رحل عن عالمنا يوم الخميس الماضى اللواء أركان حرب جمال حماد وهو واحد من الضباط البارزين في تنظيم الضباط الأحرار الذي قام بثورة 23 يوليو 1952 عن عمر يناهز الخامسة والتسعين، وفوق كونه أحد الضباط الأحرار فإنه هو الذي كتب بيان ثورة 23 يوليو 1952 وقد تقلب بين المناصب السياسية والعسكرية، فقد عمل ملحقا عسكريا في سوريا ولبنان والأردن والعراق بين عامى 1952 و1957 كما جاء محافظا لكفر الشيخ ثم المنوفية أو كمعلم له مؤلفات تستحق التوقف عندها بالاتفاق أو الاختلاف، ومن كتبه في التاريخ الإسلامى معارك الإسلام الكبرى وغزة بدر الكبرى وأعلام الصحابة، ومن كتبه في التاريخ المعاصر «22 يوليو أطول يوم من تاريخ مصر» و«الحكومة الخفية» و«من سيناء إلى الجولان» و«المعارك الحربية على الجبهة المصرية» ولايعلم كثيرون أنه هو مؤلف فيلم شروق وغروب وهومن الأفلام المتميزةعن ثورة يوليو ويكاد يكون أكثرنضجا وإتقانا من فيلم رد قلبى لمؤلفه يوسف السباعى. كما أن له رواية بعنوان و«ثالثهم الشيطان» وتم تحويلها أيضا إلى فيلم سينمائى ولايعرف كثيرون أنه شاعر أيضا ومن دواوينه «بين قلبى وحسامى» كما أن كتاباته عن ثورة 23 أدخلته في معارك خلافية وسجالات مع الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل وسعد الشاذلى وغيرهما.
وتقول سيرة اللواء أركان حرب جمال حماد أن اسمه كاملا «محمود جمال الدين إبراهيم محمد حماد» وهو مولود في مدينة القاهرة في 10 مايو سنة 1921 لأب يدعى الشيخ إبراهيم محمد حماد من أصول ريفية من قرية صغيرة اسمها «شبرا ريس»، مركز شبراخيت محافظة البحيرة، جاء هذا الوالد إلى القاهرة ليتعلم في الأزهر ويتخرج منه ويعمل مدرسا للغة العربية، ويتعلم منه الطفل جمال علوم العربية ويغرم بها وبالشعر على وجه الخصوص، ورزق البيان وسحره وامتلاكه لناصية اللغة ويولع بقراءة الشعر والتاريخ في مكتبة أبيه العامرة ومازال جمال حماد يرتبط بأبيه روحيا ومعنويا حتى وفاته في عام 1958 وبعد حصول حماد على البكالوريا التحق بالكلية الحربية ليتخرج فيها عام 1939 في نفس دفعة المشير عبدالحكيم عامر، وصلاح سالم، وصلاح نصر النجومى (مديرالمخابرات العامة الأسبق) خدم بالوحدات والتشكيلات واكتسب خبرات جمة والتحق بكلية أركان الحرب ليحصل على ماجستير علوم عسكرية من هذه الكلية عام 1950، ثم حصل على بعثة قادة الألوية من كلية أركان حرب بالاتحاد السوفيتى عام 1959 بدأ خدمته العسكرية في السودان ثم انتقل لمنطقة القناة ثم إلى الإسكندرية وأثناء الحرب العالمية الثانية، عمل مدرسا لمادة التكتيك العسكرى والأسلحة في مدرسة المشاة والكلية الحربية في مصر بين عامى 1942و 1946.
وتولى جمال حماد أركان حرب سلاح المشاة (قبل قيام ثورة يوليو) وكان برتبة صاغ (رائد)، وكان اللواء محمد نجيب مديراً لإدارة المشاة، وتعرف عليه عن قرب وازداد به وثوقا، فانضم في هذه الفترة لتنظيم الضباط الأحرار عام 1950 عن طريق صديقه الصاغ أ.ح عبدالحكيم عامر، واشترك في الفعاليات الأولى لثورة 23 يوليو 1952، وكتب بنفسه البيان الأول للثورة.
وبعد نجاح الثورة تولى جمال حماد منصب مدير مكتب القائد العام محمد نجيب، وتطورت الأحداث وحدثت خلافات داخل مجلس قيادة الثورة الذي كان رجاله من أنصار جمال عبدالناصر بعد أحداث فبراير ومارس 1954، قدم نجيب استقالته ورجع تحت ضغط الإرادة الشعبية وبعد الإطاحة بمحمد نجيب عارض حماد اعتقاله وكان بعد الإطاحة بمحمد نجيب انتدب للعمل ملحقا عسكريا لمصر بين 1952 و1957 في كل من سوريا ولبنان والأردن والعراق ثم عين محافظا لكفر الشيخ ثم محافظا للمنوفية وذلك بين عامى 1965 و1968.