استمرت حالة الارتباك فى سوق الدواء، على خلفية نقص عدد كبير من الأدوية المستوردة التى تسبب فيها ارتفاع سعر الدولار، والتى تضاعفت فى أعقاب قرار البنك المركزى المصرى بتحرير سعر الصرف، الأمر الذى أدى إلى تحجيم شركات توزيع الأدوية المستوردة الحصص الموزعة على الصيدليات من الأصناف الدوائية.
ورصدت «المصرى اليوم» تداعيات الأزمة فى عدد من صيدليات القاهرة، والتى شهد عدد كبير منها استمرار نقص الأدوية المستوردة، خصوصا حقن البنسلين الخاصة بمرضى السكر، بالإضافة إلى عدد من أدوية الأمراض المزمنة، فيما تحسن الوضع نسبيا فى بعض الأدوية الأخرى.
وقال الصيدلى سامر محمود، الذى يدير إحدى الصيدليات الكبرى بالمُنيرة، إن الأزمة شهدت تحسنا ملموسا، موضحا أن المشهد العالم لا يُبشر بعودة الأوضاع فى سوق الدواء إلى سابق عهدها.
وأضاف: «فى بداية الأزمة كنت بطلب طلبية بيجيلى منها 10%، دلوقتى زادت النسبة لـ40%»، على الرغم من الانفراجة فيما يتعلق بالعقاقير المستوردة، إلا أن «البونص» ما يزال مشكلة بعد أن عمدت شركات الأدوية إلى إلغائه، الأمر الذى أثر سلبا على هامش ربح الصيدلى، ومن ثم على قدرته على الوفاء بالتزاماته المادية. ويُقسم «محمود» الأصناف الدوائية التى تعتمد عليها السوق المصرية إلى 3 فئات، محلى واستثمارى يتم إنتاجه باستيراد المواد الخام من الخارج، ومستورد صِرف، لافتًا إلى أن المحلى متوفر بنسبة 60% والاستثمارى بنسبة 40% والمستورد بنسبة 10%.
ويرسم «محمود» خريطة سريعة لحجم النواقص كما اختبرها فى الفترة القصيرة الماضية، إلا أن مخاوفه الأكبر تتعلق بالأشهر القليلة المقبلة، حيث يتوقع أن تعانى سوق الدواء من أزمة فى توفير المواد الخام اللازمة للتصنيع المحلى.
على قمة أولويات الطبيب الصيدلى تقع الأمراض المُزمنة، كأمراض القلب والسكر وضغط الدم، التى يجتهد فى توفيرها لمرضاه، يطرح عقار «بلافيكس» كمثال عنها، والذى يُعتبر من مُستجدات النواقص الدوائية ما بعد تحرير سعر الصرف، إلا أن الأغلبية العظمى من النواقص لها تاريخ من الاختفاء عن أنظار المرضى.
من بين أشهر العقارات التى يستمر مُسلسل غيابها عن الأسواق عقار «كيتوستريل»، كما يوضح حازم الحوتى، الطبيب الصيدلى، إلا أن العقار يترك خلفه فئة عريضة من المتضررين من مرضى الفشل الكلوى، أو المعرضين للإصابة به، ممن يعتمدون عليه بشكل أساسى لتحسن وظائف الكلى وإعادة بناء أنسجتها، يُعرض العقار على ذلك فى السوق السوداء للدواء بسعر مُضاعف يعجز المريض عن الوفاء به، RH عقار آخر يُستخدم فى أعقاب بعض الولادات وتعانى السوق نقصا حادا منه مؤخرا، على الرغم من أهميته، حسب «الحوتى» حيث تعجز الشركات عن توفيره.
ويرى «الحوتى» أن أزمة النقص مُفتعلة منذ البداية، وقودها عدم رغبة الشركات فى الدفع باحتياجات السوق فى المقام الأول، ثم اتجاه المرضى لتخزين كميات من الدواء بمجرد اضطراب الوضع الاقتصادى بشكل عام، اليوم يحصل الطبيب الصيدلى على كميات أكبر من الأصناف الدوائية التى تحتاجها صيدليته، وعلى سبيل المثال أحد أصناف الأنسولين التى اعتادت صيدليته أن تستهلك 40 عبوة منها، والتى اضطر خلال الفترة الماضية للتعايش مع توريد قدره عبوة واحدة فقط، يحصل اليوم على 4 عبوات، إلا أنه يرى أن الكمية ما تزال غير كافية.
ويؤكد الحوتى أن بعض المرضى تسببوا باتجاههم لتخزين الأصناف التى يخشون نقصها فى زيادة حدة أزمة نقص الأدوية، ما تسبب فى مُعاناة كُبرى لمرضى آخرين يعجزون عن توفير احتياجاتهم الأساسية من الدواء: «المرضى لا حول لهم ولا قوة، بيلفوا يدوروا على الدواء مش بيلاقوه أو بيلجأوا للناس اللى تخالف التسعيرة والقانون وتبيع بالغالى».