شن أهالى قرى الحاجر والجلاوية وبنى واصل بمركز ساقلتة والصوامعة بمركز أخميم فى سوهاج، هجوماً حاداً على مسؤولى الجهاز التنفيذى بالمحافظة، واتهموهم بالتقصير فى التحرك لإنقاذ آلاف المواطنين من السيول التى جرفت منازلهم وأغرقت عشرات الأفدنة الزراعية وقضت على عدد من رؤوس الماشية، وأتلفت المحاصيل الزراعية، مؤكدين أن المسؤولين أطلقوا تصريحات كاذبة لوسائل الإعلام تنافى الحقيقة والواقع.
وأجرت «المصرى اليوم» جولة داخل القرى الأربع الأكثر تضررا من السيول، وكانت قرية «الحاجر» بساقلتة هى أكثرها تضرراً بسبب وقوعها مباشرة أسفل مهبط السيل من الجبل، حيث كانت أقرب القرى لاندفاع مياه السيل، فقد أزالت المياه من شدتها السدود الترابية المقامة فى مهبط الجبل لتأمين القرية ونجوعها من السيول، واقتحمت المنازل ودمرت محتوياتها فى الطوابق الأرضية وتسببت فى انهيار منزل قديم لا يقطنه أحد وانهيار منزل آخر تملكه سيدة أرملة بنجع «العوايسة» وتقيم فيه بمفردها، بخلاف تصدع عشرات المنازل الأخرى بالقرى الأربع ونجوعها وحدوث تشققات بجدرانها.
وأكد أهالى القرية أن تحرك المسؤولين لنجدتهم كان بطيئا ومتأخرا، وأنهم وصلوا إليهم فى اليوم الأول من هطول السيول بدون معدات كافية من كراكات وبلدوزرات وبدون سيارات كسح لشفط المياه، مما اضطرهم إلى استخدام مواتير رى أراضيهم الزراعية لشفط المياه من منازلهم، وقال أهالى نجع «الحمدية» بقرية «الحاجر»: «المياه أغرقت منازلنا ودمرت محتوياتها واتصلنا بالوحدة المحلية لمركز ساقلتة وقت وقوع السيل من أجل نجدتنا، لكن دون جدوى، حيث وصل المسؤولون متأخرين وألقوا نظرة على آثار السيول التى دمرت منازلنا وبعدها غادروا وتركونا دون تقديم أى معونات لنا أو حتى توفير سيارات كسح لشفط المياه من منازلنا، بل إن أحد موظفى المحليات قال أمامنا ساخراً: (خلى الدولة تخف من السكان شوية)، وعندما استشعر غضب الأهالى ادعى أنه يمزح».
وقال عادل صبرى إسماعيل «مزارع»، من أهالى نجع «اللازية» بقرية «الحاجر»: «اقتحمت السيول الجارفة منازلنا خلال اندفاعها من أعلى سفح الجبل فى وقت العشاء وغطت المياه جميع شوارع النجع وأغرقت الطوابق الأرضية من المنازل حتى وصلت فى ارتفاعها عن الأرض إلى صدورنا».
وأضاف صبرى: «أمتلك 18 قيراطاً مزروعة بالبرسيم دمرتها مياه السيول بالكامل، ولجأت أنا وجارى فتحى محمد مهران، الذى يمتلك مساحة 6 قراريط من البرسيم غطتها أيضا مياه السيول، إلى توفير مواتير رى الأرض لسحب مياه السيول من المحصول وصرفها بالترعة».
وفى قرية «بنى واصل» المجاورة لم يختلف الحال كثيرا، حيث أغرقت المياه عددا كبيرا من المنازل وكونت بركا ومستنقعات فى المناطق المنخفضة بالقرية، كما غمرت مساحات واسعة من الأراضى الزراعية وداهمت منطقة «المقابر» بالقرية الواقعة تحت سفح الجبل الشرقى، ودمرت جزءا كبيرا من مدافن الموتى التى غمرتها المياه وأغرقت المياه مدرسة حسين عبيد الابتدائية، وهى مدرسة مغلقة وصادر قرار من محافظ سوهاج بإزالتها نظرا لوقوعها فى مخر سيل، وتم فصل الكهرباء عن القرية بعد إخطار وكيل وزارة الكهرباء، نظرا لوجود أعمدة ضغط عالى بها قريبة من مساكن الأهالى.
