ننشر ملاحظات «القومي لحقوق الإنسان» على «الجمعيات الأهلية» بعد تجاهلها من النواب

كتب: وائل علي السبت 03-12-2016 15:19

أعلن المجلس القومي لحقوق الإنسان، ملاحظاته التي أرسلها إلى مجلس النواب، بمناسبة انتهاء مجلس الدولة من مراجعة قانون الجمعيات الأهلية، والتى تجاهلها البرلمان، ووافق على القانون، الذي أثار صدروه موجة انتقادات، بسبب ما تضمنه من بنود اعتبرها حقوقيون «قيود تعمل على إعاقة العمل الأهلي».

وحصلت «المصري اليوم» على نسخة من المذكرة التي أعدها المجلس وأرسلها لمجلس النواب الأسبوع الماضى خلال نظر القانون.

وتنشر «المصري اليوم» نص المذكرة كاملا:

إعمالاً لنص المادة 214 من الدستور طلب رئيس مجلس النواب من المجلس إبداء الرأى في مشروع قانون تنظيم عمل الجمعيات وغيرها من المؤسسات العاملة في مجال العمل الأهلي. ومن ثم عقدت اللجنة التنفيذية إجتماعاً عاجلاً صباح يوم الثلاثاء الموافق 22 نوفمبر سنة 2016 لبحث مشروع القانون المشار إليه، وقد بدأت اللجنة أعمالها بإستعراض أحكام المادة 214 من الدستور وخلصت إلى أن مهمة المجلس القومى لحقوق الإنسان، في شأن مواد القانون المذكور هي:

إبداء الرأى في مدى توافق نصوص المشروع مع أحكام الدستور، وأحكام الإتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان نظرأ لأن ما تقدم هو الإختصاص المنوط بالمجلس وفقاً لأحكام الدستوروقانون إنشائه غير أن إبتغاء الصالح العام والتنسيق والتكامل بين أجهزة الدولة المختلفة يبيح للمجلس أن يلفت الأنظار إلى ما قد يرى أنه يشوب نصوص المشروع من عوار قانونى- ولو كان لا يتصل بحقوق الإنسان – وذلك حتى يتم بحث الأمر بمعرفة الجهة المختصة دستورياً- ألا وهى قسم التشريع بمجلس الدولة.

والتزاماً بما تقدم قامت اللجنة بدراسة المشروع وأعدت هذه المذكرة:

أولاً: النصوص الدستورية الواجبة التطبيق.

ثانيا: أحكام الإتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة بحق تكوين الجمعيات التي أوجبت المادة 93 من الدستور الإلتزام بها.

ثالثاً: ملاحظات المجلس على المشروع.

أولاً: نصوص الدستور

تنص المادة 75 من الدستور على أن للمواطنين حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية على أساس ديمقراطى- وتكون لها الشخصية الإعتبارية بمجرد الإخطار وتمارس نشاطها بحرية ولا يجوز للجهات الإدارية التدخل في شئونها أو حلها أو حل مجالس إداراتها أو مجالس أمنائها إلا بحكم قضائي، ويحظر إنشاء أو استمرار جمعيات أو مؤسسات أهلية يكون نظامها أو نشاطها سرياً أو ذا طابع عسكرى أو شبه عسكرى- وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون.

ثانياً: أحكام الإتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة بحق تكوين الجمعيات

1 – أقرت المادة الثامنة من العهد الدولى الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية- الحق في حرية تكوين الجمعيات .

وقد إنتهى تقرير المقرر الخاص المعنى بالحق في حرية التجمع السلمى والحق في حرية تكوين الجمعيات- التابع لمجلس حقوق الإنسان التابع للجمعية العامة للأمم المتحدة- بتقريره الصادر في 21 / 5 / 2012 إلى أن هذا الحق- يمكن أن يخضع لقيود معينة ينص عليها القانون وتكون ضرورية في المجتمعات الديمقراطية لصون الأمن الوطنى أو السلامة العامة أو حفظ النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الأخلاق العامة أو حماية حقوق الأخرين وحرياتهم على أن تعتبر الحرية القاعدة والقيود المفروضة عليها إستثناء على القاعدة.

