«الإسلام جزء من ألمانيا».. قالها الرئيس الألمانى «هانز فولف» فى خطابه بمناسبة العيد العشرين للوحدة الألمانية، ورغم ذلك لا يزال الإسلام جزءاً من هواجس نسبة من الألمان تجاه المهاجرين القادمين من بلاد إسلامية، حتى لو كانوا مسيحيين. فالأرقام تشير إلى وجود 4 ملايين مسلم، يشكلون 5% من السكان الألمان، وما يقرب من ربع الأشخاص المنحدرين من أصول مهاجرة، وهو ما يعنى أن ثلاثة أرباع المنحدرين من أصول مهاجرة غير مسلمين. لتبرز ظاهرة «الإسلاموفوبيا» فى ألمانيا دون مواربة، وهو ما لا ينكره الألمان، حتى إن 58% منهم، حسبما ذكرت مؤسسة «فريدريش إيبرت» فى نتائج استطلاع أخير لها، يؤيد الحدّ من الحرية الدينية للمسلمين، لحماية ثقافة المجتمع الألمانى.
«ألمانيا تلغى نفسها».. هكذا جاء كتاب «ثيلو سارازين»، العضو البارز فى الحزب الاشتراكى الديمقراطى، فى الصيف الماضى، وركز فيه الهجوم على الإسلام، مؤكداً أن مشكلات اندماج المسلمين فى ألمانيا، سببها ضعف الجينات الوراثية لديهم، لأنهم ينتمون لثقافة الإسلام، وكيف أن استمرار الإسلام فى ألمانيا يعنى انهيارها. وعلى الرغم من تنديد الكثيرين من المسئولين الألمان بـ«سارازين» وكتابه ووصفه بالعنصرية، وفى مقدمتهم المستشارة الألمانية «أنجيلا ميريكل» التى وصفت أقواله «بالغبية وأنها بلا هدف»، إلا أن مبيعات الكتاب تجاوزت مليون نسخة.
على الرغم من وجود دراسة صادرة عن المكتب الاتحادى للمهاجرين واللاجئين الألمانى تحت عنوان «حياة المسلمين فى ألمانيا»، أكدت أن الاندماج الاجتماعى للمسلمين أفضل كثيراً من صورته النمطية، وأن 45 % من مسلمى ألمانيا المنحدرين من أصول مهاجرة، يحملون الجنسية الألمانية. وأن 80 % منهم لديهم دخل مكتسب خاص بهم. كما أكدت أنه لم يُلحظ لدى المسلمين المشاركين بالدراسة، 17 ألفاً، أى تهميش عرقى أو دينى، وأن نسبة من ليس لديهم اتصال يومى بالألمان أو لا يريدون التواصل لا تزيد على 1%. وهى أرقام تفند ما جاء فى كتاب سارازين، ولكن هناك من يرفض التعامل معها حتى من بين المسؤولين الحكوميين، الذين لم يسمحوا حتى الآن بتدريس الدين الإسلامى فى المدارس الألمانية، التى تسمح بتدريس المسيحية واليهودية.
«تلك مفاهيم خاطئة لأننى لو لم أدرس الدين الذى أنتمى له، فأنا غير موجود».. هكذا علقت بربارا جون، مؤكدة أنها لا تعرف سبباً لذلك الموقف. إلا أن دكتور «فولكر فيجل» من الكنيسة الإنجيلية، برر لنا عدم تدريس الإسلام كدين فى المدارس، بعدم وجود إسلام واحد فى ألمانيا على حد قوله، مضيفاً: «لدينا سنة وشيعة وعلويون، كما أن الإسلام يختلف من بلد لآخر، فالإسلام فى تركيا غيره فى مصر، ويختلف عنه فى المغرب العربى. ولذا لا نملك أسلوبا موحدا للتعامل مع المسلمين».
يُقسم المسلمون فى ألمانيا بين سنة بنسبة 74 %، وعلويين 13%، و شيعة بنسبة 7%. وهناك 2.6 مليون منهم من أصول تركية، بينما يبلغ تعداد المنحدرين من دول جنوب شرق أوروبا كالبوسنة والهرسك وبلغاريا وألبانيا نحو 550 ألف شخص. يليهم نحو 330 ألف مهاجر من لبنان والعراق ومصر وسوريا. و280 ألفاً من شمال أفريقيا. وهو ما يخلق مشكلة أخرى للألمان تتمثل فى إيجاد أئمة لمساجد تلك الجنسيات والطوائف. لذا لجأت الحكومة الألمانية لتنظيم دورات لغوية واجتماعية لنحو 130 إماماً فى جميع أنحاء الولايات الألمانية ضمن مشروع «أئمة من أجل الاندماج»، بهدف تمكين الأئمة من التعرف على احتياجات ومشاكل المسلمين.
جانب آخر لصورة الإسلام فى ألمانيا يتمثل فى ما يعرف باسم «الإسلام الشبابى». تعبير لا يختلف كثيرا عن معناه فى عالمنا العربى، والذى ظهر فى التسعينيات من القرن الماضى.
ويهدف الداعون للإسلام الشبابى فى ألمانيا إلى تكريس قيم التسامح والقدرة على التعايش مع الآخر، مهما كانت ثقافته أو دينه طالما أنه يحترم ثقافة وعقيدة المحيطين به. وتحظى تلك الظاهرة بدعم الكثير فى المجتمع الألمانى فى مواجهة الإسلام الراديكالى المتشدد.