المكان شارع خليل حمادة فى سيدى بشر، الابتسامة ترتسم على وجوه كل المترددين على كنيسة القديسين. فى الساعة 12.20 بعد منتصف الليل، غابت الابتسامة عن الجميع، غطى الحزن كل الوجوه، أصبحت الدموع والهلع والخوف عنوان العام الجديد، خلعت عروس البحر المتوسط ثوب الزفاف وارتدت ملابس الحداد، الصرخات لا تنقطع وحسرة وألم فى قلوب كل المصريين.
داخل المستشفيات روى المصابون تفاصيل الليلة السوداء، نيران ولهب وجثث وقتلى وأشلاء وتفجير، فى غرف العمليات، جراحات وصرخات حتى الصباح، فيلم مرعب شاهدوه للمرة الأولى فى حياتهم أثناء احتفالهم بـ«ليلة الكريسماس»، وقالوا: «رأينا الموت بأعيننا، وشاهدنا أشلاء الرفقاء تتطاير أمام عيوننا، ودماؤهم الطاهرة لطخت المسجد والكنيسة».
تعددت الروايات للحادث، ففى مستشفى «مارمرقس» التابع لكنيسة القديسين، طلبنا من المسؤولين عن المستشفى أن نلتقى المصابين فرحبوا بشرط نقل الحقيقة كاملة، والتقينا المصابين، كان أغلبهم فى حالة لا تسمح له بالكلام لطبيعة الإصابات الجسيمة، والبعض الآخر تحامل ليروى لنا ما حدث.. الطفلة «فيرينا» التى لم تتجاوز عامها العاشر، أصيبت بكسور فى القدم والذراع نتيجة مجموعة من الشظايا التى اخترقت جسدها النحيل، وقالت: «خرجت من الكنيسة قبل انتهاء قداس رأس السنة بدقائق وفجأة سمعت انفجاراً رهيباً ورأيت أشلاء تتطاير من حولى، وجدت كبد أحد الضحايا فى يدى، وأصيبت قدمى ويدى، وظللت أنزف حتى أتى بعض المسعفين من مستشفى مارمرقس لنجدتى، وقاموا باستخراج الشرائح من قدمى، وحزنت جداً لأننى حتى الآن لا أعرف أين أبى وأمى ولم أحتفل برأس السنة مثل كل عام.
أما مايكل فيكتور ميخائيل «29 عاماً» فقد أصيب فى الوجه والقدم، وقال: «كنت واقفاً أمام الكنيسة لحظة الانفجار ووقعت على قدمى، وبعدها سمعت ما يشبه إطلاق نيران، وتحاملت على قدمى حتى ذهبت إلى مستشفى مارمرقس ولن أنسى عمرى كله ما رأيته».
وعن مواصفات مرتكب الحادث، قال رزيق فهمى يوسف، إنه شاب فى آخر العشرينيات طويل يرتدى جاكيت أسود وقميصاً أبيض قام بركن السيارة فى وسط شارع خليل حمادة بين الكنيسة والمسجد وابتعد عنها، وبعد أقل من 5 دقائق وقع الانفجار، وأشار ريمون حلمى فؤاد الذى فقد والدته وأصيبت زوجته إلى أنه رأى والدته تنزف أمام عينيه حتى توفيت بسبب تأخر الإسعاف وعدم قدرة أجهزة المستشفى على استيعاب العدد الكبير الذى أصيب.
وتختلف إصابة أشرف إسحق بسطاوى عن الآخرين، لأنها ليست نتيجة حادث التفجير، وإنما من الاشتباك بين الأمن والمتظاهرين.
وقال أشرف: «عساكر الأمن المركزى اعتدوا علينا بعنف، لأننا كنا نهتف بالروح بالدم نفديك يا صليب ونطالب بالقصاص العادل من الجناة».
وقال ملازم الشرطة الليثى عبدالرحمن، الذى كان معيناً لحراسة الكنيسة وقت الحادث، إنه فوجئ بانفجار مدو ونور عال ولم يدرك بعدها شيئاً.
أما باسم فوزى سعد «نقاش»، فقال إنه كان يؤدى الصلاة داخل الكنيسة هو، ومجموعة من أصدقائه، ثم سمع صوت انفجار مدو، وأحس بحرارة شديدة على جسده.
وقال يونان غطاس سلامة، وكيل بإحدى المدارس، إنه ذهب لتأدية الصلاة مع أهله، وإذا بانفجار ضخم ونيران بدأت تلتهم أجسادهم، وقال يوسف وجدى، محاسب، إنه فوجئ بالانفجار الذى أحدث إصابات بالغة فى جميع أنحاء جسده، وبعدها فقد الوعى ولم يفق إلا فى المستشفى. وانتقل إلى موقع حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية عقب حادث الانفجار، القمص رويس مرقس، الوكيل البابوى بالإسكندرية، كما حضر إلى مقر الحادث الأنبا باخوميوس، أسقف البحيرة، تمهيداً لإعداد تقرير كامل عن واقعة الانفجار لرفعه إلى البابا شنودة الثالث.
وقالت الدكتورة نجلاء جميل، الطبيبة فى مستشفى مارمرقس، إن المصابين والقتلى من جميع الأعمار، وأكدت أن الأب مقار قال للمصلين: «خلوا بالكم الكنيسة مستهدفة»، وأشارت إلى أن المستشفى به 20 مصاباً، وهناك 7 مصابين بالمستشفى الألمانى و10 فى شرق المدينة، ومصابان فى لوران، وأشارت إلى أن مشكلة المستشفى هى عدم وجود دماء للمصابين.
من جانبه، زار الدكتور هانى المر، مساعد وزير الصحة، والدكتور سلامة عبدالمنعم، المصابين لمعرفة احتياجات المستشفى، وصرح سلامة لـ«المصرى اليوم» بأن الزيارة جاءت وفقاً لتوجيهات وزير الصحة الذى طالب بتوفير كل احتياجاتهم، ووفر طائرة إسعاف لنقل المصابين ذوى الحالات الحرجة.