ويتعين أن تبرر أي قيود على أساس إحدى المصالح المحدودة المشار إليها وتستند إلى قاعدة قانونية ( إى أن ينص عليها القانون مما ينطوى على وجوب إتاحة القانون وصياغة أحكامه على وجه كاف من الدقة ) وتكون ضرورية في المجتمعات الديمقراطية ( مادة 7 من التقرير المشار إليه).

وأشار التقرير سالف الذكر إلى التعليق العام رقم 31 لسنة 2004 للجنة المعنية بحقوق الإنسان بشأن طبيعة الإلتزام القانونى العام المفروض على الدول الأطراف في العهد الذي ينص على ما يلى: على الدول، عند فرضها أية قيود من هذا القبيل، أن تقيم الدليل على ضرورتها وألا تتخذ من التدابير إلا ما يكون متناسباً مع السعى الذي يحقق الأهداف المشروعة بغية ضمان الحقوق المنصوص عليها في العهد حماية مستقرة وفعالة ( ص 6 ).

وأشار التقرير سالف الذكر بالفقرة 18 منه إلى أنه لذلك ينبغى إعتبار الدعايات للحرب أو الدعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية التي تشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف أو الأعمال التي تهدف إلى إهدار الحقوق أو الحريات أموراً غير مشروعة وفقاً لأحكام ( المادة 20 من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ) ( ص 8 من التقرير المذكور).

2 – انتهى المقرر الخاص المعنى بالحق في حرية التجمع السلمى والحق في حرية تكوين الجمعيات بتقريره الذي قدمه لمجلس حقوق الإنسان في دورته العشرين المعقودة في 21 / 2 / 2012 إلى عدة توصيات تمت الموافقة عليها ونذكر من هذه التوصيات ما يلى:

أ – ينبغى إنفاذ نظام الإشعار لإنشاء الجمعيات وينبغى إنشاء الجمعيات عقب إجراءات بسيطة وميسرة وغير تمييزية وغير شاقة ومجانية وينبغى أن تقدم هيئات التسجيل تفسيراً مفصلاً وأنياً مكتوباً عند رفض تسجيل جمعية ما وأن تتمكن الجمعيات من الإعتراض على أي حالة رفض أمام محكمة مستقلة وغير متحيزة.

ب – ينبغى أن تتمتع الجمعيات بحرية تحديد نظامها الأساسى وهيكل تنظيمها وأنشطتها وإتخاذ القرارات دون تدخل الدولة.

ج – ينبغى أن تتمتع الجمعيات بالحق في الخصوصية.

وشرحاً لهذه الخصوصية قال التقرير ( نص 22 ) أنه إعمالاً للمادة 17 من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ( لا ينبغى أن تخول السلطات الحق في فرض شروط على أي قرارات أو أنشطة للجمعيات أو إبطال إنتخاب أعضاء مجلس الإدارة، أو طلب سحب قرار داخلى أو طلب رفع تقارير سنوية مسبقة من الجمعيات أو دخول جمعية دون سابق إنذار، على أنه يجوز إنشاء أجهزة مستقلة لفحص سجلات الجمعيات كألية لضمان الشفافية والمساءلة له.

د – ينبغى أن تتمكن الجمعيات من الحصول على الأموال والموارد المحلية والأجنبية دون تصريح مسبق.

وشرحاً لهذه التوصية قال التقرير ( ص 23 )، أن قدرة الجمعيات على الحصول على الأموال والموارد هي جزء حيوى لا يتجزأ من الحق في حرية تكوين الجمعيات، وأنه ينبغى أن تتمتع أي جمعية بالحق في السعى إلى الحصول على الأموال والموارد وتأمينها من كيانات محلية وأجنبية ودولية تشمل الأفراد والشركات ومنظمات المجتمع المدنى والحكومات والمنظمات الدولية.

ه – ينبغى التصديق على وقف عمل الجمعيات أو حلها غير الطوعى عبر محكمة مستقلة وغير متحيزة في حالة ظهور خطر جلى ومحدق يؤدى إلى إنتهاك جسيم للقوانين المحلية مع الإمتثال للقانون الدولى لحقوق الإنسان.

ثالثاً: ملاحظات المجلس على مواد وأحكام مشروع القانون

أ – شبهات دستورية حول بعض مواد المشروع يجب أن توضع تحت نظر قسم التشريع مجلس الدولة

ب – مخالفات في أحكام المشروع للدستور والمعايير الدولية المتعلقة بحق تكوين الجمعيات والتى يتعين الإلتزام بها عملاً بنص المادة 93 من الدستور وهى: 1- الشبهات الدستورية التي تحوم حول بعض نصوص المشروع: أن الحق في تكوين الجمعيات هو حق دستورى وقد وسد المشرع للقانون حق تنظيمه.

