى المذكور فى تحقيق «المصرى اليوم»، بتهمة استغلال ضعاف النفوس من النساء والأسر، كفريسة سهلة لراغبى المتعة الحرام، كما تقدموا ببلاغ ضد الجريدة، بتهمة الإساءة للحوامدية، وهو ما رفضه بعض شباب الحوامدية، مؤكدين أنها تمتلك أدلة إدانة لكل حرف تم نشره.
وأصدر المجلس القومى للمرأة، برئاسة الدكتورة مايا مرسى بيانا أعلن فيه استنكاره كل الممارسات غير القانونية، التى تنال بشكل فاضح من إنسانية المرأة وكرامتها، وتجعل منها سلعة تباع وتشترى يتم استغلالها انتهازا للظروف المعيشية الصعبة، من أفراد تقودهم غرائزهم وأطماعهم التى افتقدوا من أجلها لآدميتهم، وتخلوا بها عن ضمائرهم ووطنيتهم، واستباحوا كبرا وعدوانا مخالفة الأديان وما قررته الشريعة الإسلامية من أحكام بشأن العلاقة الزوجية.
وأضاف البيان أن ما تضمنه الملف المنشور بـ«المصرى اليوم»، من وقائع تشكل- إن ثبتت صحتها- جرائم طبقا للقانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر والتى يُعاقب كل من ارتكبها بعقوبات تصل إلى السجن المؤبد فى أحوال محددة والغرامة التى لا تجاوز 500 ألف جنيه أو القدر المساوى لما عاد من منفعة على الجانى أيهما أكبر.
وأكد المجلس أنه سيقدم بلاغا إلى النائب العام ضد ما يحدث من انتهاكات لاتخاذ اللازم، فيما يخص الوقائع التى نشرها تحقيق «المصرى اليوم»، لينال كل من سولت له نفسه ارتكاب تلك الجرائم العقاب المناسب وفقا للقانون، مؤكدا أن النائب العام هو محامى الشعب المنوط به منع كل الانتهاكات وتفعيل قانون مكافحة الاتجار بالبشر وخاصة النساء، كما طالب بمحاكمة كل المتورطين وأهاب بجميع الجهات الحكومية وغير الحكومية المعنية بالتصدى لهذه الجرائم بكل حسم، ووضع البرامج والخطط الهادفة للقضاء عليها.
وأعلن المجلس استمراره فى متابعته تنفيذ الإجراءات الواجبة والكفيلة بحماية المرأة المصرية، من خلال مشاركته ودعمه للجهات المعنية، كما أعلن دعمه للجريدة عبر مرافقة محررة الجريدة كشاهدة فى بلاغه.
وأعلنت الدكتورة هالة عثمان، رئيس مجلس أمناء مركز عدالة ومساندة، دعمها وتضامنها مع جريدة «المصرى اليوم» ومحررتها، فيما يخص تحقيق أسرار تجارة لحم الرخيص، ورحبت بأى تعاون مستقبلى على سبيل الدعم القانونى، كما أعلنت دعم للجريدة والمحررة أمام مؤسسة القضاء عقب تقديم بلاغ ضدهم.
وقالت بسنت محمود، المدير التنفيذى للمركز: «سنتبنى تحقيق (المصرى اليوم) لضمه لمقترح قانون الشرطة الأسرية الذى يقوم المركز بإعداده حتى يكون التحقيق بمثابة شاهد عيان فى المقترح الذى يسعى لتوفير كل إجراءات حماية المرأة من العنف والاتجار بجانب حماية الأسر من جميع أوجه الاستغلال».
وقالت الدكتورة مايسة شوقى، نائب وزير الصحة والسكان، القائم بأعمال المجلس القومى للطفولة والأمومة، إن خط نجدة الطفل بالمجلس يتلقى بلاغات بصفة يومية عن زواج القاصرات، وزواج الصفقة بالأخص، ويحيلها للنائب العام ومساعد وزير الصحة لشؤون حقوق الإنسان.
وأضافت لـ«المصرى اليوم» أن المجلس يجهز حاليا قانونا لمناهضة الزواج المبكر وزواج القاصرات، من خلال لجنة مشكلة من 7 مستشارين من «مجلس الدولة، والمجلس القومى للطفولة والأمومة، والمجلس القومى للسكان» لوضع قانون يحدد ضوابط للزواج المبكر خاصة زواج القاصرات من عرب وأجانب.
وأرجع الدكتور إبراهيم مجدى حسين، استشارى الطب النفسى، بيع أجساد القاصرات، سواء فى الحوامدية أو غيرها، إلى الجهل والفقر والخوف من العنوسة والطمع فى المال.
وأضاف لـ«المصرى اليوم» أن هذا الزواج يؤدى إلى مشاكل فى العلاقة الزوجية لعدم إدراك الفتاة واكتمال نضجها، كما أنه يفتح باب الخيانة الزوجية لأن القاصر عندما تكبر، فإنها ستجد نفسها فى حاجة إلى مشاعر اهتمام وحب ورعاية لا يستطع زوجها منحها إياها.
وأشارت السفيرة ميرفت تلاوى، مدير عام منظمة المرأة العربية، إلى أن الزواج السياحى بالحوامدية وغيرها أصبح تجارة مربحة فى هذه المدينة، رافضة وصفه بالزواج لأنه «لا يدخل ضمن الشرع، لذلك فهو دعارة مقننة».
وأضافت لـ«المصرى اليوم» أن هذا الزواج انتشر بصورة كبيرة فى عدد من القرى، ما يهدد المجتمع، مطالبة بإعادة النظر فى قانون الأحوال الشخصية لأن هذه الظاهرة تمثل خطورة على مستقبل الفتاة وأبنائها.
وقالت «تلاوى» إنها ناشدت الحكومة والمسؤولين أكثر من مرة للبحث عن حلول لهذه المشكلة، لكن «لا أحد يهتم»، ولفتت إلى أن المستشار أحمد الزند وزير العدل السابق، كان أصدر قرارًا منذ أكثر من عام، يقضى بأن «يودع طالب الزواج الأجنبى من مصرية، 50 ألف جنيه باسمها فى البنك، إذا جاوز فارق السن بينهما 25 عامًا، عند توثيق عقد الزواج»، موضحة أنها أيدت القرار لأنه «يحفظ حق الفتاة»، لكن لم يتم إقراره فى النهاية بسبب معارضة البعض له.
وطالبت بتنظيم حملات ضد الدعارة والزواج السياحى والتسرب من التعليم من أجل الزواج بأثرياء عرب، وناشدت الدولة تطبيق أقسى عقوبة على المحامى والسمسار الذى يساهم فى تزويج الفتيات بتلك الطريقة، وإعادة صياغة قانون الأحوال الشخصية، الذى وصفته بـ«المتخلف عن الواقع».