قبل أيام وبعد مشاهدة فيلم «ميكروفون» ضمن عروض مهرجان القاهرة السينمائي، خرج أحمد أبو الفضل ومحمد الحاج ومحمد المصري مبتهجين بمستوى الفيلم الذي صنعه المخرج أحمد عبد الله الذي لا يكبرهم كثيرا.
تناولوا عشاءهم وهم يتناقشون حول تقييم تفاصيل الفيلم ومشاهده. البهجة والتفاؤل لم تكن فقط بسبب إعجابهم بمستوى الفيلم، ولكن لأنهم يعتبرونه بادرة لتدشين حس سينمائي جديد يعبر عنهم وعن مجموعة من محبي السينما الذين يستعدون لدخول مجال صناعتها.
ثلاثتهم بدأ تجاربه في كتابة الأفلام. أحمد أبو الفضل، طبيب الأسنان الشاب يدرس الآن بالسنة الأولى في معهد السينما. محمد المصري الذي أتم عامه العشرين يعمل محررا في موقع متخصص في السينما ويعد واحدا من أبرز كتاب عروض الأفلام بين أوساط الشباب المهتم على الإنترنت. أما محمد الحاج فبدأ يشق طريقه في مجال كتابة السيناريو، وبعدها بأيام سيفوز سيناريو كتبه بالمنحة الإنتاجية المقدمة من ملتقى مهرجان القاهرة السينمائي.
يعتبر أحمد أبو الفضل أن الإنترنت لعب دورا كبيرا في تلاقي هذه المجموعة من محبي السينما الذين تواصلوا عبر المنتديات ثم المدونات ثم الفيس بوك ثم تلاقوا. كان لإطلاعهم المكثف على مدارس مختلفة للسينما عبر تحميل وتبادل الأفلام التي تتجاوز الأنواع الأمريكية السائدة دورا في تشكل ذوق مختلف ومركب وشغف استثنائي دفع بعضهم للتفكير في دخول مجال صناعة السينما.
«عندما كنت أفكر قبلا في صناعة الأفلام كان يبدو الأمر وكأنني أفكر في سن متأخرة أن أكون راقص باليه»، هكذا يعبر أحمد أبو الفضل عن المسافة الواسعة بين رغبته القديمة في صناعة الأفلام وبين ما كان يسمعه من القصص شبه الأسطورية عن قصص التعرف على الدائرة الضيقة للمخرجين والمنتجين. وعندما فكر في دخول معهد السينما بعد الثانوية العامة بدا له الخيار خياليا، وفكر ساعتها أيضا – بشكل سينمائي- أن مكان معهد السينما يبدو كمكان سري يلفه الغموض.
يبتسم أبو الفضل وهو يقول إنه بعد دراسة طب الأسنان والعمل به لفترة نجح في الالتحاق بمعهد السينما بعد محاولة أولى لم تنجح. تفاؤله بإمكان عمله في مجال صناعة السينما سببه أنه يرى نفسه وسط مجموعة من الشباب الذي صنع بعضه أفلاما مستقلة قصيرة، وبعضه بدأ العمل في الأفلام الطويلة. مثلا صديقه شريف نجيب هو كاتب سيناريو فيلم أحمد مكي الأحدث «لا تراجع ولا استسلام».
يضيف أبو الفضل: «بسبب الإنترنت أيضا، يمكنني ان أتواصل مع المخرج محمد خان عبر مدونته، بيني وبينه صديق مشترك، بل بيني وبين (المخرج الأمريكي مارتن) سكورسيزي صديق مشترك».
بسبب هذه الإمكانات والنوافذ الجديدة وخطوط الاتصال المفتوحة، بدأ العالم الجديد لمحبي السينما الذي كان يضم مشاهدين ونقادا شباب يتجه لدفع دماء جديدة إلى ساحة العمل السينمائي.
هناك فارق ملحوظ بين الأجيال المختلفة في مجال السينما. فبحسب ملاحظة أحمد أبو الفضل أن الثقافة السينمائية المكثفة شكلها العاملون القدامى بصناعة السينما بسبب عملهم في هذه الصناعة، سفرهم إلى مهرجانات، وعلاقاتهم بصناع سينما آخرين. ويندهش الآن الأساتذة من كم وكيف إطلاع بعض الطلبة الجدد، رغم علمهم بتوافر الأفلام على الإنترنت، إلا أنهم يندهشون لأنهم لا يتصورون اتساع الظاهرة وثراءها.
يضيف أبو الفضل: «قد يظن البعض أننا في المعهد قد يتاح لنا أن نطلع بكثافة على السينما العالمية المعاصرة أو الكلاسيكية. إمكانات المعهد لا يمكنها توفير ذلك. كثيرا ما يرشح الأساتذة أفلاما معينة، ويقوم الطلبة بتنزيلها عبر الإنترنت وتبادلها ومشاهدتها سويا في المعهد».
*ضمن ملف سينما على شاشة كمبيوتر