وقد قضت المحكمة الدستورية العليا بحكمها الصادر بجلسة 6 / 12 / 2009 في الدعوى رقم 202 لسنة 28 دستورية بأنه إذا ما أسند الدستور تنظيم حق من الحقوق إلى السلطة التشريعية فلا يجوز أن تتسلب من إختصاصها وتحيل الأمر برمته إلى السلطة التنفيذية دون أن تقيدها في ذلك بضوابط عامة واسس رئيسية تلزم بالعمل في إطارها فإذا ما خرج المشرع على ذلك وناط بالسلطة التنفيذية تنظيم حق من اساسه كان متخلياً عن إختصاصه الأصيل المقرر بالدستور .

وبمراجعة نصوص المشروع محل البحث لوحظ وجود عدد من المواد أحالت تنظيم مسائل تعتبر من المسائل الجوهرية المتعلقة بممارسة حق تكوين الجمعيات لقرارات وزارية دون تضمين نصوص هذه المواد أحكام تكفل إلتزام هذه القرارات بجوهر الحق وتمنع الإفتئات عليه أو تقييده على نحو يهدره أو ينظمه على نحو يخالف المعايير الدولية ومن ثم فإن هذه المواد تحوم حولها شبهة عدم الدستورية ومن هذه المواد:

الفقرة الأخيرة من المادة ( 8 ) والفقرة الأخيرة من المادة 19، المادة 60 – 68 / 2.

ب – الملاحظات المتعلقة بمخالفة بعض أحكام المشروع للدستور وللمعايير الدولية المتعلقة بحق تكوين الجمعيات التي يتعين الإلتزام بها عملاً بنص المادة 93 من الدستور.

بادىء ذى بدء تجدر الإشارة إلى أن اللجنة في مراجعتها لأحكام هذا المشروع قد راعت أن الحق في تكوين الجمعيات وفقاً لأحكام المعاهدات والمواثيق الدولية هو حق يمكن أن يخضع لقيود معينة ينص عليها القانون- إذا كانت هذه القيود ضرورية لصون الأمن الوطنى أو السلامة العامة أو حفظ النظام العام، على أن تعتبر الحرية هي القاعدة والقيود المفروضة عليها إستثناءاً من الأصل- مع مراعاة دقة صياغة النصوص القانونية ذات الصلة كما راعت أيضاً الظروف التي تمر بها البلاد ومقتضيات الأمن الوطنى والنظام العام، كذلك وضعت اللجنة نصب عينها أن الدستور قد نص بالمادة 92منه على أن الحقوق والحريات المتعلقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلاً أو لإنتقاصاً، ولا يجوز لأى قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرهامع مراعاة جميع ما تقدم لاحظت اللجنة مايلى :

1 – نصت الفقرة الأخيرة من المادة السابعة من المشروع على أن ( يرفق باللائحة التنفيذية لهذا القانون نظام اساسى نموذجى إسترشادى للجمعيات تلتزم النظم الاساسية بالجمعيات بعدم مخالفته وترى اللجنة أن تنتهى هذه الفقرة بكلمة ( نموذج إسترشادى ) ويحذف ما تلى ذلك من كلمات لما يلى

أ – تضمن نص المادة ما يتعين أن يتضمنه النظام الاساسى لكل جمعية.

ب – ومن المقرر أن يرفق باللائحة نموذج إسترشادى للجمعيات أن تقتدى به.

ج- ولكن من غير الجائز- إلزام الجمعيات بالإلتزام بهذا النموذج- لمخالفة ذلك للمعايير الدولية التي توجب منح الجمعيات حرية وضع نظامها الأساسي.

