قالت مصادر بقطاع المستلزمات الطبية إن أزمة نقص المستلزمات، وعلى رأسها فلاتر الكلى والمحاليل الطبية، ترجع إلى سوء إدارة وتخطيط من وزارة الصحة، بالإضافة إلى عجز الموازنة الخاصة بشراء المستلزمات عن تغطية كامل الاحتياجات بعد الارتفاعات الكبيرة التى حدثت فى أسعار الخامات نتيجة زيادة أسعار الدولار فى السوق السوداء، وتوقف البنك المركزى عن تدبير أى عملة لتلك المصانع.
وأضافت المصادر، فى تصريحات صحفية، أمس، أنه تم عقد اجتماع لشركات المستلزمات الطبية بمقر وزارة الصحة فى أوائل أكتوبر الماضى بدعوة من اللواء سيد الشاهد، رئيس قطاع الأمانة العامة للشؤون المالية والإدارية، أكد خلاله أن مخازن الوزارة خاوية، ودعا الشركات إلى سرعة توريد ما لديها من مستلزمات طبية إلى الوزارة بنفس أسعار العام الماضى، وهو ما رفضته أغلب الشركات نظرا للخسائر الكبيرة التى تتحملها جراء ارتفاع أسعار الخامات نظرا لتدبيرها الدولار من السوق الموازية.
وتابعت أن أزمة النقص الشديد فى فلاتر الكلى ترجع بالأساس إلى توقف أكبر مصانع إنتاج الفلاتر فى مصر عن الإنتاج قبل شهرين، وهو مصنع «هايدلينا كولميت»، بسبب عدم قدرة المصنع على تدبير الدولار اللازم لسداد مستحقات موردى الخامات الأجانب وتوقفهم عن توريد احتياجاته.
وأشارت المصادر إلى أن اتحاد الصناعات، ممثلا فى شعبة المستلزمات الطبية بغرفة الصناعات الهندسية، رفع تقريرا عاجلا إلى وزارة الصناعة والمجلس الاستشارى الرئاسى للتنمية الاقتصادية، برئاسة الدكتورة عبلة عبداللطيف، يحذر فيه من حدوث كارثة تهدد صحة مرضى الغسيل الكلوى فى مصر، مع توقف أكبر مصنع عن الإنتاج، وتم رفع الأمر إلى السلطات العليا التى أمرت البنك المركزى بتدبير 3 ملايين يورو للمصنع كإجراء مؤقت ليعود المصنع للإنتاج أواخر أكتوبر الماضى.
ويبلغ إنتاج مصنع «هايدلينا أولميد» حوالى 7 ملايين فلتر، تمثل كامل احتياجات السوق المحلية سنويا، إلى جانب مصنع «ميديكا ميدل ايست» الذى ينتج 3 ملايين فلتر، ليصل كامل إنتاج مصر من الفلاتر إلى 10 ملايين، فيما يبلغ الاستهلاك المحلى 7 ملايين، ويبيع هذان المصنعان أغلب إنتاجهما لوزارة الصحة والمستشفيات الجامعية بأسعار محددة مسبقا من جانب وزارة الصحة.
ولفتت المصادر إلى أن وزارة الصحة والمستشفيات الجامعية تعاقدت مع وزارة الدفاع فى إبريل الماضى على شراء كامل احتياجات القطاع الطبى فى مصر فى مناقصة دولية أجريت فى برلين، وكان من ضمنها مرشحات وفلاتر الكلى، وفازت بها إحدى الشركات الألمانية الكبرى، فى الوقت الذى لم يسمح فيه للمصانع المصرية بالمشاركة فى المناقصة بما يهدد بتوقف تلك المصانع عن الإنتاج.
