أعلنت القوات الليبية الموالية لحكومة الوفاق الوطني، الإثنين، فرض السيطرة الكاملة على مدينة سرت على الساحل الليبي في ضربة قوية لتنظيم داعش الذي حارب أشهرا متواصلة للاحتفاظ بهذه المدينة.
وتسببت المعارك لاستعادة المدينة التي اتخذ منها الجهاديون معقلا وحاولوا التمدد خارجها، في مقتل 700 شخص وإصابة ثلاثة آلاف آخرين بجروح في صفوف القوات الحكومية، ومقتل عدد غير معروف من مقاتلي التنظيم المتطرف.
وقال المتحدث باسم هذه القوات رضا عيسى لوكالة فرانس برس «قواتنا تفرض سيطرتها بالكامل على سرت»، و«شهدت قواتنا عملية انهيار تام للدواعش»، وأضاف «قواتنا تلاحق آخر الجيوب وتقوم بعملية عسكرية واسعة للتعامل مع اَي أفراد هاربة من فلول داعش».
وأكد «سيعلن التحرير بعد القضاء على اخر الفلول ومن المتوقع ان يكون خلال الساعات القادمة»، وتم تحديث صورة الغلاف على صفحة «عملية البنيان المرصوص»، وهو اسم العملية العسكرية في سرت، على موقع «فيسبوك»، ونشرت صورة لجنود يرفعون شارة النصر، مع عبارة «انتصر البنيان وعادت سرت».
وأوردت الصفحة «انهيار تام في صفوف الدواعش والعشرات منهم يسلّمون أنفسهم لقواتنا»، وانطلقت العملية العسكرية في 12 مايو، وحققت القوات الحكومية تقدما سريعا في بدايتها مع سيطرتها على المرافق الرئيسية في سرت المطلة على البحر المتوسط.
لكن هذا التقدم سرعان ما بدأ بالتباطؤ مع وصول القوات إلى مشارف المناطق السكنية في المدينة، لتتحول المعركة إلى حرب شوارع وقتال من منزل إلى منزل.فقد قاوم التنظيم المتطرف بشدة مستخدما السيارات المفخخة والقناصة والعبوات النافسة المصنعة يدويا.
ومنذ نهاية أكتوبر، كانت القوات الحكومية تحاصر عناصر تنظيم الدولة الاسلامية في رقعة صغيرة في المدينة، وبدأت الولايات المتحدة حملة قصف في أغسطس بطلب من حكومة الوفاق لمساعدة قواتها في استعادة السيطرة على المدينة، وشنت غارات محددة الاهداف تم خلالها استهداف قيادات في التنظيم الجهادي.
بدأ التنظيم المتطرف بالتغلغل في المدينة في 2014 مستغلا الفوضى التي سادت ليبيا منذ سقوط الزعيم معمر القذافي، وسيطر عليها بشكل كامل في حزيران/يونيو 2015.
- ضربة جديدة للجهاديين- تشكل خسارة سرت الواقعة على بعد 450 كلم شرق طرابلس ضربة جديدة للتنظيم بعد الهزائم التي مني بها خلال الاشهر الماضية في العراق وسوريا.
وخلال الايام الماضية، دعت قوات حكومة الوفاق النساء والاطفال إلى الخروج من مناطق المعارك.وبين يونيو 2015 ومايو 2016، فرض تنظيم الدولة الاسلامية قوانينه على سرت، وقطع ايادي وأعدم اشخاصا بشكل علني ونشر الرعب في مناطق سيطرته.
وشكلت سرت وهي مسقط رأس القذافي وتقع على بعد نحو 300 كم فقط من اوروبا، قاعدة خلفية للتنظيم استقطبت المقاتلين الاجانب الذين جرى تدريبهم على شن هجمات في الخارج، ما اثار مخاوف في الدول الغربية.
وقدمت هذه الدول دعما كبيرا لحكومة الوفاق مطالبة بان تكون محاربة الجهاديين اولويتها المطلقة، ومن شأن التخلص من الخطر الجهادي ان يفسح المجال لحكومة الوفاق ان تنصرف إلى معالجة مشاكلها الاخرى الكثيرة.
ففي ليبيا حاليا حكومتان، الاولى مدعومة من المجتمع الدولي ومقرها طرابلس وهي التي تساند القوات التي تقاتل في سرت، والاخرى تتمركز في الشرق ولا تتمتع باعتراف المجتمع الدولي لكنها تحظى بمساندة قوات كبيرة يقودها الفريق اول ركن خليفة حفتر.
ويأتي هذا التطور مع تقدم القوات العراقية من معقل تنظيم الدولة الاسلامية في مدينة الموصل، فيما شن التحالف العربي الكردي المدعوم من الولايات المتحدة الشهر الماضي هجوما لاستعادة مدينة الرقة السورية التي اعلنها التنظيم عاصمة «للخلافة» في 2014.
وقال ماتيا توالدو الخبير في الشؤون الليبية في المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية ان «خسارة سرت يمكن ان تتسبب في فقدان التنظيم لمساره مؤقتا، ولكن الكثير يعتمد على ما يحدث في سوريا والعراق وما اذا بقيت المناطق التي لا تشملها سلطة الحكومة على حالها»، وأضاف ان فشل تنظيم الدولة الاسلامية في الاحتفاظ بسرت يعود إلى اسباب من بينها نقص موارد التنظيم في ليبيا.
وأوضح «لم يتمكن التنظيم من السيطرة على مصدر يؤمن له عائدات كافية.. وما عثروا عليه في البنوك في سرت لا يقارن بما عثروا عليه في الموصل، كما لم يعثر على كمية مماثلة من الاسلحة»، ورأت كلوديا غازيني المحللة من مجموعة الازمات الدولية ان الجهاديين الذين فروا من سرت سينتقلون جنوبا على الارجح إلى سبها القريبة من الحدود مع الجزائر والنيجر.
ويعتقد أن مجموعات أخرى من التنظيم تنشط في بنغازي وربما في المناطق المحيطة بطرابلس. وقالت غازيني انه «رغم اندحار تنظيم الدولة الاسلامية في سرت، لا نستطيع ان نستبعد وجود خلايا لهم في انحاء أخرى من البلاد».