2 – أوجبت المادة ( 8 ) أن يتضمن الإخطار بالتأسيس- مستندات نصت عليها من بينها صحيفة الحالة الجنائية لكل عضو من المؤسسيين وإقرار بذمته المالية، سند رسمى موثق بشغل مقر الجمعية، ما يفيد سداد رسم لا يجاوز مقداره عشرة ألاف جنيه مقابل قيد نظام الجمعية في السجل الخاص بالجهة الإدارية ( البنود ج – ه – و)، وما أوجبته البنود المشار إليها يمثل عائق يحول دون المواطن وممارسة حق تكوين الجمعيات ومن ثم تتنافى والمعايير الدولية المشار إليها لما يلى:

أ – الأصل في الإنسان البراءة- لذلك يكفى أن يقدم كل مؤسس إقرار يفيد أنه متمتع بحقوقه المدنية والسياسية ولم يصدر ضده حكم نهائى بعقوبة جنائية أو مقيده للحرية في جنحة مخله بالشرف أوالأمانة، إذ أن هذا الإقرار يحقق المستهدف بغير تكليف للمواطن بإستخراج صحيفة حالة جنائية، وغنى عن البيان- انه إذا إتضح عدم صحة هذا الإقرار فإن ذلك يعرض مقدمه للمساءلة الجنائية. ب- أن تكليف المشارك في تأسيس جمعية بتقديم إقرار بذمته المالية- هو إجراء ينطوى على ترهيب للمواطن من هذه المشاركة- لما يترتب عليه من إنتهاك بغير مبرر لخصوصياته التي يحميها القانون، إذ من المعلوم- أنه ليس كل من يشارك في تأسيس جمعية سيكون رئيساً لمجلس إدارتها- أو أميناً لصندوقها وليس كل جمعية تتيح للمشاركين فيها فرصة الكسب غير المشروع- ومن ثم لا يوجد ثمة ما يبرر إنتهاك خصوصيات المواطنيين بغير مقتض أو ترهيبهم.

وتجدر الإشارة إلى أمور ثلاثـة، أولها أن قانون الكسب غير المشروع قد حدد المطالبين بتقديم إقرارات الذمة المالية على سبيل الحصر وأن النص محل البحث يجب أن يراعى فيه التنسيق مع قانون الكسب غير المشروع، وثانيهما: هذا القيد- تقديم إقرار الذمة المالية- قيد مستحدث لم يرد بالقوانين السابقة التي نظمت الجمعيات، زثالثهما: أن القوانين التي ألزمت المواطن بتقديم إقرار ذمة مالية أحاطت هذه الإقرارات بما يكفل سريتها- حفاظاً على الحرية الشخصية للمواطن وهذا ما أغفله المشروع محل البحث.

ج –أن إلزام المؤسسين بتقديم سند رسمى بشغل مقر الجمعية هو إلزام- بأمر عسير إذا لم يجرى العمل في مصر على أفراع عقود الإيجار في سندات رسمية ولذا يجدر العدول عن ذلك وأن يكتفى بأن يكون عقد الإيجار ثابت التاريخ بالشهر العقارى.

د – الأصل وفقاً للمواثيق الدولية – أن يتم تسجيل الجمعيات بالمجان، ومع ذلك إذا تجاوزنا عن هذا- فإن إلزام المؤسسيين بسداد رسم لا يتجاوز عشرة ألاف جنيه مقابل قيد نظام الجمعية في السجل الخاص بالجهة الإدارية- يمثل عائق يحول دون بسطاء المجتمع المدنى وممارسة حق تكوين الجمعيات ولذا ينبغى تخفيض قيمة هذا الرسم حتى تكون أحكام المشروع أكثر إتساقاً والمواثيق الدولية ذات الصلة- ويجدر الإشارة إلى أن هذا النص قد حدد الحد الأعلى لهذا الرسم ولم يحدد حده الأدنى وهذا يخالف المبادىء الدستورية.

3 – نصت الفقرة الأخيرة من المادة ( 8 ) من المشروع ما يلي:

( تبين اللائحة التنفيذية المستندات الاخرى التي يجب تقديمها من الراغبين في تأسيس إحدى الكيانات المنظمة بموجب أحكام هذا القانون أو شغل عضويته بمجلس إدارتها أو مجلس أمنائها أو العمل لها)، وظاهر أن المستندات التي وكل النص للائحة التنفيذية حق تحديدها هي مستندات تتعلق بشروط ممارسة أصل حق تكوين الجمعيات أو شغل عضوية مجالس إدارتها أو مجالس أمنائها أو العمل فيها ( أي حق العمل فيها).

ووفقاً لم قضت به المحكمة الدستورية العليا لا يجوز للقانون أن يحيل إلى السلطة التنفيذية تنظيم حق تكوين الجمعيات وحق المواطنيين في العمل فيها، ومن ثم نرى حذف هذه الفقرة لمخالفتها لأحكام الدستور.

