حذر المشاركون فى المؤتمر السنوى للمجلس المصرى للشؤون الخارجية، تحت عنوان: «الأمن المائى المصرى.. الواقع والمستقبل» من تداعيات التواجد الإسرائيلى، ليس فى دول المنبع فقط، بل فى جنوب السودان، معترفين بما وصفوه بـ«التقصير المصرى» تجاه تلك الدول، وقالوا إن تحرك مصر فى أفريقيا جاء متأخرًا.
وقال الدكتور محمود أبوزيد، وزير الرى والموارد المائية السابق، خلال أعمال الحلقة النقاشية الثلاثاء، إن صفقات اللحوم التى عقدت مؤخرا بين مصر وعدد من الدول الأفريقية ساهمت فى تحسين العلاقة بين الطرفين، منوها إلى استثمار دول الخليج فى دول حوض النيل، وغياب مصر فى هذا الصدد، قائلا: «الاستثمار الزراعى فى دول حوض النيل تقوم به دول الخليج وهو أخطر ما يمكن؛ لأنهم بدأوا يستثمرون فى موارد مائية، وكنا نأمل فى أن نشارك فيها، ولابد من أخذ الموضوع بجدية».
وتابع: «أعتقد أنه لابد من التحرك فى الوقت الحالى على الرغم من أن الوقت أصبح متأخرًا جداً»، محذرًا من التدخلات الخارجية فى دول المنبع وفى جنوب السودان، لافتا فى الوقت نفسه، إلى أنه فى إطار المشاورات مع دول حوض النيل، فإنه قد تم التوصل إلى عدد من الاعتبارات الإيجابية، مثل: «لا لبيع المياه أو نقلها خارج حوض النيل، وضرورة الإخطار المسبق عند إقامة أى مشروعات، وعدم الإضرار بحصة مصر».
من جانبه، انتقد الدكتور مصطفى الفقى، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشورى، الوضع الحالى فى السودان، قائلا: «السودان منكوب بأسوأ نظام فى تاريخه منذ الاستقلال، وهذا النظام باع جزءًا من السودان مقابل توجه سياسى عابر ذى طابع دينى»، وأضاف: «من وجهة نظرى الشخصية، فإن المسؤولين فى الجبهة الإسلامية بالسودان قايضوا بوحدة السودان»، معربًا عن أسفه حيال ما آلت إليه الأوضاع فى السودان، قائلا: «مصر ستدفع فاتورة انفصال الجنوب».
وتابع: «التركيبة الكاملة للسياسة المصرية تجاه دول حوض النيل ستتغير، ولحسن حظ مصر أنها تتمتع بعلاقات طيبة مع الجنوب السودانى، لأنها لم تكن طرفًا فى الحرب بين الشمال والجنوب»، وأضاف: «قضية المياه ستتأثر بالتأكيد فى حالة انفصال الجنوب، خاصة أن إسرائيل موجودة هناك» قائلا: إن «المنطقة أصبحت مخترقة من جميع الاتجاهات، وإن إسرائيل كانت ولاتزال وستبقى تستهدف مصر»، مبررا ذلك بأن القاهرة بمثابة «اللقمة فى الزور» بالنسبة لتل أبيب ـ على حد وصفه.
وحذر الفقى من مخاطر انفصال الجنوب، وقال إنه من شأنه أن يزيد مسألة درافور توترا، ويحدث حربا بين الشمال والجنوب، مطالبا الحكومة المصرية بعدم دعم حكومة الخرطوم، قائلا: «دعمنا للشمال كلفنا فاتورة كبيرة»، داعياً إلى ضرورة تشكيل لجنة تعنى بالوضع فى السودان ودول حوض النيل.
واعترف الدكتور السيد فليفل، رئيس مركز البحوث الأفريقية، بوجود «تقصير مصرى» فى حق شعوب دول حوض النيل، من الناحية السياسية والاقتصادية والثقافية، قائلا: إن مصر بحاجة لمراجعة تحركاتها حتى تكون أفريقية كما ينبغى، مثلما هى شرق أوسطية وعربية، وأضاف: «نحن بحاجة لمراحل مقبلة لأن الوقت ليس فى حقنا، فنحن نعيش (عالة) على جيل السد العالى».