جمعة مختلفة، لم تعلُ فيها الهتافات بقدر ما علت أنغام الإنشاد الصوفى، التى أطلقتها الطرق الصوفية فيما وصفوه بـ«جمعة حب مصر» التى دعت إليها قوى الصوفية وغيرها من القوى السياسية والوطنية والأقباط الجمعه.. ليتحول ميدان التحرير لأول مرة إلى حلقة من حلقات الذكر وقراءة الأوراد، ارتفعت فيها الشارات الخضراء المميزة للصوفية وتوارت لافتات الهتافات السياسية.
مشهد واحد سيطر على الميدان وإن اختلفت تفاصيله، ففى كل جنب من جوانب الميدان، ظهرت حلقات ذكر، واحتل مشايخ الطرق الصوفية المنصة الرئيسية، مؤكدين ترحيبهم بالثورة، ومعتبرين أنفسهم حماتها الحقيقيين.. واستمر هذا المشهد قرابة أربع ساعات تمارس خلالها الطرق الصوفية طقوسها فوق المنصة من خلال أربع فرق إنشاد، فضلاً عن الفرق العامة، وكانت شارة البداية من نصيب الطريقة العزمية، أول الداعين لجمعة حب مصر، حيث شاركت بفرقتها الإنشادية من خلال إلقاء قصائد مؤسس الطريقة، تفاعل معها المتظاهرون، وأدت فرقة دراويش أبوالغيط القليوبية، المعروفة بدراويش القاهرة، عرضاً على أنغام الصاجات والتنورة والطبول التى تفاعل معها المارة بأداء رقصات شعبية وتمايلوا معها، مرددين مع المنشدين أبرز مقتطفات المدح، منها «مدد يا رسول الله يا حبيب الله.. أبوبكر الصديق كان للنبى حبيب.. عمر بن الخطاب سريع الخطاب»، و«أنا على الباب بنادى للأحباب.. يا عالى المقام أنا جئتك».. «صلى يارب على النبى طه السعيد».. «مصر محروسة بآل بيتك يا نبى جئنا على بابك».
الأداء الصوفى على المنصة صاحبه أداء آخر من عدد من الشباب الذين تواجدوا فى الميدان، حيث أدوا استعراضات بالدراجات البخارية وحركات هوائية وأكروبات جذبت الأنظار إليهم، وأعطت انطباعاً بنجاح فكرة «جمعة حب مصر»، خاصة عندما افترش المواطنون الأرصفة ليشاهدوا العروض سواء التى يقدمها الشباب أو الصوفيون، مما أثر سلباً على حركة المرور فى المنطقة.
الحالة الإنسانية والروحانية التى فرضها الصوفيون على الميدان لم تمنع التواجد المكثف من قبل رجال الأمن المركزى والجيش لمنع إقامة خيام اعتصام جديدة فى وسط الميدان، مما تسبب فى اشتباكات بين الشرطة العسكرية وعشرات الشباب.
الجمعة التى خلت من الهتافات لم تخل من الحوارات الجانبية بين المواطنين حول حقيقة تسليم المجلس العسكرى إدارة البلاد لسلطة منتخبة، وصاحبت هذه الحوارات وقفة احتجاجية نظمها عدد محدود من المتظاهرين أمام مجمع التحرير، للمطالبة بتأسيس مجلس رئاسى مدنى لإدارة شؤون البلاد بدلاً من المجلس العسكرى والتنديد بفض الاعتصامات أول رمضان.