4 – نصت المادة ( 9 ) على أنه ( لا يجوز الإمتناع عن قبول أوراق الأخطار إلا إذا كانت غير مستوفاه للبيانات أو المعلومات أو المستندات المطلوبة.

ترى اللجنة حذف كلمة ( المعلومات )- لأن البيانات هي معلومات وذكر كلمة معلومات بعد كلمة بيانات يعنى أن من حق متلقى الإخطار فحص صحة ( البيانات ) المذكورة.

هذا علماً بأن فحص صحة البيانات- هو أمر مما أوكلته المادة للجهة الإدارية، ومن غير المتصور أن يتم فحص البيانات من متلقى الأخطار ثم من تلك اللجنة- وأن تكرار هذا الفحص- يعوق حرية تكوين الجمعيات وفقاً للمعايير المقررة.

5- نصت المادة 13 على أنه لا يجوز للجمعيات وغيرها من الكيانات العمل في مجال ممارسة نشاط يدخل في نطاق عمل الأحزاب أو النقابات المهنية أو العمالية أو ذى طابع سياسى، ولما كان عمل الأحزاب هو عمل سياسى، فقد يبدو أن بهذه المادة تكرار غير مستحب- ومن ثم قد يكون من الملائم حذف أحدى العبارتين ( عمل الأحزاب ) أو عمل سياسى حتى لا يتهم القانون بالتضييق على المواطنين في ممارسة حق تكوين الجمعيات، وما تقدم يتعين ملاحظته في شأن نص المادة 14 التي حظرت على الجمعيات أن يكون من أهدافها الأنشطة السياسية أو الحزبية.

6 – نصت الفقرة الثانية من المادة 13 من المشروع على أنه يجب على الجمعيات وغيرها من الكيانات الخاضعة وفقاً لأحكام هذا القانون التي تمارس أعمالها وأنشطتها في المناطق الحدودية التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس مجلس الوزراء الحصول على ترخيص بتنفبذ تلك الأعمال من الجهة الإدارية بعد أخذ رأى المحافظ المختص قبل البدء في التنفيذ وهذا النص نص مستحدث لم يسبق أن تضمنه أي قانون سابق بل ولم يتضمنه أي مشروع قانون سبق إعداده لتنظيم الجمعيات والكيانات الأهلية.

وهو نص تحوم حوله شبهات قوية تنبىء بعدم دستوريته ومخالفته للمعايير الدولية التي تنظم حق تكوين الجمعيات، ولكن قبل أن نبسط اسباب ذلك تجدر الإشارة إلى حقيقة هامة هي أن الساحل الشمالى لمصر هو منطقة حدودية ويقع على هذا الساحل مدينة الإسكندرية ومرسى مطروح وبورسعيد ودمياط، وساحل البحر الأحمر بأكمله منطقة حدودية وتقع عليه مدينة الغردقة وسفاجا ورأس غارب وميناء العين السخنة والسويس، وهذا يعنى أن المناطق الحدودية في جمهورية مصر شديدة الإتساع، أما أسباب عدم دستورية هذا النص فهى ترجع لمخالفته للعديد من أحكام الدستور وللمبادىءالمستقرة في تطبيقه وأية ذلك هو الأتي: أ – تنص المادة ( 1 ) من الدستور على أن جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة موحدة لا تقبل التجزئة وتنص المادة 53 من الدستور على أن المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة لا تمييز بينهم بسبب اللون أو اللغة أو الإعاقة أو المستوى الإجتماعى أو الإنتماء السياسى أو الجغرافى أوأى سبب أخر. التمييز والحض على الكراهية جريمة معاقب عليها القانون والحال أن النص المشار إليه قد خالف بوضوح نص المادة 1، 53 من الدستور إذا جزء مصر وأخل بمبدأ المساواة في الخضوع لأحكام القانون وميز بين سكان المناطق الحدودية وغيرهم من سكان الأماكن الأخرى في مجال تنظيم حق تكوين الجمعيات

ب – بالإضافة إلى ما تقدم ناط برئيس الوزراء تحديد المناطق الحدودية التي لا يجوز للجمعيات أن تمارس فيها أعمالها أو أنشطتها إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من الجهة الإدارية بعد أخذ رأى المحافظ المختص .

