القصة الكاملة لاغتيال قائد الفرقة التاسعة المدرعة أمام منزله بـ«العبور»

كتب: عبد الحكم الجندي, محمد القماش السبت 22-10-2016 22:00

استُشهد العميد أركان حرب، عادل رجائى، قائد الفرقة التاسعة المدرعة بالقوات المسلحة، برصاص ملثمين يستقلون دراجة نارية، أثناء خروجه من منزله بمدينة العبور التابعة لمحافظة القليوبية، متجهاً إلى عمله، السبت، كما أُصيب حارس خاص بالشهيد بطلق نارى فى القدم، وتبنت حركة تُسمى «لواء الثورة» العملية الإرهابية.

وأمر اللواء مجدى عبدالعال، مدير الأمن، بتكثيف نشر القوات، وإغلاق جميع مداخل ومخارج مدينة العبور، ووضع أكمنة لفحص جميع المواطنين الخارجين من المدينة لمحاولة ضبط الجناة، كما تم فحص جميع الوافدين للمدينة بدقة وحصر جميع المشتبه بهم.

وقال مصدر أمنى، طلب عدم نشر اسمه، إن أجهزة الأمن انتشرت بجميع مداخل ومخارج المدينة بعد الحادث، وتم تجهيز أكمنة لضبط المتهمين وملاحقتهم، وتوقع ضبطهم خلال ساعات، مشيراً إلى أن الشهيد كان له دور بارز فى عملية هدم أنفاق رفح على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

وسأل فريق من البحث الجنائى جيران الشهيد وعددا من شهود العيان، فى محاولة لتحديد هويات الجناة، حيث تضاربت أقوالهم حول عدد الإرهابيين وكونهم مستقلين سيارة أو دراجة نارية، حيث أكد الشهود أنهم استيقظوا، فى السادسة من صباح أمس، على صوت طلقات نارية كثيفة أمام منزل العميد «رجائى»، حيث هرعوا إلى المكان، لافتين إلى أن الجناة كانوا ملثمين، وبعضهم يرتدى ملابس سوداء، ويحملون فى أيديهم أسلحة آلية، ويستقلون دراجة نارية، وفتحوا النار على الشهيد وحارسه الخاص، أثناء خروجه من منزله، متجهاً إلى سيارته الميرى للذهاب إلى العمل.

وقالت الكاتبة الصحفية سامية زين العابدين، زوجة الشهيد، إنها فوجئت بسماع أصوات طلقات الرصاص عقب نزول «رجائى» من المنزل مباشرة، فأسرعت إلى الأسفل للاطمئنان عليه، مشيرة إلى أنها وجدته يصارع الموت، ووجدت حارسه مصابا، و«عادل استُشهد قدام عينى»، وأنها لم تَرَ الجناة بعينيها، لكن الجيران أخبروها بأنهم كانوا 3 إرهابيين، ويحملون أسلحة آلية.

وأعلنت ما يُسمى حركة «لواء الثورة» تبنيها اغتيال العميد «رجائى»، وفقًا لما أوردته فى حسابها على «تويتر»، والذى أغلقته فور نشر إعلانها، الذى ذكر أن عناصر الحركة استهدفت قائد الفرقة التاسعة المدرعة بعدة طلقات فى الرأس، وحصلت على سلاحه.

وكانت الحركة قد تبنت عملية الهجوم الإرهابى على كمين بمحافظة المنوفية، قبل شهرين، والذى أسفر عن استشهاد شرطيين.

وكان مدير الأمن قد تلقى إخطاراً من المقدم أحمد عبدالعليم، رئيس مباحث قسم العبور، بالحادث، وتم تشكيل فريق بحث، بقيادة اللواء أشرف عبدالقادر، مدير المباحث، والعميد حسام فوزى، رئيس المباحث الجنائية، بالتنسيق مع مباحث وزارة الداخلية ومصلحة الأمن، وتم الانتقال إلى مكان الحادث، وتحفظ فريق المعمل الجنائى على فوارغ الطلقات بمكان وقوع الحادث، كما تم نقل الشهيد والمصاب إلى مستشفى الجلاء العسكرى بالقاهرة.

وشهدت منطقة المستثمر الصغير بالمدينة، والتى شهدت الحادث، حالة من الاستنفار الأمنى، بالتنسيق بين مديريتى أمن القليوبية والقاهرة وقطاع الأمن الوطنى، وتم نشر القوات فى جميع أرجاء المنطقة لضبط الجناة، حيث تم فرض كردونات فى مداخل ومخارج مدينة العبور.

