الاختبارات وأسئلة كشف الكذب
أدلى المتهم فى اعترافاته بتفاصيل مثيرة حول الأسئلة التى وجهها ضباط الموساد له أثناء عرضه على جهاز كشف الكذب، قال المتهم: «أخبرونى بأننى سأخضع لجهاز كشف الكذب ووافقت.. فى المرة الأولى التى استمرت قرابة 3 ساعات سألونى عدة أسئلة فى يومين منفصلين، كانوا يسألون نفس الأسئلة بطرق مختلفة ومن بينها (اسمك وعنوانك وعدد أفراد أسرتك.. وهل تحب مصر أم لا.. ولماذا ترغب فى العمل مع الموساد الإسرائيلى؟). وعن الإجابات رد المتهم: «كنت أجيب بكل ثقة»، وقلت فى المرتين اللتين خضعت فيهما للاختبار إننى «أحب مصر».. «وأعمل مع الموساد من أجل المال». وعن جهاز كشف الكذب قال المتهم: «جهاز عادى مثل الكمبيوتر هذا ما شاهدته لأننى كنت فى غرفة مجاورة له، ولم يكن الجهاز أمامى بشكل مباشر».
وعن الاختبارات الأخرى التى واجهها المتهم أكد أنه كان مراقباً طوال الفترة التى قضاها فى الفندق قبل اللقاء الأول بينه وبين المتهم الثانى، وأن تليفونه فى الفندق كان مراقباً، كما أن هاتف زوجته كان مراقباً أيضا. وهناك اختبار آخر عندما طلب «موشيه» من المتهم أن يجلس مع فتاة كانت موجودة فى أحد المولات كانت موجودة فى الشارع بالمصادفة.. وقال: «هعملك اختبار فى (فن الحوار).. لو جلست معها لأكثر من 10 دقائق.. يبقى انت هتنجح فى المهمة المكلف بها».. وبالفعل جلست مع الفتاة التى كانت تبيع الورد لأكثر من 10 دقائق، حتى أن الضابط الإسرائيلى هو الذى جاء وأخذنى منها. وأضاف المتهم فى اعترافاته أنه تعرض للاختبار أكثر من مرة من قبل جهاز «الموساد» فى إسرائيل، إلا أنه لم يذهب يوما إلى إسرائيل على الرغم من أنهم طلبوا منه أن يسافر إليها للتدريب على جهاز حساس فى مجال نقل الصور فإنه رفض ذلك معللا بأنه إذا سافر إلى إسرائيل فإن المخابرات المصرية سترصده وسيضربونه بالنار لو عرفوا بتجسسه.
اختراق الملف السورى النووى والضربة الكبرى
خلال الاعترافات التى كان يدلى بها المتهم «طارق عبدالرازق حسين» فى التحقيقات التى جرت بمعرفة المستشار طاهر الخولى، المحامى العام لنيابات أمن الدولة، كشف عن اختراق الموساد للملف النووى السورى.
قال المتهم: طلب «موشيه» أن أسافر إلى سوريا، بحجة أننى صاحب شركة استيراد وتصدير لشراء زيوت وأشياء أخرى من هناك. وطلبوا منه فى البداية أن يرصد بالتفصيل مطار دمشق.. من حيث الأجهزة الموجودة على البوابات، عدد أفراد الشرطة، عدد الممرات.. طريق إنزال الحقائب وطبيعة «سير الحقائب» ونوعيته، ونفس الأشياء كانت مطلوبة فى شوارع المدينة، وأماكن تواجد المبانى المهمة والمؤسسات الحكومية، وعدد أفراد الشرطة ومكان الأكمنة فى تلك الشوارع.
وأضاف المتهم أنه بالفعل رصد لهم تلك الأشياء، ونقلها لهم من خلال الإنترنت، ومن خلال جهاز الكمبيوتر الذى قدموه له والذى كانت تقدر قيمته بـ«2مليون دولار»، على حد قول المتهم الإسرائيلى، والذى كان يدخل ويخرج به من أى مطار دون أن يعرف أحد أنه معه.
وكشف المتهم عن أن ضباط الموساد طلبوا منه أن يلتقى عميلاً لهم فى سوريا اسمه «صالح النجم»، لم يكن فى بداية الأمر يعرف طبيعة عمله، وسأله يوما عن عمله فردّ عليه: «ليس لك صالح بذلك». ويكمل المتهم بأن الموساد كان يطلب من طارق أن يرسل لعميلهم فى سوريا مبلغاً من المال بالإضافة إلى حشيش وخمور وفياجرا. وبالفعل قدم طارق تلك الأشياء للمتهم السورى، وحصل منه طارق على معلومات تتعلق بمكان تخصيب اليورانيوم فى سوريا وأماكن دفن النفايات النووية ومعدل التخصيب، وأرسلها إلى «موشيه»، الضابط الذى كان يتابعه أو المسؤول عنه.
