قضت المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية، السبت، بإلزام التنظيم والإدارة؛ بتعويض موظف أُنهيت خدمته بمبلغ 50 ألف جنيه لما لحقه من ضرر جراء إنهاء خدمته دون سبب.
صدر الحكم برئاسة المستشار عادل لحظي، نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين بهجت عزوز، أسامة عبدالتواب، نواب رئيس مجلس الدولة، وهشام حسن عبدالرحمن، وكيل مجلس الدولة، والمستشارين أيمن البهنساوى، محمد بركات، عصام رفعت، عبدالهادى عبدالكريم، أحمد محمد عوض الله.
وأسست المحكمة قضاءها على «تقرير صلاحية أو عدم صلاحية العامل للوظيفة المعين عليها؛ أمر تستقل به الجهة الإدارية بيد أن مناط ذلك أن تكون النتيجة التي تصل إليها مستخلصة استخلاصاً سائغاً من وقائع صحيحة ثابتة ثبوتاً يقيناًـ لا مرية ومراء فيها- منتجة في الدلالة على مرادها ومعناها وإلا كان القرار المستند إليها مفتقداً لركن من أركانه وهو ركن السبب، ووقع بالتالى مخالفاً للقانون، فاقداً للمشروعية المبتغاة في القرارات الإدارية إذ لا ريب؛ أن تسبيب القرار الإدارى يشكل ضمانة أسـاسية لصاحـب الشـأن؛ وإلا غدا ما يصدر عن الجهة الإدارية دون ذكر ماهيته والسبب الداعى إليه واقعاً وقانوناً؛ مؤدى إلى النيل من مشروعيته واستدعاء الرقابة القضائية عليه، وحينئذ وجب على المحكمة أن تبسط رقابة المشروعية عليه وتجول ببصرها وبصيرتها ـ في ضوء الوقائع والأوراق المرفقه بالدعوى ـ عن مدى ملاءة هذا القرار للواقع والقانون؛ لوزنه بميزان القانون والشرعية والمصلحة العامة، ولتستبين وجه الحق فيه، وعما إذ كان القرار جاء متسقاً مع القانون ومناسباً للواقع وما يبوح به، ونأيا به عن مظنة الانحراف بالسلطة أو إساءة استعمالها من عدمه، لما كان ذلك؛ وكان ركن السبب كأحد أركان القرار الإدارى هو الحالة الواقعية والقانونية التي حملت الجهة الإدارية على إتخاذ إجراء قانونى معين، ولما كان ما ورد بمحضر شؤون العاملين قد جاءت عباراته مطاطة ومبهمة وحمالة أوجه، خالية عن ثمة دليل يؤازرها، ومن ثم فلا يستقيم حالها إلا بتقديم الجهة الإدارية الدليل عليها إذ كان أولى بها- والحال على هذا النحو- أن تقدم أي آثارة من إجراء اتخذته ضد المدعى حيال المخالفات المنسوبة إليه والتى ـ إن صحت ـ كانت تقدح في صلاحيته للعمل بلا أدنى شك، بل ويجازى عنها حالئذ، إذ أن المُعين تحت الاختبار ما انفكت عنه الوظيفة وتبعاتها، ومن ثم؛ يحق للجهة الإدارية مؤاخذته حال خطئه، وبذلك يُقام لها أمرين1ـ تُقوّيم العامل لديها وتأهيله للعمل أولاً بأول بما يصلح شأنه ويعود بالنفع عليه وعلى الجهة التي ينتمى إليها 2ـ حجة داحضة عليه بعدم صلاحيته إن ارتأت هي ذلك، بل كان لها على أقل تقدير؛ إجراء تحقيق فيما هو منسوب إلى المدعى لتستبين وجه الحق والحقيقة فيه، لاسيما أنها أوردت أن تصرفاته اتسمت بالعدوانية مع رؤسائه، وهو ما يستدعى بلا ريب إجراء تحقيق وتوقيع الجزاء عليه حال ثبوتها، لا لأن تكتفى الجهة الإدارية بذكر ذلك دون أن تثبته، وهو الأمر الذي يدعو إلى إهداره وعدم التعويل عليه، ومن ثم؛ وإذ أجدبت الأوراق عما يُعضد موقف الجهة الإدارية المدعى عليها فيما انتهت إليه بعدم صلاحية المدعى للعمل لديها، الأمر الذي يدعو لمساورة الشك للمحكمة لما استند إليه الجهة الإدارية في إنهاء خدمة المدعى، مما يغدو معه قرار إنهاء خدمة المدعى لعدم الصلاحية قد صدر دون سببه المبرر له من الواقع على النحو المتقدم، وبالتالى مخالفاً للقانون وبذلك يتحقق ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية».
بالإضافة إلى أنه يُشترط لصحة القرار الإداري بإنهاء خدمة المدعى لعدم الصلاحية؛ أن يصدر عن السلطة التي ناط المشرع بها إصداره، وما ذاك إلا لخطورة هذا الإجراء ـ الذي حرص المشرع على أن يكون بيد السلطة المختصة بالتعيين، ولا تملك هذه السلطة نقل اختصاصاتها لغيرها إلا في الأحوال التي يجيزها القانون بالتفويض في الإختصاص،وإلا كان القرار مشوباً بعيب عدم الاختصاص،وإذ لم يشر القرار المطعون فية إلى تفويض رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة؛ رئيس الإدارة المركزية لشؤون الأمانة العامة بإصدار القرار الطعين، فمن ثم؛ يضحى القرار المطعون علية صادراً من غير مختص، وممن لا يملك المكنة القانونية لإصداره، بما يجعل قرار إنهاء خدمة المدعى لعدم الصلاحية باطلاً، ومن ثم؛ يتحقق ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية المدعى عليها من هذا الوجة أيضاً .
وإذ ترتب على هذا الخطأ؛ أضرارمادية للمدعى ؛تمثلت في حرمانه من حقه في العمل ومن مرتبه وملحقاته إعتباراً من 12/6/ 2004 حتى بلوغه سن المعاش، إذ أنه وفقاً للقاعدة الاصولية التي تقضى؛ أن الشك لايزول إلا باليقين، والمشكوك فية هو عدم استمرار الخدمة لأى سبب عارض قد يترتب علية إنهاء خدمة المدعى، أما اليقين ـ وفقاً للمجرى العادى للأمور ـ هو إستمرار الخدمة، ولما كان هذا اليقين لايزول بالشك، بل يزول بيقين مثله، وهو غير متوافر ،ومن ثم؛ فإن الضرر المادى الذي لحق المدعى بلا ريب؛ متحقق في هذه الحالة ،فضلاً عما تكبده من نفقات ومصروفات في سبيل إقامة دعواه الماثلة سعيا وراء حقه وحرصه على متابعتها حتى يظفر ببغيته وينال حقه عن طريق القضاء.
كما أن المدعي لحق به أضراراً أدبية؛ فبعدما تعلقت أمالة وطموحاته بالوظيفة العامة، إذ بالجهة الإدارية تنهى خدمته لعدم الصلاحية، وتحوّل فرصة توليه الوظيفة العامة إلى سراب دونما سبب يُقره الواقع والقانون، وتلك أضرار تمس العاطفة وتُشعره بالظلم والجور والغبن مما يستوجب إلزامها بالتعويض، والذي تقدره المحكمة بمبلغ مقداره (50،000جنيه) فقط؛ خمسون ألف جنيه، عن كافة الأضرار المادية والأدبية التي أصابته وهو ما تقضى به المحكمة».