ورصدت «المصرى اليوم» مكان الحادث، حيث تبين أن العقار الذى يقطن فيه الشهيد رقم 28 بمنطقة المستثمر بالحى الثانى بالمدينة، وتحيط بالعقار حديقة صغيرة، تسلل منها الجناة الملثمون، وأطلقوا وابلاً من النيران تجاه الضابط واثنين من حراسه، ما أسفر عن استشهاد الضابط وإصابة أحد حراسه وسائقه الخاص. ويقع العقار فى مكان حيوى، حيث يطل على محال تجارية ومدارس، وتبين من الرصد انتشار قوات الأمن من مديريتى القاهرة والقليوبية وأجهزة البحث الجنائى والأمن العام والوطنى، إضافة إلى أفراد من بعض الأجهزة السيادية.

وتحفظت فرق البحث الجنائى على كاميرتى مراقبة كانتا مثبتتين بأحد العقارات المجاورة لمنزل الضابط الشهيد، واستجوبت القوات حارس العقار الذى يسكن فيه الضابط- ويُدعى «بيومى»- وعددا من الجيران لمعرفة مواصفات الجناة الذين ارتكبوا الجريمة.

والتقت «المصرى اليوم» بعدد من جيران الضابط وشهود العيان، الذين قال أحدهم- ويُدعى حلمى فؤاد، نائب مدير إحدى المدارس الخاصة بالمنطقة- إن الجريمة جرت الساعة السادسة والنصف صباحا، حيث استيقظ على صوت دوى شديد لأعيرة نارية وصراخ زوجة الشهيد، التى كانت تقف بشرفة منزلها لتوديع زوجها قبل ذهابه إلى العمل.

وأضاف «فؤاد» أن مرتكبى الجريمة كانا شخصين يستقلان سيارة ملاكى، ماركة نوبيرا، كانت تقف بجوار حديقة قريبة من منزل الضحية، وبمجرد شعورهما بخروجه من مدخل العقار، هبطا من السيارة، وصوَّبا الرصاص نحوه حتى تأكدا من سقوطه أرضاً، وخلال إطلاقهما النيران أُصيب أحد حارسى الضابط وسائق سيارته، كما استوليا على السلاح الآلى الذى كان يحمله الحارس. وتابع الشاهد أنه عقب الحادث وصلت قوات الأمن من مديرية أمن القليوبية وبعض الجهات السيادية وممثلى النيابة العامة، وقاموا بمعاينة مسرح الجريمة، والتحفظ على فوارغ الطلقات التى انتشرت على الأرض، لفحصها من خلال الأدلة الجنائية ومعرفة نوع السلاح المستخدم فى الجريمة، كما تم التحفظ على سيارة الشهيد التى اخترقتها طلقات الإرهابيين.

وأشار الشاهد إلى أن الجيران تجمعوا حول الشهيد عقب سقوطه أرضاً، وحملوه متوجهين به إلى مستشفى الفريق حبيب بمدينة العبور لإسعافه، إلا أنه كان قد لفظ أنفاسه الأخيرة أمام مسكنه بسبب الطلقة التى اخترقت رأسه.

وقال مصطفى الشربينى، طالب بكلية الحقوق، جار للمجنى عليه، إنه فوجئ باتصال هاتفى من زوجة الشهيد تستغيث به فور وقوع الحادث، إذ إن الشهيد وزوجته كانا يعتبران جميع أطفال وشباب المنطقة مثل أولادهما، وكانا يساعدان المحتاج منهم لأنهما لم يُنجبا، كما أن الضحية كان متواضعاً فى التعامل مع أهالى المنطقة وأقاربه، وكان يساعد سكان المدينة، خصوصاً فى حصولهم على السلع المدعمة.

وأكد الشاهد أن الضابط الشهيد كان حريصاً على العدل وتطبيق القانون، حيث اتصل به فى إحدى المرات أثناء توقيفه فى كمين بمنطقة صلاح سالم، لأن زجاج سيارته غامق اللون، فرفض مساعدته، وقال له: «أنت مخالف لتعليمات وقواعد القانون».

وانتقل سكان منطقة الحى الثانى بالعبور إلى مسجد المشير محمد حسين طنطاوى للمشاركة فى صلاة الجنازة وتشييع جثمان الضابط الشهيد إلى مثواه الأخير بمدافن الغفير بمدينة البعوث التابعة لمحافظة القاهرة.