رغم أن حادث استشهاد 5 جنود مصريين على الحدود مع إسرائيل، الخميس الماضى، ليس الأول من نوعه، فإن رد فعل مصر بعد ثورة 25 يناير اختلف، وأكد خبراء سياسيون أن الشعب أصبح جزءا من المعادلة فى العلاقات بين مصر وإسرائيل، وأصبحت لديه القدرة لإجبار الحكومة على التصعيد تجاه تل أبيب، مشيرين إلى أن مصر فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك كانت تكتفى باحتجاج شكلى، وتقبل باعتذار إسرائيلى غير رسمى، مما أدى إلى استهانة تل أبيب بالدم المصرى.
وقال مصدر مصرى إن حوادث الاعتداء على الجنود المصريين من جانب إسرائيل كان يتم التعامل معها قبل الثورة من خلال التنسيق مع الجانب الإسرائيلى، وإبداء احتجاج لفظى يصل إلى حد توجيه اللوم خلال اجتماعات اللجان الأمنية المشتركة بين الجانبين.
وأوضح أن المسائل لم تصل أبدا إلى حد التصعيد العسكرى، بل كان يتم وضع الحوادث التى وقعت بطريق الخطأ على طاولة النقاش، ومحاولة تفسيرها لمنع تكرارها مرة أخرى.
وقال السفير محمد بسيونى، رئيس لجنة الشؤون العربية والأمن القومى السابق بمجلس الشورى، إن رد الفعل المصرى تجاه الحادث الآن مختلف فنحن فى أعقاب ثورة، والشعب يطالب بطرد السفير الإسرائيلى من مصر وإنزال العلم من فوق مبنى السفارة، مشيرا إلى أن مصر قبل ثورة 25 يناير كانت ترد على هذه الحوادث باحتجاجات رسمية، وتقبل باعتذار إسرائيل عن الحوادث التى تتم بطريق الخطأ.
وحول استدعائه هو شخصيا من إسرائيل كرد فعل على انتفاضة الأقصى قال بسيونى: «هذا موضوع مختلف واستدعائى كان رد فعل على الممارسات الإسرائيلية والاستخدام الزائد للقوة داخل الأراضى المحتلة»، أما حوادث قتل الجنود عن طريق الخطأ فكان يتم المطالبة بتوضيح من إسرائيل عن سبب الحادث، وتشكل لجنة تحقيق، وكانت إسرائيل تبرره دائما بأنه حادث غير مقصود، وتعتذر عنه وتقبل مصر الاعتذار، خاصة أن هناك حوادث مماثلة تحدث أحيانا من جانبنا مثل قصة سليمان.
وقال الدكتور عماد جاد، رئيس تحرير مجلة مختارات إسرائيلية، إن الحادث ليس الأول من نوعه فقد سبق أن قتل جنود مصريون على الحدود برصاص إسرائيل، وكانت مصر ترد على هذه الاعتداءات باحتجاجات شكلية، وتقبل المبررات الإسرائيلية مما أدى إلى نوع من الاستهانة بالموضوع عند تل أبيب، وإن كانت بالفعل لا تقصد قتلهم.
وأضاف جاد: «الوضع الآن مختلف لأن مصر تحررت، وأصبح الشعب جزءا من الموضوع وتحرك ليطالب الحكومة بتسجيل موقف»، مشيرا إلى أن الاحتجاجات المصرية قبل الثورة كانت تتم دون متابعة، لكن اليوم مصر تطالب بتحقيق رسمى، وتستطيع رفض نتائجه إن لم يعجبها والمطالبة بتحقيق دولى، وعندما تقبل نتائج التحقيق تستطيع المطالبة باعتذار رسمى من جانب إسرائيل وتعويض الضحايا.
وأشارت إلى أن مصر سبق أن سحبت سفيرها من إسرائيل مرتين، الأولى فى أعقاب غزو لبنان عام 1982، والثانية عقب انتفاضة الأقصى، وفى كلتا المرتين كان القرار بدافع الحرج ولا يعبر عن موقف رسمى أو أزمة بين الجانبين.
وقال الدكتور وحيد عبدالمجيد، الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، إن الشعب أصبح الآن جزءا من المعادلة للمرة الأولى فى تاريخ العلاقات بين مصر وإسرائيل، منذ توقيع معاهدة كامب ديفيد، ويمكن أن يترتب على ذلك لو كانت هناك إرادة سياسية تصحيح للاختلالات والأوضاع الشاذة فى هذه العلاقة، لافتا إلى أن مصر كانت تكتفى قبل الثورة باحتجاجات شكلية.
وأضاف: أصبح فى إمكان الشعب الآن أن يمرر ضغوطا مستمرة لخلق واقع جديد، وأصبح وجود السفارة الإسرائيلية مهددا، لذلك لابد من إدارة الموضوع سياسيا، واستخدام الدبلوماسية الشعبية من أجل الضغط على إسرائيل لتعديل معاهدة كامب ديفيد، خاصة البروتوكول الأمنى والجزء الخاص بتصدير البترول إلى إسرائيل.
وأشار إلى إن مصر تمتلك إجراءات كثيرة للتصعيد السياسى لا تعد انتهاكا لمعاهدة كامب ديفيد، تبدأ بسحب السفير المصرى من تل أبيب، وصولا إلى تخفيض العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين إلى أدنى مستوياتها، حيث إن المعاهدة تنص على إقامة علاقات دبلوماسية لكنها لا تحدد مستواها.