لم يكن عام 2010 عامًا عاديًّا في نشاط المخابرات الإسرائيلية، الموساد، فهذا العام هو الأسوأ في تاريخه، حيث سقطت له عدة شبكات تجسس مهمة في عدة دول، وتم الكشف عن أكبر قاعدة تنصت في العالم، تابعة للموساد، وتم اختراق بث طائرات التجسس الإسرائيلية من قبل حزب الله، بالإضافة إلى عملية اغتيال «المبحوح»، التي تم الكشف عن كل العناصر، التي قامت بها، وتسببت في توتر دبلوماسي بين إسرائيل وعدة دول أوروبية.
شهد هذا العام تغييرًا في قيادات اثنين من أجهزة المخابرات الإسرائيلية، أولهما «مائير داجان»، الذي كان تم التجديد له بعد انتهاء مدته لمدة عام، وهو ما اعتبرته وسائل الإعلام الإسرائيلية مكافأة له على اغتيال ضابط العمليات في حزب الله «عماد مغنية»، وقصف المفاعل النووي السوري في «دير الزور»، وقررت الحكومة الإسرائيلية تعيين «تامير باردو»، الذي سيتولى مهام منصبه في بداية 2011، كما تم تعيين الجنرال «أفيف كوخافي»، رئيسًا لشعبة المخابرات العسكرية الإسرائيلية «أمان»، خلفًا لـ«عاموس يادلين» الذي أنهى مدة خدمته.
وبعيدًا عن التغيرات في المواقع القيادية، بدأ الموساد الإسرائيلي عام 2010 بواحدة من أكثر عملياته فشلا، فرغم نجاحه في اغتيال «المبحوح»، القيادي في حركة حماس، في 19 يناير 2010، فإن لعنة «المبحوح» ظلت تلاحقه، حيث تم الكشف عن كل أعضاء شبكة التجسس الإسرائيلية التي قامت بالمهمة، والإعلان عن قيام الموساد الإسرائيلي بتزوير عدة جوازات سفر أوروبية، مما أدى إلى توتر في العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وعدة دول أوروبية.
كما شهد الموساد هذا العام عدة ضربات قاصمة، كان على رأسها اكتشاف شبكة التجسس الأخيرة في مصر، والتي كانت تعمل على مجال الاتصالات، وهي القضية التي تم تقديم متهم مصري فيها إلى القضاء، بالإضافة إلى ضابطين إسرائيليين هاربين، ولم يعلن الموساد حتى الآن مسؤوليته عن الشبكة، إلا أن المتهم اعترف بتجسسه على مصر لصالح الموساد، كما كشفت تحقيقاته عن 3 شبكات تجسس إسرائيلية في سوريا ولبنان، كان مكلفًا بمتابعتها.
في نفس السياق، كشفت صحيفة «لوموند ديبلوماتيك» الفرنسية، لأول مرة في سبتمبر 2010 عن قاعدة إسرائيلية للتجسس والتنصت على المكالمات والمراسلات الإلكترونية على نطاق دولي تقع في صحراء النقب، وقالت الصحيفة إن القاعدة تعد الأكبر في العالم، وإن بإمكانها اختراق أجهزة الاتصالات للحكومات والدول، وأنها تمتلك قواعد تنصت سرية في أماكن مختلفة، مما يشير إلى أن شبكة التجسس، التي سقطت مؤخرًا في القاهرة، كانت واحدة من تلك القواعد.
الاهتمام الإسرائيلي الزائد بالتخابر وبقضية التجسس، أدى بإسرائيل إلى أن تطلق في منتصف العام قمرًا صناعيًّا عسكريًّا بغرض التجسس ومراقبة البرنامج النووي الإيراني، أطلق عليه «أفق 9» وهو يعد الرابع من هذا النوع، حيث تمتلك إسرائيل إلى جانب هذا القمر ثلاثة أقمار صناعية أخرى، موجودة بغرض التجسس.
الساحة اللبنانية كانت واحدة من أهم الساحات التي شهدت فشلا كبيرًا في الأنشطة الاستخباراتية الإسرائيلية، سواء بتوقيف عدد من العملاء اللبنانيين، الذين يعملون لصالح الموساد، وخاصة في مجال الاتصالات، أو الإعلان مؤخرًا عن تفكيك منظومتي تجسس في لبنان، وضعهما الموساد في هيئة صخور على جبلي «الباروك» و«صنين»، وأظهرت صور نشرها الجيش اللبناني للمنظومتين بعض الكلمات العبرية على الأجهزة الموضوعة داخل ما يشبه الصخور.
كما وجه حزب الله ضربة قاسية للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، عندما قام ببث فيديو كانت التقطته طائرات إسرائيلية دون طيار، وأعلن الحزب على لسان أمينه العام، حسن نصر الله، أنه نجح في اختراق بث هذه الطائرات، وأن الفيديو يشير إلى أن ثمة دورا إسرائيليا في عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، وكان السقوط الأخير للموساد في لبنان، بعد الإعلان مؤخرًا عن تفكيك شبكة تجسس جديدة في جنوب لبنان، واعتقال ثلاثة متهمين بالتجسس لصالح الموساد.
وفي أكتوبر الماضي، اتهمت الحكومة التركية الموساد الإسرائيلي بالتورط في عملية تجسس على عدد من القيادات التركية البارزة، وقالت تركيا إنها أسقطت شبكة تجسس عسكرية، تعمل تحت ستار شبكة دعارة، وتبتز عددًا من القيادات السياسية والعسكرية، وأنها زرعت أجهزة تنصت في عدة أماكن حساسة، وكانت تستخدم أجهزة تجسس إسرائيلية الصنع.