وقالت إنه فى شهر أغسطس الماضى خاطبت وزارة الصحة، ممثلة فى الأمانة العامة للشؤون المالية والإدارية، كل الجهات والمراكز التابعة لها بحظر شراء أى من الأصناف التى تم التعاقد عليها فى مناقصة برلين، وفقا لمذكرة مرسلة من رئيس الإدارة للمراكز الطبية المتخصصة- حصلت «المصرى اليوم» على نسخة منها- وجاء بها أن الاحتياجات العاجلة غير الواردة بعقود المناقصة سيتم توفيرها طبقا لأحكام القانون 89 لسنة 1998. وأضافت أنه فيما يتعلق بتعاقدات صفقة برلين، فإن أول شحنة تسلمتها مصر كانت فى أول الشهر الحالى، ويصل حجمها إلى 160 ألف فلتر، وأن هذه الكمية تغطى احتياجات أسبوع فقط على الأكثر، وأن هناك شحنة أخرى من المقرر أن تصل خلال أيام لتغطى احتياجات شهر.
وأكدت المصادر أنه تم الاتفاق بين وزارتى الدفاع والصحة على إجراء مناقصة محلية لتوريد باقى المستلزمات الطبية، وأن مجمع الجلاء الطبى العسكرى أعلن عن إجراء مناقصة لصالح مستشفيات وزارة الصحة، ولكن تم تأجيلها لأجل غير مسمى.
وتابعت: «من ضمن القرارات الخاطئة التى تدل على عشوائية وزارة الصحة فى التعامل مع الأزمة أنه خلال الشهر الماضى أرسلت بعض مراكز الكلى فى عدة محافظات، منها المنصورة وطنطا، والتابعة للجمعيات الخيرية والمستشفيات الخاصة، إلى وزارة الصحة تؤكد لها عدم قدرتها على الاستمرار فى تقديم الخدمة للمرضى بسبب ارتفاع التكلفة، وأن الدعم الذى تحصل عليه هذه الجهات من وزارة الصحة لم يعد يصلح للاستمرار فى تقديم الخدمة، وكان رد الوزارة وقتها إلغاء التعاقد مع تلك المراكز، وطلبها توجيه المرضى إلى مستشفيات تابعة للحكومة، وهو ما أدى إلى زيادة الكثافة على المستشفيات الحكومية فى ظل قدرات وإمكانيات محدودة من جانبها».
وأشارت المصادر إلى أن وزارة الصحة اتخذت قرارا الأسبوع الماضى بزيادة الدعم المقدم للمراكز فى الجلسة إلى 250 جنيها، أملا فى عودة المراكز الطبية لتقديم الخدمة من جديد.
وفيما يتعلق بالنقص الشديد فى المحاليل الطبية، قالت المصادر إن الأزمة بدأت مع إغلاق الحكومة أكبر مصنع لإنتاج المحاليل فى مصر، وهو مصنع «المتحدين» العام الماضى بعد أزمة تتعلق بوفاة أطفال فى بنى سويف، وأشارت إلى أن المصنع طلب أكثر من مرة ملاحظات وزارة الصحة لاستئناف التشغيل، خاصة أنه ينتج أكثر من 50% من احتياجات السوق.
وأضافت أنه كان يجب أن تضع وزارة الصحة خطة بديلة لتدبير احتياجات السوق من المحاليل إذا كانت نيتها عدم تشغيل المصنع من جديد، وأنها أعلنت عن اتجاهها لإنشاء مصنع جديد بالتعاون مع الإنتاج الحربى، مع أن بدء تشغيل هذا المصنع يحتاج إلى سنوات.
وتابعت أن مصنع المتحدين نفذ كل ملاحظات اللجنة الفنية المشكلة من وزارة الصحة، وتم رفع تقرير لمكتب وزير الصحة منذ شهر ونصف تقريبا، به توصية من اللجنة لاعتماد وتشغيل المصنع، إلا أن الوزير لم يوقعه حتى الآن.
يذكر أن عدد مرضى الفشل الكلوى فى مصر 50 ألف مريض، ويتم إجراء عملية الغسيل فى المتوسط 3 مرات أسبوعيا، ويصل كامل استهلاكهم من الفلاتر سنويا إلى 7 ملايين.