ما بين كوارث طبيعية، وأحداث سياسية مثيرة للجدل، وقرارات اقتصادية وشخصيات غيبها الموت، وأخرى تراجعت عن مسرح الحياة مر عام 2010 الذى انتهى منذ ساعات قليلة بأحداثه وتفاصيله التى رصدها تقرير سنوى لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، وجاءت صفحاته وثيقة مهمة لما شهدته مصر فى 2010، إلى جانب إطلالة سريعة على أهم الأحداث الدولية.
نحو 326 قراراً جمهورياً، وما يقرب من 3079 قراراً لرئيس الوزراء، هكذا رصد التقرير عدد القرارات الرسمية بصورة تبرز مركزية اتخاذ القرار حتى فى أبسط الأمور، فإلى جانب القرارات الجمهورية الخاصة بالتعديل الوزارى المحدود فى وزارتى التعليم والنقل، وتغيير 5 محافظين فى مطلع العام، وتعيين الدكتور أحمد الطيب شيخاً للأزهر، نجد قراراً جمهورياً بتعيين الشيخ عبدالهادى القصبى شيخا لمشايخ الطرق الصوفية، وتعيين الدكتور هانى هلال، وزير التعليم العالى، كرئيس لبعثة الحج الرسمية.
ويذكر التقرير أن الرئيس مبارك كان صاحب التوجيهات والأوامر فى كل الأمور للحكومة بجميع وزرائها وفى صميم تخصصاتهم، ومنها أوامر إرسال معونات لهاييتى عقب الزلزال المدمر الذى ضربها فى مطلع العام، وضرورة الاهتمام بمتضررى السيول فى سيناء وأسوان، ورفع قيمة التعويضات إلى 25 ألف جنيه، ووقف بيع جزيرة آمون، وتحقيق السيولة المرورية فى الشارع المصرى وحل أزمة المرور المتكررة.
على صعيد قرارات مجلس الوزراء، يلفت التقرير الانتباه إلى عدد من القرارات المتعلقة بإنشاء لجان أو هيئات لمتابعة أعمال جهات قائمة بالفعل، ومنها إنشاء اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الفساد، رغم وجود العديد من الجهات المختصة بذلك، وإنشاء صندوق إعانات الطوارئ للعمال، المختص برسم السياسات العامة لمواجهة إغلاق المنشآت، وإنشاء المجلس المصرى للاعتماد المهنى برئاسة وزيرة القوى العاملة لوضع رؤية قومية لتنمية الموارد البشرية، وإنشاء جهاز تنظيم النقل الحضرى بالقاهرة لتقييم ومتابعة عملية النقل، وإنشاء صندوق لدعم وتطوير وتحديث هيئات السلامة والموانئ البحرية والبرية.
وشهد عام 2010 صدور عدد من القرارات التى كانت لها آثار على المستويين السياسى والاقتصادى، ومنها قرار الرئيس تشكيل لجنة لدراسة مشروع «مدينتى» بعد الحكم ببطلان عقدها، وقراره بمد حالة الطوارئ لمدة عامين وموافقة مجلس الشعب المصرى عليه.
كما شهدت الحياة البرلمانية العديد من الأحداث الساخنة فى 2010، منها قبول استقالة وزير الإسكان السابق محمد إبراهيم سليمان، وإلغاء قرار تعيينه كرئيس لمجلس إدارة شركة الخدمات البترولية، وشهد شهر يونيو انتخابات التجديد النصفى لمجلس الشورى، التى اتهمها عدد من رموز القوى الوطنية بالتزوير لصالح أعضاء الحزب الوطنى، وهو ما تكرر فى انتخابات مجلس الشعب فى 28 نوفمبر لحد إعلان حزب الوفد والإخوان المسلمين عدم خوض جولة الإعادة فى 5 ديسمبر، بعد أن أسفرت نتائجها عن فوز الوطنى بـ 439 مقعداً من إجمالى 504 مقاعد جرت عليها الانتخابات، مقابل 70 مقعداً للمستقلين و15 للمعارضة.
وطبقا لرصد التقرير، فإنه لا يمكن وصف عام 2010 بالهدوء على جميع المستويات، فسخونة الأحداث امتدت إلى داخل الكيانات السياسية المعارضة فى مصر، ومنها الخلاف فى مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، وإعلان الدكتور محمد حبيب النائب الأول لرئيس الجماعة استقالته مع تصريحات تتوعد بفضح الكثير من الأمور الداخلية للجماعة، وفصل النائب عبدالعليم داوود من حزب الوفد بعد اتهامه لرئيس الحزب السابق محمود أباظة بتلقى أموال من الخارج، وانتخابات اختيار رئيس جديد للحزب، حيث احتدم الصراع بين محمود أباظة، والدكتور السيد البدوى الذى أنهى المنافسة بفوز الأخير بمقعد رئيس الحزب، كما عرف الخلاف الخفى طريقه بين أعضاء الجمعية الوطنية للتغيير التى أعلن الدكتور محمد البرادعى عن تأسيسها عقب عودته فى شهر فبراير الماضى.