وأضاف المتهم أنه عرف أن الجاسوس السورى يعمل مسؤولا فى المخابرات العسكرية السورية عن الملف النووى، وأنه يعمل مع الموساد منذ سنوات طويلة، وأمدهم بكل تفصيلة عن الملف النووى السورى. وعن تفاصيل المقابلات مع الجاسوس السورى، قال المتهم إنهما كانا يتقابلان فى أماكن مختلفة وفى مدن مختلفة فى سوريا، وكان دائما ما يرفض الحديث معه عبر الهاتف. وفى كل مرة كان يغلق الهاتف فى وجهه.
وعن طريقة الاتصال بين الموساد والمسؤول الأمنى السورى قال المتهم طارق فى التحقيقات التى أشرف عليها المستشار هشام بدوى، المحامى العام الأول لنيابات استئناف أمن الدولة، إن الموساد كان يمد الجاسوس السورى بخط تليفون مباشر مفتوح بين المتهم والموساد ولا أحد يمكنه أن يتصل على هذا الخط. وكان هذا الهاتف دائما مغلقاً من قبل الجاسوس السورى ومنزوعة منه البطارية طبقا لتعليمات الموساد له. وعندما كانوا يريدون الاتصال به. كانوا يتحدثون على التليفون العادى، واتفقوا على كلمة «سر» مثل «الصوت بعيد.. أو الخط بيقطع».. وقتها يفهم الجاسوس السورى أنهم يريدون محادثته عبر التليفون المباشر. فكان يذهب بعد نصف ساعه بعيدا بمسافة لا تقل عن كيلومتر من منزله أو مكان عمله، ويركب البطارية ويفتح الهاتف. حتى لا يتم رصده أو معرفة المكان الذى يتحدث منه.
وأضاف المتهم أن الجاسوس السورى حصل على مبالغ مالية تراوحت بين 750 ألف دولار ومليون ونصف المليون دولار مقابل إمداده الموساد بمعلومات عن الملف النووى السورى.
وأضاف المتهم أنه كان يحمل رسائل من المتهم السورى، وهى عبارة عن معلومات إما شفوية أو مكتوبة، وينقلها إلى «موشيه» فى تايلاند. وفى إحدى المرات أحضر «موشيه» خبيراً نووياً إسرائيلياً إليه، وطلب منه أن يشرح له تفاصيل أكثر عما قاله له الجاسوس السورى حول أماكن تواجد المفاعلات النووية فى سوريا. واعترف المتهم بأن هذا اللقاء كان قبل الهجوم الإسرائيلى على سوريا وضرب المفاعل النووى السورى فى سبتمبر 2007. وقال المتهم إنه يرجح أن تلك المعلومات ساعدت إسرائيل فى الهجوم على سوريا. وروى المتهم فى التحقيقات كيفية إيقاع الموساد بالجاسوس السورى أثناء وجوده بأحد المستشفيات فى سوريا لتلقى العلاج، فأرسلوا له ضابطاً إسرائيلياً كمريض، وتمكن من تجنيده.
وبعيداً عن التحقيقات فى تلك الجزئية فإن المسؤولين المصريين فى المخابرات المصرية بمجرد أن علموا من النيابة تلك التفاصيل اتصلوا بالمسؤولين فى سوريا وأمدوهم بتلك المعلومات الخطيرة، وباسم المتهم بالتجسس، وألقت سلطات الأمن هناك القبض على المتهم بالتجسس، وقدمته إلى المحاكمة وقضت بإعدامه وتم تنفيذ حكم الإعدام، وتلقت الجهات الأمنية فى مصر شكرا من قيادات سورية على ذلك التعاون المثمر.
وعلى صعيد التجسس السورى أيضا فقد طلب الموساد من طارق أن ينشئ موقعاً على الإنترنت يطلب فيه شباباً سوريين يعملون فى مجال الاتصالات وفى خدمة العملاء ومهندسى اتصالات. وبالفعل تقدم له عدد منهم، وسلم بياناتهم الشخصية إلى مسؤول الموساد ولا يعرف إن كان الموساد قد نجح فى تجنيدهم من عدمه.
الزوجة الصينية
أثناء إدلاء المتهم باعترافاته فى القضية لم يذكر إلا معلومات ضئيلة جدا عن زوجته، وهو ما دفع المحقق إلى السؤال عن تفاصيل أكثر عن الزوجة، فقال المتهم إنها تعمل فى جهاز متابعة الجالية العربية فى الصين وتتحدث اللغة العربية بإجادة. وقال المتهم إنها لا تعرف شيئاً عن تلك القضية أو عمله مع الموساد. ورفض المتهم الإدلاء بأى معلومات عن الزوجة معللا بأنها ليست لها علاقة بتلك القضية. وقال المتهم عن زوجته إنها متدينة وأشهرت إسلامها، وكانت تريد السفر إلى المدينة المنورة بالسعودية للإقامة هناك.
وبعيداً عن التحقيقات فى تلك الجزئية فقد أكد مصدر أمنى أن المتهم ليس متزوجا بشكل رسمى من الصينية، وأنها ربما تكون متورطة فى القضية، وأنها مَنْ أرشدت الموساد عن «طارق» وقالت عنه إنه يصلح للعمل مع الموساد. وقال مصدر أمنى إنه تم الاتصال بالجهات المعنية فى الصين وأبلغوهم بتلك الشكوك للتأكد منها.
