بعد إعلان الأرصاد الجوية عن موجة صقيع تبدأ الاثنين 27 ديسمبر وتستمر حتى ليلة رأس السنة الميلادية، بدأ المزارعون في الاستعداد لمواجهة هذا الصقيع الذي يؤثر سلبا على إنتاج بعض محاصيلهم الزراعية، وتتفاوت درجات التأثير وفقا لعوامل كثيرة تتعلق بالمحصول ذاته ودرجة مقاومته للبرودة.
ولأن الصقيع ظاهرة معقدة فإن عددا من الجهات تحاول دراسة تأثيراته على البيئة بشكل عام.
ويقول الدكتور مسعد قطب مدير المعمل المركزي للمناخ الزراعي لـ«المصري اليوم»: «إن الشذوذ في العناصر المناخية يؤثر بالسلب والإيجاب –أحيانا – على المحاصيل الزراعية، فموجات الصقيع وكذلك موجات الحرارة الشديدة تتطلب احتياطات خاصة للحد من الضرر الواقع على المحاصيل الزراعية».
سلباً وإيجاباً
ويصف د. مسعد أثر الصقيع على النباتات الشتوية، قائلاً: «تتغير الصورة المثلى لامتصاص الغذاء ووصوله للثمار والأوراق، فتتحول بلورات الماء داخل الجذور والسيقان والأوراق لتصبح بلورات ثلجية، فتتجمد العصارة المائية، مما يؤدي إلى تهتك الأنسجة، والتأثير سلبا على النبات بإضعافه وإصفرار أوراقه».
ويؤكد قطب أن موجات الصقيع الشتوي تحدث عادة بسبب التيارات الهوائية الباردة فتصل درجة الحرارة إلى صفر ودون الصفر في بعض المناطق، وليس هناك وسيلة لمكافحة هذا الصقيع أو التخلص منه، «ولحسن الحظ أن هذا البرد الشديد لا يحدث بصورة عامة إلا أثناء طور السكون لدى النباتات فلا يؤثر عليها إلا فيما ندر».
والمقصود بطور السكون، هو المرحلة التي يتوقف خلالها النشاط الأيضي للنبات بشكل كامل أو شبه كامل. وهو مهم لمرور النباتات فترة الشتاء بدون ضرر.
وتليها مرحلة خروج العيون، تلك العيون يشبهها د. مسعد بالطفل الوليد، «فإذا تعرضت لدرجات برودة عالية أو حرارة عالية فإنها تفسد سريعا».
وعليه فإننا نجد، أن الفاكهة المتساقطة الأوراق مثل العنب والتفاح والخوخ والمشمش والكمثرى، تأتي عليها موجة الصقيع بعظيم الفائدة، كما يؤكد قطب، «فهذه المحاصيل تستفيد بشكل جيد خلال موجات الصقيع».
من جانبه، يؤكد الدكتور علاء عبد الرؤف الباحث في المعمل المركزي للمناخ الزراعي، على أهمية موجة الصقيع لهذه المحاصيل، « فالبرودة من العوامل الهامة جدا لطور السكون للفاكهة المتساقطة الأوراق، لتعطي إنتاجا مبكرا وجيدا».
ويقول لـ«المصري اليوم»: «هناك محاصيل أخرى لها حد حراري، تتمثل في درجات حرارة عليا ودنيا وقصوى، ولو انحرفت أي من هذه الدرجات، فإن المحصول يتضرر».
طرق مقاومة الصقيع
يشير د. قطب لطرق متعددة لمقاومة الصقيع للحد من الضرر الواقع على المحاصيل الزراعية، مؤكدا أن حدة الضرر تعتمد على عدة عوامل منها: حالة النبات ونوعه، شدة الصقيع وتكراره، مدة الصقيع وتاريخ حدوثه، وتعد أهم طرق المقاومة:
- التحكم في نوع المحصول، وذلك من خلال اختيار الأنواع والأصناف التي تزهر متأخراً، وتكون مقاومة للحرارة المنخفضة.
- التحكم في مواعيد الزراعة، بحيث يتم الاعتماد بشكل رئيسي على وقت الإزهار في اختيار الأنواع والأصناف المقاومة للصقيع.
- مقاومة الصقيع بواسطة الري، حيث يزيد من رطوبة التربة والجو، ولكن لهذه الطريقة محاذير؛ إذ إنها تعطي النباتات والأشجار كمية كبيرة من الماء مما يجعل بعض النباتات تتضرر من هذه المياه.
- مقاومة الصقيع بواسطة الري بالرذاذ: وتعتبر هذه الطريقة من أفضل الوسائل.
- زيادة مقاومة الأشجار بتحسين شروطها الغذائية والمائية، والامتناع عن الإسراف في الري في بداية فصل السكون النسبي، للمحافظة على تركيز عالي للكربوهيدرات والمكونات الخلوية، لكي تستطيع مقاومة الصقيع بشكل أفضل.
- تجنب الزيادة في التسميد من العوامل الهامة لمقاومة الصقيع.
- عمل مصدات لحماية النباتات من أضرار الهواء الميكانيكية، هذه المصدات لا بد أن تكون ذات نمو قوي وسريع، أوراقها كثيفة ومستديمة، جذورها قوية ضاربة في الأرض فتزيد من قوة الشجرة، أن تكون مقاومة ما أمكن للحشرات والأمراض، ومن أنواع الأشجار التي تُستعمل كمصدات للرياح: السرو، الصنوبر.
- تغطية النباتات القصيرة باستخدام القش، أو البلاستيك، وتستخدم آلات خاصة للتغطية وهي قليلة التكاليف ولا تحتاج إلى أيدي عاملة كثيرة.
- مقاومة الصقيع بواسطة التدفئة: تعتمد هذه الطريقة على تدفئة الهواء مباشرة بواسطة أجهزة خاص، ويُشترط أن تكون الرياح هادئة في طريقة المكافحة بالتدفئة حتى يظل الهواء دافئا فوق النباتات.
- الضباب الصناعي، حيث يقل الصقيع أو ينعدم أحياناً خلال الليل عندما تكون السماء مغطاة بالسحب، ويتم ذلك من خلال حرق أكوام بقايا المزارع أو المعامل، أو استعمال بعض المواد الكيميائية أو الأجهزة الخاصة.
وتتم المكافحة بهذه الطريقة في وقت مبكر قبل حدوث الصقيع وفي الليالي التي لا تزيد سرعة الرياح فيها عن 1 م/ث.
- أما أحدث الطرق المستخدمة لحماية المحاصيل، فهي استخدام رغوة تكوّن طبقة عازلة، هذه الرغوة تتكون من 3 % من هايدوليزيد ألبومين المركزة في ماء يحوي جيلاتين بنسبة 1 %، إلا أن هذه الطريقة مكلفة من الناحيتين المادية واليد العاملة.
إنذار مبكر
يشير د. عبد الرؤف، إلى أن هناك جهاز إنذار مبكرا لتحذير المزارعين من موجات البرودة والحرارة الشديدين، كذلك الأمطار الشديدة.
يقول: «يتم تبليغ معهد الإرشاد الزراعي بتقارير موجات الصقيع، قبل حدوثها بثلاث أيام على الأقل، وذلك لتبليغ المزارعين بعمل الاحتياطات اللازمة وعمل نظام وقاية للمحاصيل الزراعية».
هذا بالإضافة إلى ما يرصده الجهاز من الأمراض المتوقع حدوثها للنباتات، «والإشارة على المزارعين برش المحاصيل للوقاية».