بذلك يكون المشروع ناط بالجهة الإدارية والمحافظ المختص تحديد شروط ممارسة حق تكوين الجمعيات وشروط ممارسة تلك الجمعيات لأعمالها يغير أن يضع للجهة الإدارية والمحافظين المختصين القواعد التي يتعين الإلتزام بها في هذا الشأن وهذا يعتبر مخالفاً للدستور عملاً بما قررته المحكمة الدستورية العليا بحكمها الصادر في 6 / 12 / 2009 في الدعوى رقم 202 لسنة 28 في دستورية الذي سبق لنا الإشارة إليه .

ولهذا ينبغى حذف نص الفقرة الثانية من المادة 13 من المشروع لما تقدم به من أساب.

7 – نصت المادة 14 من المشروع على الأعمال التي يحظر على الجمعيات القيام بها ومن بين تلك المحظورات إجراء إستطلاعات الرأى أو نشر أو إتاحة نتائجها أو إجراء البحوث الميدانية أو عرض نتائجها قبل عرضها على الجهاز للتأكد من سلامتها وحيادها ( الفقرة ز من المادة المشار إليها ) واللجنة ترى أن هذا قيد لامبرر له ذلك لأن إجراء الإستطلاعات الرأى ونشر أو إتاحة نتائجها وإجراء البحوث الميدانية قد تكون من صميم عمل الجمعية كالجمعيات التي تعمل في الأعراض الثقافية أو التدريب أو تنظيم الأسرة.

ومن ثم يجوز للجمعيات أن تقوم بما تقدم بغير ترخيص مسبق بذلك من الجهاز لأن هذا من صميم نشاطهاالمرخص به وغنى البيان أنه إذا أتضح عدم سلامة ما تجريه الجمعية في هذا الشأن أو عدم حيدتها فإن ذلك يجعل الجمعية مسؤولة عن ذلك قانوناً

8- نصت المادة ( 15 ) من المشروع على خضوع روؤساء وأعضاء مجالس إدارة ومجالس أمناء الجمعيات وغيرها من الكيانات المنظمة بموجب أحكام هذا القانون إلى قانون الكسب غير المشروع ويلاحظ على حكم هذا النص ما يلى: -

أ – أن إخضاع المذكورين لقانون الكسب غير المشروع سيؤدى إلى ترهيب المواطنيين من ممارسة حق تكوين الجمعيات هذا علماً بأن ليس كل جمعية تتيح لمجلس إدارتها فرصة للكسب غير المشروع- وأن غالبية الجمعيات الخيرية- يقوم أعضاء مجالس إدارتها بالصرف عليها من مالهم الخاص وأن أحكام القانون تضمنت أحكاماً صارمة تحمى أموال الجمعيات من العبث.

ب – أن قانون الكسب غير المشروع قد حدد على سبيل الحصر الخاضعين لأحكامه واضافة عشرات الألوف إلى الخاضعين لأحكام هذا القانون قد تجعل جهاز الكسب غير المشروع غير قادر على القيام بواجبه وعلى أية حال ينبغى إستطلاع رأى الجهاز في إخضاع كل هؤلاء لأحكامه .

ولذا نرى أن حكم هذه المادة يعوق الحق في ممارسة حق تكوين الجمعيات ويرهب المواطنيين من الإنضمام إليها وتولى المناصب القيادية فيها.

9 – تنص المادة 19 من المشروع على أنه يجوز للجمعية أن تنضم أو تنتسب أو تشارك في ممارسة نشاط أهلى لا يتنافى وأغراضها مع جمعية أو هيئة أو منظمة محلية أو أجنبية بشرط الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية بناء على طلب مقدم بذلك ويشترط للترخيص في حالة الإنضمام أو الإنتساب أو المشاركة مع منظمة أجنبية موافقة الجهاز وتحدد اللائحة التنفيذية ضوابط الإنضمام أو الإنتساب والإشتراك مع الجهة المحلية والأجنبية وما يجب أن يتضمنه الطلب من بيانات ومعلومات .

ويلاحظ على هذا النص ما يلى:

أ – إذا جاز تعليق الإنضمام إو الإنتساب أو المشاركة مع منظمة أجنبية على موافقة الجهاز ما هو المبرر لتعليق الإنضمام أو الإنتساب أو المشاركة في النشاط مع جهة محلية على ترخيص تصدره الجهة الإدارية علماً بأن كل من الجهتين سبق الترخيص بقيامهما وممارستها لنشاطها.