المتهم يذهب إلى السفارة المصرية للاعتراف بالتجسس
قال المتهم فى التحقيقات إنه توجه من تلقاء نفسه إلى مقر السفارة المصرية فى الصين، وطلب مقابلة السفير المصرى هناك، فقابله المسؤول الأمنى بالسفارة وسأله عن سبب الزيارة فرد المتهم بأنه لن يتحدث إلا أمام السفير المصرى. وبعد ساعات تحدد له موعد لمقابلة السفير المصرى. وخلال لقائه به قال له إن يتعرض لمحاولة تجنيد من قبل أفراد فى الموساد، وإنه اتصل بهم وأنه يريد مقابلة أحد رجال المخابرات العامة المصرية لإطلاعه على تلك التفاصيل التى قد تفيدهم فى عملهم، وإنه يريد أن يعمل كـ«عميل مزدوج» لصالح مصر، فطلب منه السفير أن يكتب خطاباً بذلك ووقع عليه باسمه وبالتاريخ فى 13 يونيو 2010، وأن يسافر إلى مصر لمقابلة أحد رجال المخابرات العامة المصرية لإبلاغهم بتلك التفاصيل.
وأضاف المتهم أنه شعر بالقلق من طلب السفير ووعده بأنه سيسافر إلى مصر خلال ساعات. وانصرف المتهم من السفارة، وظل فى منزله طوال أسبوعين تقريبا لا يعرف ماذا يفعل، خاصة أنه كان يشعر بأنه مراقب من قبل الموساد، وكان يخشى من معرفة أنه توجه إلى السفارة المصرية. وبعد أسابيع عاد المتهم إلى السفارة لإخطار السفير بأنه سيحجز للسفر إلى مصر. وسأل السفير: «هل أحجز تذكرة ذهاباً فقط أم ذهاباً وإياباً؟» فرد عليه السفير: «ذهاب وإياب يا طارق». وكان يريد طارق من وراء هذا السؤال أن يطمئن، هل سيتم القبض عليه فى مصر أم سيعتبرونه متعاونا وشاهدا وسيطلقون سراحه.
بالفعل حجز المتهم تذكرة ذهاباً وإياباً بتاريخ 26 يوليو 2010. وقال لزوجته إنه سيزور أسرته وسيعود قريبا، وإنه جاء إلى القاهرة وكان مترددا فى الذهاب إلى المخابرات. وعندما سألته النيابة: «لماذا لم تتوجه إلى مقر المخابرات العامة المصرية ومكانها معروف للجميع» فرد المتهم بأنه كان مشتتاً، واعتقد أن السفير أبلغهم وأنهم سيقابلونه فى المطار لأخذه إلى مقر المخابرات.
وقال إنه انتظر فى فندق «..... » بوسط القاهرة. ولا يعرف ماذا يفعل، حتى مر يومان وكان لا يفعل غير السير فى الشوارع والجلوس على المقاهى. بعدها قرر العودة إلى الصين مرة ثانية وألقى القبض عليه أثناء وجوده فى مطار القاهرة. تلك الاعترافات قالها المتهم من تلقاء نفسه ردا على سؤال للمحقق هل فعلا ذهب لمقر السفارة فى الصين. ووجهت النيابة أسئلة أخرى مثل: «هل تقدمت إلى السفارة لشعورك بأنك مراقب؟.. ومع من تقابلت فى السفارة المصرية؟ وماذا كتبت فى خطابك؟»، ورد المتهم بنفس الإجابات التى قالها من تلقاء نفسه فى السؤال الأول. وأطلعته النيابة على الخطاب الذى كتبه بخط يده فى السفارة المصرية بالصين، والذى أرسله السفير إلى المخابرات المصرية، فأكد المتهم أنه هو نفسه الخطاب الذى كتبه بخط يده.
موقع «سنارة».. وشركة كغطاء للتجسس
قال المتهم إنه كان يجلس على النت فى الصين عندما فوجئ بموقع «سنارة» يعلن عن الحاجة لشغل وظائف فى شركة إسرائيلية والفوز بمليون دولار، فتصفح الموقع، وقدم البيانات الشخصية الخاصة به، ونسى الموضوع، وفوجئ باتصال تليفونى من شخص قال إن اسمه «جوزيف ديمور» وطلب مقابلته، ومن هنا بدأت العلاقة بالموساد.
وبعد فترة طلبوا منه أن ينشئ موقعاً فى هونج كونج للإعلان عن وظائف شاغرة لمصريين وسوريين ولبنانيين فى مجال الاتصالات وبالتحديد خدمة العملاء أو مهندسين فى الاتصالات. وبالفعل أنشأ الموقع، وتقدم له عدد من الشباب.
أضاف المتهم أنه سافر إلى عدد من الدول الأوروبية على نفقة الموساد لتعلم فنون الكتابة بالأحبار السرية، وتقنيات استخدام الحاسب الآلى.