«لائحة العلاج الموحدة» تثير جدلاً واسعاً بين الأطباء واتهامات للقرار بـ«الجور» على حق المرضى الفقراء

كتب: محمد يحيى الأحد 02-01-2011 08:03

أثارت اللائحة الجديدة الموحدة للعلاج فى المستشفيات الحكومية والعامة جدلاً واسعاً فى المحافظة، خلال الأيام القليلة الماضية، عقب توقيع الدكتور حاتم الجبلى، وزير الصحة، واللواء عبدالسلام المحجوب، وزير التنمية المحلية، الأسبوع قبل الماضى، على اللائحة التى تهدف إلى تقديم الخدمة مجاناً للمرضى من التاسعة صباحاً حتى الواحدة ظهراً، على أن يكون بعدها العلاج بأجر، وتخصيص ما لا يقل عن 40% من أسرة المستشفى للعلاج المجانى، فى إطار التزام الحكومة بتقديم العلاج المجانى للمواطنين.


وتعد اللائحة الجديدة معدلة عن اللائحة رقم 239 التى صدرت عام 1997 الخاصة بتشغيل المستشفيات العامة والمركزية والنوعية والوحدات التابعة لوحدات الإدارة المالية وتشمل تخصيص 60% للعلاج الاقتصادى.


وانقسم أطباء «الثغر» فى المحافظة حول القرار ما بين من ليس لديهم علم بالقرار، وبالتالى رافضون التعليق عليه قبل وصول القرار والاطلاع على بنوده، فيما يرى البعض الآخر أن القرار يحتاج إلى التقنين إذا ما تم تطبيقه بصورة تكاملية، فيما وصفه آخرون بـ«القرار المنقوص» فضلا عن علامات الاستفهام حول آلية تنفيذه ووصوله بالخدمة إلى المواطنين.


قال الدكتور سلامة عبدالمنعم، وكيل أول وزارة الصحة فى المحافظة، إن القرار لا يزال قيد المناقشة والدراسة، «ولم تصلنا أى صورة منه، ولا أستطيع الفصل أو التعليق على أى أمور أخرى»، رافضاً الإجابة عن أى سؤال أو استفسار بشأن استعدادات مستشفيات الثغر لتطبيق اللائحة.


فيما أكد الدكتور محمد فتح الله، مدير مستشفى رأس التين بالأنفوشى، أن أى قرار صادر فى الدولة يحتاج للدراسة والاطلاع، مؤكداً أن الوزارة تتخذ ما فيه صالح المريض والعملية الطبية ولا يمكن الحكم على صحة القرار من عدمها قبل الاطلاع عليه ومعرفة آلية تنفيذه.


وقال الدكتور مصطفى سيف، إخصائى جراحة، إن من المعروف أن المستشفيات الحكومية أو العامة تعالج المرضى بالمجان، وهو ما يتم فى الواقع النظرى فقط، لكنه لا يحدث فى الواقع الفعلى، مرجعاً غياب هذه الميزة إلى فقر الإمكانيات على حد قوله ما حولها إلى مبنى لاستقبال المرضى، على أن يتحمل المريض جميع مصاريف العلاج، مشيراً إلى أن القرار لم يغير شيئاً فيما هو واقع حاليا، مؤكداً اختفاء مصطلح «المجان» من المستشفيات الحكومية بداية من تذكرة الدخول التى زادت خلال فترة وجيزة من 3 إلى 4 أضعاف ما كان عليه، ما يعنى أنها فى طريقها للخصخصة.


وأشار الدكتور أيمن جاويش - تخصص أمراض باطنة بمستشفى العجمى- إلى أن المستشفيات الحكومية أدخلت العلاج الاقتصادى منذ فترة رغم مسمى العلاج بالمجان، مؤكداً أن القرار الجديد سيعود بالنفع فقط من ناحية الخدمة الفندقية، لكنها لن تتغير على صعيد الخدمة الطبية، مستبعداً قيام خطة الوزارة على خصخصة هذه المستشفيات، وأن خدمة الطوارئ والاستقبال ستظل قائمة بالمجان حتى لو تم تطبيق القرار الجديد.