ولذا فإن هذا الحكم يتعارض مع حرية عمل الجمعيات وفقاً للمعايير الدولية وتجدر الإشار إلى أن المادة 11 من مشروع القانون الذي كانت أعدته وزارة التضامن الإجتماعى قد عالجت موضوع هذه المادة بشكل أفضل وأيسر وغير مشوب بأى عوار دستورى أو قانونى.

ب – أناط بهذا النص بااللائحة التنفيذية تحديد ضوابط الإنضمام والإنتساب والإشتراك مع الجهة المحلية والأجنبية ولما كانت لهذه الضوابط تتعلق بممارسة اصل حق تكوين الجمعيات وما يكفله لها الدستور والمواثيق الدولية من حرية العمل.. فإن هذه الضوابط يجب أن ينص عليها بالقانون ولا يحال أمرها إلى اللائحة التنفيذية وذلك عملاً بما قضت به المحكمة الدستورية العليا الذي سبق لنا الإشارة إليه.

ولذا نرى أن حكم الفقرة الأخيرة من هذه المادة تحوم حوله شبهة عدم الدستورية.

10 – تنص المادة ( 21 ) من المشروع على أنه لا يجوز للجمعية فتح مقرات أو مكاتب تابعة لها في أي من محافظات الجمهورية تخضع لإشرافها المباشر، لمباشرة وتنفيذ أنشطتها المختلفة بخلاف مقرها الرئيسى إلا بعد موافقة كتابية مسبقة من الوزير المختص أو من معاونيه.

وحكم هذا النص يتعارض والمواثيق الدولية التي توجب منح الجمعيات حرية العمل وتحديد نظامها الأساسى وهيكل تنظيمها وأنشطتها وإتخاذ القرارات بغير تدخل من الدولة، والتى توجب أيضاً أن تتمتع الجمعيات بالحق في الخصوصية هذا فضلاً عن أن القيود التي قرضتها على المجال الجغرافى لعمل الجمعية لا مبرر له إذا طالما وأن نشاط الجمعية- نشاط مشروع- فإنه يجوز لها أن تمارسه في أي مكان بجمهورية مصر العربية- بغير قيد أوشرط وإلا كان في ذلك تمييز بين مكان وأخر- وهذا يحظره الدستور.

ولذا نخلص إلى نص لهذه المادة تحوم حوله شبهة عدم الدستورية فضلاً عن مخالفته للمعايير الدولية والحريات المقررة للجمعيات بموجب المواثيق والإنتفاقيات الدولية .

11 – نظمت المادة 23 من المشروع تلقى الجمعيات الأموال النقدية وجمع التبرعات ونصت بفقرتها الأخيرة على أنه يشترط إخطار الجهة الإدارية عن التلقى وكذا قبل جمع التبرعات بثلاثين يوم عمل وصدور الموافقة اللازمة له ويلاحظ في هذا الشأن ما يلي:

أ – أن صياغة هذه الفقرة حمالة أوجه إذ يجوز تفسيرها على اساس أنها تشترط عدم قبول الترعات إلا بعد إخطار الجهة الإدارية- ويجوز تفسيرها بأنها تقضى بوجوب إخطار الجهة الإدارية بما تتلقاه الجمعية من أموال ولذا ينبغى إعادة صياغة هذه المادة بما يكفل تحديد المقصود منها بشكل لا لبس فيه أو إبهام.

ب – وفى جميع الأحوال يتعين أن يؤخذ في الإعتبار أن أحكام المواثيق أو الإتفاقيات الدولية التي سبق لنا الإشارة إليها تقضى بتمكين الجمعيات من الحصول على الأموال أو الموارد المحلية أو الأجنبية بغير تصريح مسبق.

وأنه ينبغى أن تتمتع أي جمعية بالحق في السعى إلى الحصول على الأموال والموارد ومن كيانات محلية أو أجنبية أو دولية كما يتعين أن يؤخذ في الإعتبار أن المواثيق والإتفاقيات الدولية تبيح تقييد حق تكوين الجمعيات بقيود ينص عليه القانون إذا كانت هذه القيود ضرورية لصون الأمن الوطنى أو حفظ النظام العام ويجوز أيضاً إنشاء أجهزة مستقلة لفحص سجلات الجمعيات لضمان الشفافية والمساءلة.