قال حسن أمين، خبير الطاقة والمدير الإقليمى لمجموعة أكو باور السعودية فى مصر، إن الحكومة مطالبة بوضع استراتيجية لقطاع الطاقة فى مصر لضمان تدفق الاستثمارات، لافتا إلى أن قرار تحرير سعر الصرف جيد، وأنه لابد أن تتبعه قرارات أخرى لجذب المستثمرين، من بينها تحديد أى الاستثمارات التى تحتاجها مصر خلال الفترة المقبلة، والتفرقة بين المستثمر الذى يضخ الدولار فى السوق المصرية والذى يحصل عليه منها. وانتقد أمين، فى حواره مع «المصرى اليوم»، ما سماه عدم جدية وزارة الكهرباء فى المشاريع التى تطرحها فى المناقصات العامة، مشيراً إلى توقف عدد منها بالفعل، مثل مناقصة إنشاء محطة ديروط.. وإلى نص الحوار:
■ أنتم تمثلون إحدى كبرى الشركات العالمية فى بناء محطات الطاقة الجديدة والمتجددة.. لماذا لم تتحمسوا لدخول مناقصة وزارة الكهرباء الأولى أو ما يعرف بالمرحلة الأولى لتعريفة الطاقة؟
- نحن عندما نبحث فرص الاستثمار فى أحد المشاريع يكون ضمان استدامة المشروع إحدى الركائز الأساسية، فنحن نقوم بضخ استثمارات ضخمة وإدارة مشاريع تصل إلى 25 عاماً، فنحن لا نقوم ببناء محطة ونسلمها بل نكون متواجدين فى المكان طيلة تلك المدة، لذلك لابد من ضمان سلامة الخطوات الخاصة بالمشروع فى بدايته، والمرحلة الأولى كانت بها مشكلة التحكيم المحلى الذى اشترطته الوزارة، وهو شرط يؤدى إلى رفض مؤسسات التمويل الدولية إعطاء أى تمويل للمشروع، بالإضافة إلى أن السعر الذى طرحته وزارة الكهرباء- وهو 14 سنتاً لكل كيلو وات- أصبح مرتفعاً جداً الآن، فأسعار الطاقة الشمسية تنخفض بشكل قياسى، وهناك دول قامت بطرح تعريفة التغذية ثم قامت بخفض الأسعار مرة أخرى بالتفاوض مع الشركات للوصول للسعر العادل للكيلو.
■ هل ستشاركون فى المرحلة الثانية لتعريفة الطاقة الخاصة بالطاقة المتجددة؟
- فى المرحلة الثانية قامت وزارة الكهرباء بإلغاء بند التحكيم المحلى، وسمحت بالتحكيم الدولى، وهو إجراء سيسمح بضخ استثمارات من خارج البلد، حيث إن البديل كان الاقتراض من الداخل، مع الإشارة إلى أن جميع المشروعات التى تقوم بها الوزارة تتضمن التحكيم الدولى، وحالياً نقوم بدراسة السعر الجديد الذى حددته الوزارة وهو 8.5 سنت لكل كيلو وات بالنسبة للطاقة الشمسية.
■ ما أبرز الانتقادات التى توجهونها للمرحلة الثانية؟
- هناك عدد من البنود التى يجب إعادة النظر فيها، أبرزها ربط صرف 30% من مدفوعاتنا بسعر تحويل 8.8 جنيه للدولار الواحد، حيث إن هذا السعر لم يعد موجوداً حالياً، فلو أرادوا تثبيت سعر الصرف لجزء من مستحقات الشركات لابد أن يحددوا يوماً لتحديد سعر الصرف عليه، مثل يوم الإغلاق المالى للمشروع، علماً بأن الفرق بين السعر الحالى للدولار والسعر المثبت (8.88) يمثل خسارة للمستثمر تقدر بحوالى 15% وذلك قبل أن يبدأ المشروع أصلاً.