ووجه الدكتور جمال عبدالوهاب، أمين عام نقابة الصيادلة بالمحافظة، انتقادات حادة للقرار، معتبرا إياه سيجور على حق المريض الفقير، مؤكداً أن القرار يلزم المريض غير القادر بالتوجه للعلاج خلال 4 ساعات فقط بالمجان، متسائلاً: «ما مصير المريض على مدى 20 ساعة؟»، مشيراً إلى أن القرار من شأنه خصخصة المستشفيات الحكومية، من خلال البند الاقتصادى وهو ما سيضر بصحة المواطن الذى لا يقدر على العلاج بأجر، ولو كان يقدر على العلاج بأجر لما سمح لنفسه بالتوجه للمستشفيات الحكومية.


واعتبر الدكتور محمد البنا، القائم بأعمال النقيب العام للأطباء فى المحافظة، اللائحة الجديدة ليست مختلفة كثيراً عن اللائحة الماضية، وتهدف إلى الحصول على نسبة من الكوادر الجيدة من الأطباء وتأخد منها نسبة لدعم الخدمة الطبية، مؤكداً أن الجديد هو تخفيض ساعات العلاج بالمجان، وأن القرار يبدو جيداً من الناحية الشكلية، ولكن التنفيذ يحتاج لجهد وإمكانات، مبدياً انزعاجه من إهمال المريض البسيط الذى لا يستطيع دفع مصاريف العلاج، «فماذا سيفعل آنذاك، خاصة لو أصيب بمغص كلوى، فلا يعد مريض طوارئ، وإنما لا بد من علاجه بمقابل؟».


وشكك البنا فى إقبال المرضى على المستشفيات للعلاج بأجر لعدم توافر الإمكانات على حد قوله موضحاً أن الأساس فى إقبال المرضى الحصول على الخدمة مجاناً، مشددا على ضرورة مراعاة دخول المرضى الذين لا يستطيعون العلاج بالأجر تحت بند الطوارئ أو الحالات الطارئة على ألا ترتبط بالحصول على أجر. وأضاف: «لدينا 14 مستشفى حكوميا تعانى نقصا فى الإمكانات بالإضافة إلى أن بعضها يفتقد أهم متطلبات الإسعافات الأولية من شاش وقطن وسرنجات وغيرها من العوامل المساعدة فى العلاج مطالباً بضرورة توضيح مصير المرض بعد الساعة الواحدة».


فى حين رفض الدكتور ياسر زكى، رئيس لجنة الصحة فى المجلس الشعبى المحلى للمحافظة، إطلاق الأحكام المسبقة عن القرار قبل الاطلاع عليه، مبدياً توقعاته، بأن تظل خدمة الطوارئ بالمجان، على أمل أن يتم استغلال فترة العلاج بأجر وتسخير إمكاناته لعلاج المرض بالمجان بعد زيادة موارد المستشفيات، مما سيعود عليها بالنفع، بعد توافر كل الإمكانات للمريض الذى لا يستطيع العلاج بأجر.


وقال زكى: الخدمة الحالية تحتاج إلى تطوير وإمكانيات، لاسيما وأنه من الناحية الفنية والطبية والإدارية الأمر جيد، وأن الأزمة تكمن فى مسألة التمويل مشددا على أن قرار العلاج بأجر - حتى لو كان مخفضاً سيجعل المريض يتوجه إلى المستشفيات الخاصة واضعاً فى اعتباره عدة متغيرات مثل مشقة السفر ومصاريف الانتقالات وعناء يوم طويل يجعله يضحى بفارق العلاج بالمجان. وأشار إلى أن القرار لو كان يستهدف تفريغ الفترة الصباحية لغير القادرين فقط فإنه سيحقق طفرة كبيرة فى العلاج الحكومى على حد قوله.