وقال أهالى القرية: «أصيبت الحياة عندنا بالشلل التام، وبخاصة مع انقطاع الكهرباء، ولم يوفر المسؤولون لنا أى أماكن للإيواء، كما توقف مخبز القرية، وكل ما فعله مسؤولو الوحدة المحلية أنهم قاموا بتوفير 9 آلاف رغيف من الخبز لآلاف الأشخاص الموجودين بالقرية».
وفى قرية «الجلاوية» كانت الحياة أفضل حالا من القرى والنجوع المجاورة، حيث ساعد تصريف المياه بسرعة باتجاه الترعة المؤدية إلى مصرف أخميم الرئيسى فى التقليل من حجم الخسائر التى لحقت بأهالى القرية، ولم يمنع ذلك من غرق عدد كبير من المنازل بمياه السيول وقت مداهمتها للقرية، حيث وصل ارتفاع المياه فى الشوارع إلى أكثر من نصف متر.
وهاجم أهالى القرية مسؤولى المحافظة فى التعامل مع الأزمة واتهموهم بالفشل قائلين: «هيئة الأرصاد حذرت من هطول السيول على محافظات الصعيد قبلها بيومين ورغم ذلك لم يتم الاستعداد لها فى الأماكن التى تقع فى مهابط السيل والمحددة والمعروفة للمسؤولين».
وفى قرية «الصوامعة» بمركز أخميم كان نجع «هيرماس» التابع للقرية من أكثر المناطق تضرراً من مياه السيول التى اقتحمت 25 منزلا وعددا من أحواش المواشى، ودمرت مزرعة للدواجن ووصل ارتفاع المياه فى شوارع النجع إلى نصف متر، بينما وصل ارتفاعها داخل المنازل إلى ما يقرب من متر، نظرا لكونها فى منطقة منخفضة.
وطالب الأهالى بدراسة حالاتهم وتعويضهم عن الأضرار والخسائر التى لحقت بهم، كما طالبوا بعمل تفتيش دورى لمصرف أخميم الرئيسى والترع الموصلة للمصرف وتطهيرها بصفة مستمرة وتكسيتها بالحجارة منعا للمشاكل التى حدثت بعد اكتشاف امتلاء الترع والمصرف بورد النيل والقمامة وعدم القدرة على تصريف مياه السيول من خلاله.
وزار الدكتور أيمن عبدالمنعم، محافظ سوهاج، القرى الأربع على رأس قافلة مساعدات وخدمات إنسانية ضمت قطاعات التضامن الاجتماعى والصحة والتموين والتعليم والشباب والرياضة والهلال الأحمر، وعددا من الجمعيات الأهلية لتقديم الدعم للأهالى ورفع المعاناة عنهم وتوزيع مواد تموينية وبطاطين وكتب وأدوات مدرسية للأسر والتلاميذ المتضررين من السيول.
وقال المحافظ، فى تصريحات لـ«المصرى اليوم»، ردا على شكوى الأهالى من تقصير مسؤولى الجهاز التنفيذى فى التعامل مع الأزمة، إنه لا يوجد أى قصور فى التعامل وإن المسؤولين بذلوا أقصى ما فى جهدهم فى رفع المعاناة عن الأهالى، مضيفا: «كويس إنه عندنا الإمكانيات دى واشتغلنا بيها».
وأضاف «المحافظ» أنه تأكد له وجود قصور من مسؤولى الرى فى التعامل مع الأزمة وعدم استعدادهم الجيد بتطهير الترع والمصارف والمخرات وعدم توفير المعدات والكراكات وقت حدوث السيول، وأكد أنه أصدر قرارا، بعد أخذ موافقة وزير الرى، باستبعاد وكيل الوزارة ووكيل المديرية من منصبيهما.