عندما تكشّر مصر!

محمد أمين الأربعاء 02-11-2016 21:28

ماذا يجرى فى سوق الصرف بالضبط؟.. اتصالات من هنا وهناك.. إلحق: الدولار ينهار.. تصريحات من شركات الصرافة وأخرى من اتحاد الغرف تقول ما معناه: بلّوه واشربوا ميته.. الدولار يتراجع كل يوم جنيهين أو ثلاثة.. أولاً لا تعتبر ما يجرى فى سوق الصرف ارتباكاً، والأصح أن السوق تصحح أوضاعها، وتعود كما كانت قبل العبث فيها.. السبب أن الدولة كشرت عن أنيابها وإن تأخرت، وكسرت «عقدة الخوف» من أى تحذيرات أمنية!

عندى ثقة فى الدولة المصرية لم تتبدد حتى فى أحلك الظروف أبداً.. فحين تنتفض اعلم أنها ستنتصر.. وحين تكشر اعلم أنها ستكسب الجولة.. فقد حدث ذلك سياسياً، وحدث ذلك اقتصادياً.. والآن يحدث بنجاح فى سوق الصرف.. فهناك ثلاثة أسباب ضبطت الإيقاع.. 1- قرارات الرئيس لدعم الاستثمار المحلى والأجنبى.. 2- قرارات اتحاد الغرف بوقف الاستيراد.. 3- دخول دول كبرى صديقة لمساندة مصر.. وهنا ارتفع الاحتياطى وانهار الدولار!

ولا أدعى معرفة كاملة بتفاصيل ما يجرى فى المطبخ.. لكنى على الأقل أعرف بعض الخطوط العريضة.. فلأول مرة لا تطلب جهات سيادية من الرئيس تأجيل القرارات الاقتصادية.. ولأول مرة تطلب بنفسها اتخاذ إجراءات قوية للإصلاح الاقتصادى.. ولأول مرة لا تنشغل بدعوات التظاهر فى 11/11.. معناه أنه لا بديل عن الإصلاح مهما تكلفنا، وإلا سيكون المقابل هو الوطن نفسه.. وهنا ظهر اتحاد الغرف وشعبة الصرافة كشركاء فى الحرب!

زمان، ترددت مصر كثيراً فى اتخاذ أى إجراءات.. السادات تراجع.. ومبارك رفض.. كانت الحجة هى الدواعى الأمنية.. وكانت الحكومات السابقة لا تستطيع تنفيذ أى قرار إزالة، بحجة الدواعى الأمنية.. الآن لا وقت لتأجيل أى شىء.. لا خوف من الدواعى الأمنية.. ولا خوف من دعوات التظاهر.. هذا هو الجديد.. «كسر حاجز الخوف».. إما عملية جراحية أو الوفاة.. الأجهزة نفسها هى التى توصى باتخاذ القرار، دون أن تُلاعب الرئيس!

وليس الجديد هو موقف الأجهزة السيادية فقط.. ولكن قبلهم كان موقف الرئيس نفسه.. أيضاً هذا الموقف انعكس على مجتمع رجال الأعمال والصناعة والتجارة.. إنه قرار الحرب.. فلم تنفرد به جهة، وإنما الشراكة كان لها تأثيرها المباشر على ضبط السوق.. صحيح البعض ارتبك.. وصحيح البعض فوجئ بتغيرات غريبة.. لكنه بالتأكيد إنذار لمن يكنزون الدولار.. وأظن أن الدولار لن يُهزم فى مصر فقط، وإنما سوف يلقى هزيمة عالمية خلال شهور!

وكنت بالأمس أطلب نوعاً من المصارحة والشفافية.. وكنت أطلب من محافظ البنك المركزى أن يتكلم.. وكنت أطلب من المتحدث الرسمى للحكومة أن يصدر بياناً يومياً حول الأسعار والدولار.. ساعتها كنا ربما نطمئن.. بدليل أن الاتحادات حين أعلنت مواقفها تأثرت السوق وتراجع الدولار، وهناك توقعات بأن يفقد جنيهين أو ثلاثة خلال ساعات.. المصارحة هى المطلوبة، والمواجهة هى الحل.. مصر الآن تدفع فاتورة 40 سنة مضت!

لم يكن سعر الدولار منطقياً.. ولم يكن معقولاً أن نتركه دون مواجهة.. صحيح أن عائد السياحة صفر، وعائدات قناة السويس تراجعت، وتحويلات المصريين تراجعت، وعائد التصدير تراجع.. لكن إرادة المصريين أقوى من الإرهاب.. ويمكننا أن نتكاتف، ونتصارح، وأن نتنازل عن الاستيراد.. وأتوقع أن يركع الدولار، ولا تركع مصر!