وطالت الخلافات حزب الجبهة الديمقراطى لتعلن مارجريت عازر، الأمين العام للحزب، استقالتها من عضويته ومنصبها. وأعلن حزب الوفد تجميد عضوية أعضائه المنشقين على قرار الحزب بالانسحاب من الانتخابات، وإصرارهم على عضوية مجلس الشعب التى فازوا بها. أما أكثر نتائج انتخابات مجلس الشعب إثارة للضجة، فكانت إعلان حزب الوفد تشكيل حكومة ظل برئاسة الدكتور على السلمى، وإعلان 18 نائباً من نواب مجلس الشعب السابقين ممن اتهموا الحكومة بتزوير الانتخابات الأخيرة وإفشالهم، بتشكيل برلمان مواز. إلا أن أكثر الأحداث إثارة للدهشة موافقة 505 أعضاء من أعضاء مجلس الشعب على رئاسة الدكتور أحمد فتحى سرور المجلس للسنة 21 مقابل صوت واحد فقط حصل عليه منافسه محمد عبدالعال رئيس حزب العدالة.
وشهد 2010 حادث مرض الرئيس مبارك وسفره الذى طال لنحو الشهر لإجراء عملية جراحية دقيقة فى ألمانيا، تولى فيه الدكتور نظيف، رئيس الوزراء، مهام الرئيس لحين عودته، وقيل وقتها الكثير عن تعطل عدد من المجالات بسبب عدم قدرة رئيس الوزراء على اتخاذ قرار فى غياب الرئيس.
من جهة أخرى لم تشهد الأحداث المصرية العربية تغيرات كبيرة إلا على بعض الأصعدة ومنها توتر العلاقات المصرية الجزائرية عقب أحداث مباراة كرة القدم بين منتخبى البلدين فى السودان، وبدء المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين برعاية أمريكية، ثم توقفها بسبب إصرار إسرائيل على مواصلة مشروعها الاستيطانى. أما على الصعيد الأفريقى، فسيطر ملف مياه نهر النيل على أحداث العام، خاصة بعد إعلان توقيع 4 دول من دول حوض النيل اتفاقية «عنتيبى» لإعادة توزيع حصص مياه النيل فى غياب مصر والسودان.
أهم الأحداث الخاصة بالمرأة المصرية فى 2010، أولها قرار المحكمة الدستورية العليا بحق المرأة فى التعيين فى منصب قاضية بمجلس الدولة، وهو القرار الذى تم تأجيل تنفيذه. وكذلك بدء الدورة البرلمانية الجديدة لعام 2010 بوجود 64 نائبة نجحن فى انتخابات الكوتة.
على صعيد الحوادث والقضايا شهد عام 2010 عدداً من الحوادث المثيرة إعلاميا ومنها قضية مرتضى منصور وأحمد شوبير التى انتهت بمنع شوبير من الظهور فى التليفزيون المصرى والقنوات الخاصة بعد اتهامه بسب مرتضى بألفاظ خادشة للحياء.
وقتل المذيع التليفزيونى إيهاب صلاح زوجته بطلقة رصاص، بالإضافة لحكم محكمة النقض القاضى بالسجن 15 سنة لهشام طلعت مصطفى و28 سنة لمحسن السكرى فى قضية مقتل سوزان تميم، وهو الحكم الذى طعن فيه دفاع المتهمين مطالبين بإلغاء العقوبة لعدم ثبوت التهمة، كما شهد 2010 قضايا أحد طرفيها صحفى، من بينها قضية يوسف بطرس غالى وزير المالية ضد وائل الإبراشى، رئيس تحرير «صوت الأمة»، بتهمة التحريض على عدم تنفيذ قانون الضرائب العقارية، وقضية وزير الخارجية المصرى أحمد أبوالغيط ضد الإعلامى حمدى قنديل بتهمة السب والقذف. بالإضافة لدعوى القاضى وليد الشافعى ضد الدكتورة مؤمنة كامل وجريدة «الشروق» بالسب والقذف بعد نشر حوار صحفى لها فى الجريدة وصفت فيه القاضى بأوصاف غير لائقة.
أما قضايا الفتنة الطائفية فقد فاقت الحدود فى هذا العام، وبدأت بحادث مقتل 8 قتلى مصريين بنجع حمادى على يد مسلحين، أثناء خروجهم من المطرانية بعد قداس عيد الميلاد، وحادث طائفى آخر بمرسى مطروح بسبب إغلاق المسيحيين لممر شارع يستخدمه الجميع ببوابة، بالإضافة لحادث إختفاء كاميليا شحاته زوجة كاهن المنيا، وأحداث التلاسن بين كل من المفكر محمد سليم العوا والأنبا بيشوى، والتى أثارت الكثير من الجدل فى مصر ورفضها العقلاء من الجانبين، وأحداث كنيسة العمرانية بالجيزة التى اندلعت بسبب معارضة مسيحيون قرارات المحافظ بعدم استكمال بناء كنيسة لعدم الحصول على ترخيص.
واحتل حادث سرقة موظفة بمطبعة البنك المركزى لما يقرب من 2 مليون جنيه مرتبة متقدمة فى حوادث سرقة هذا العام، الذى شهد أيضا تنفيذ حكم الإعدام فى التوربينى الذى قبض عليه منذ سنوات بتهمة اغتصاب وقتل عدد من أطفال الشوارع.
لم يخل العام من رحيل عدد من الشخصيات عن الحياة أبرزهم كمال الشاذلى، والدكتور عبدالصبور شاهين، والمستشار فاروق سيف النصر، وشيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوى، والكاتبان محمود السعدنى، وأسامة أنور عكاشة، ووزير الخارجية السابق أحمد ماهر، والدكتور نصر حامد أبوزيد، والنائب مصطفى السلاب.