■ ما الجديد فى مشروع إنشاء محطة كهرباء ديروط؟
- وزارة الكهرباء طرحت فى عام 2009 مناقصة لبناء محطة ديروط، وبالفعل تم تأهيل 10 تحالفات إلا أنه تم تأجيل الضمانات الحكومية ثم وفرت الوزارة الضمانة الحكومية عام 2013 وأجرت مناقصة عام 2014، وبالفعل تم فتح المظاريف عام 2015 لإنشاء محطة بقدرة 2250 ميجا وات، وهو ما يعد استثماراً مباشراً لضخ العملة الصعبة للسوق المصرية، حيث تبلغ التكلفة الاستثمارية للمشروع 2.2 مليار دولار، وستقام المحطة على مساحة 70 فداناً، وتتكون من 3 وحدات بقدرة 750 ميجا وات لكل منها بتكنولوجيا الدورة المركبة التى تنتج ثلث الطاقة دون استخدام وقود إضافى.
■ ولماذا لم يتم توقيع العقود النهائية حتى الآن؟
- السبب هو عدم جدية وزارة الكهرباء، حيث لا يوجد سبب منطقى، خاصة أن المشروع مناقصة طرحتها الوزارة، وللأسف طول المدة يؤدى إلى عدم القدرة على تثبيت أسعار مقاولى الباطن والتمويل وجميع الأطراف تخسر، حيث إن غالبية المستثمرين عندما يراقبون سوق الطاقة فى مصر سيعلمون أن المناقصات تسير ببطء، ونحن نريد أن نزرع ونقوى ثقة المستثمر فى السوق المصرية.
■ البعض يرى أن الوزارة انتظرت صدور قانون الكهرباء الجديد بلائحته التنفيذية الذى ينظم شراء الطاقة من القطاع الخاص؟
- القانون لم يعطل شيئاً، فهناك ثلاث محطات تعمل بالفعل بنظام الـBOO منذ عام 2000، كما أنه يجب النظر إلى مصلحة مصر فى ماهية المشروعات التى تهدف إلى دخولها، فهناك نوعان من المشروعات التى تقوم بها وزارة الكهرباء: النوع الأول هى مشروعات الـBOO أو مشاريع التملك والإدارة، حيث تطرح الوزارة مشروع إنشاء محطة لتوليد الكهرباء، فيلتزم المستثمر بإنشاء المحطة من أمواله وضخ استثمارات بالدولار من الخارج إلى داخل البلد، وستظل أكثر من 25% منها داخل البلد، متمثلة فى المكون المحلى، مقابل بيع التيار الذى يتم توليده بسعر متفق عليه، ويتحمل المستثمر مخاطر الصيانة والتشغيل طوال عمر المشروع، أو النوع الثانى EPC + Finance وهو أن تقوم الوزارة بالاتفاق مع شركة لبناء المحطة وتحصل الحكومة على قرض لإنشائها مما يؤثر على التصنيف الائتمانى لها دوليا، وجميع الدول فى مراحل التعافى الاقتصادى تهدف إلى الدخول فى مشروعات من النظام الأول، حيث تقوم بضخ استثمارات بالدولار فى البلد، كما أن المستثمر بطبيعة الحال سيكون من مصلحته أن تظل المحطة فى أفضل الحالات الفنية لدواع اقتصادية خاصة بالمستثمر، حيث يضمن العائد على الاستثمار بعد الوفاء بالقروض.
■ البعض يقول إنه لا توجد انقطاعات حالياً ويجب على وزارة الكهرباء الانتظار و«تنقية» المشروعات التى تطرحها.. ما رأيك؟
- فى البداية «التنقية» مطلوبة من البداية وليس لأنك لست فى أزمة، كما أن مشاريع الطاقة ترتبط بالتنمية فى أى بلد، فالمستثمر فى المجال الصناعى مثلا أول شىء يتابعه هو مدى توافر الطاقة الكهربائية بحيث يضمن عدم قطع التيار عن مصنعه، والاستهلاك يزيد دائما، وطبقاً للإحصائيات فالاستهلاك من الكهرباء فى مصر يزيد بسبب السكان فقط 7% وهناك محطات ستخرج للتهالك بنسبة تصل إلى أكثر من 15%، كما أن هناك نسبة أخرى تقل نسبة الكفاءة بها، ولذلك، فلابد أن تكون هناك استراتيجية تضع نسب الزيادة السنوية والمحطات التى ستقوم بمواجهة تلك الزيادات طبقا لاستراتيجية واضحة فمن غير تلك الخطط فإن المستثمر المحترم لن ينظر إلى السوق المصرية.