الكتابة عن الرياضة والتفتيش والسؤال عنها لا يعنى مطلقا أنها الأهم أو الأَوْلَى بالالتفات والكلام والاهتمام.. إنما يعنى فقط الحرص على ألا تغيب الرياضة وسط زحام الأفكار والعناوين والملفات والقضايا.. وبهذا المنطق أفتش عن الرياضة فى المؤتمر السادس لمنظمة المرأة العربية، الذى استضافته القاهرة خلال الأيام الماضية.. المنظمة اختارت لمؤتمرها الكبير عنوانا شديد البلاغة، هو «دور النساء فى الدول العربية ومسارات الإصلاح والتغيير».. واستضاف المؤتمر الذى ترأسته روناك عبدالواحد، زوجة الرئيس العراقى فؤاد معصوم، العديد من المسؤولين السياسيين والباحثين والمفكرين، وناقش أوراقا وبحوثا مقدمة من كثيرين، أُتيحت لى فرصة قراءتها، وأشهد بأن معظمها كان رائعا وجديدا ومختلفا فى رؤاه وتحليلاته ونتائجه أيضا.. لكن الرياضة كانت غائبة تماما.. صحيح كانت هناك بعض القضايا الكبيرة والمهمة التى تم طرحها خلال جلسات هذا المؤتمر، إلا أن الرياضة لم يتحدث عنها ولم يُشِرْ إليها أحد، رغم أنها تصلح تماما مقياسا لتغير وتبدل رؤى وأحكام المجتمعات العربية للفتاة والمرأة دينيا وسياسيا واجتماعيا وأخلاقيا من حيث الاعتراف بحق المرأة فى اللعب والسماح لها بممارسته.. ورغم أن الرياضة أيضا باتت أحد المجالات القليلة التى شهدت تفوقا واضحا وانتصارات توالت وتعددت للمرأة العربية قياسا بما كان فى الماضى.. وعلى سبيل المثال كانت البحرينية «أونيس»، صاحبة أول ميدالية فضية عربية فى دورة ريو دى جانيرو الماضية.. وفازت البحرينية أيضا «روث» بميدالية ذهبية، كانت واحدة من ثلاث ميداليات ذهبية فقط للعرب.. وفازت مصر بثلاث ميداليات، اثنتان منهما نسائية لهداية ملاك وسارة سمير.. وكذلك تونس بنفس النسبة لمروى والوسلاتى.. وبعيدا عن الميداليات، كانت اللاعبات العربيات صاحبات النتائج الأفضل والمراكز الأعلى، رغم قلة عددهن قياسا باللاعبين الرجال، ورغم كل المعوقات والموانع واللعب وسط ظروف طاردة ورافضة لأى انتصار أو تفوق نسائى.. ولم تكتف الرياضيات العربيات بالانتصار فى الملاعب فقط.. إنما بدأ عددهن يتزايد بصورة فارقة فى شغل المناصب الرياضية على الساحات القارية والدولية ونجاحهن فى حصد احترام وإعجاب الجميع.. بالإضافة إلى أن اللبنانية لينا الأشقر هى سيدة «فيفا» الأولى حاليا.. كما أن أقوى امرأة حاليا داخل الإدارة التنفيذية للجنة الأوليمبية الدولية هى المغربية نوال المتوكل.. ولست أريد إطالة التوقف أمام انتصارات رياضية لا أول لها أو آخر حققتها فتيات ونساء العرب فى السنوات القليلة الماضية.. لكنها انتصارات تبقى شاهدة على كثير جدا من تحديات مختلفة نجحت المرأة العربية فى مواجهتها، رغم كل الشكوك والأشواك، التى لاتزال مغروسة فى كثير من عقول العرب ورؤيتهم لأى فتاة أو امرأة.. ولهذا كنت أتمنى أن تحضر الرياضة وتشارك فى مؤتمر أقامته منظمة المرأة العربية عن مسارات الإصلاح والتغيير.. فالمجتمع الذى سيسمح للمرأة باللعب هو الذى سيسمح لها بحق التعليم وحق العمل وحق الحلم وحق الاختيار أيضا.. المجتمع الذى لايزال يمنع المرأة من اللعب هو المجتمع الذى لايزال متخلفا، رغم أى مظاهر زائفة وكاذبة للتقدم والتحضر والرقى والمساواة.