ندد عدد من السياسيين في تونس بتصريحات زعيم حركة النهضة (الإخوان)، راشد الغنوشي، التي قال فيها «إن داعش صورة من الإسلام الغاضب».
وأعادت التصريحات طرح المخاوف والاتهامات التي طالما كانت توجه لإخوان تونس باعتماد ازدواجية الخطاب.
ودعا محسن مرزوق، الأمين العام لحزب مشروع والمستشار السابق للرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، إلى اتخاذ ما سماه بـ«الموقف الوطني الحازم» من هذه التصريحات، التي أكد أنها «مرفوضة أصلا وشكلا».
وشدّد مرزوق، في بيان عن حركة مشروع تونس، على أن «وضع عصابات داعش في خانة ما يسميه الغنوشي بالإسلام الغاضب يؤدي إلى نوع من التبرير لجرائمه البشعة».
كما أكّد أن «هذه التصريحات تلقي بظلال قاتمة على القول بفصل حركة النهضة بين الدعوي والسياسي، وتتطلب مراجعة واضحة حازمة وموقفا وطنيا لا لبس فيه».
كان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي قال في تصريح لصحيفة القدس العربي «إن الإسلام الآن في حالة غضب والغاضب أحياناً يخرج عن طوره، ويعبّر تعبيرات غير معقولة حتى تخاله مجنونا».
و في تصريح آخر أدلى به لإذاعة موزاييك التونسية، على هامش اجتماع مجلس شورى حركة النهضة، قال الغنوشي إن تنظيم داعش الإرهابي «صورة من صور الإسلام الغاضب الذي يخرج عن العقل والحكمة، ونحن أهل السنة لا نكفر أحدا يقول لا إله إلاّ الله، بل نقول له أنت ظالم مخطئ، متطرّف، متشدّد».
وقال المفكّر والفيلسوف التونسي، والمختص في أنثروبولوجيا النص المقدس، يوسف الصديق، إن تصريح الغنوشي «أكبر تصريح صادم منذ بداية انطلاق الثورة، وهو أشدّ وطأة من تصريحات الغنوشي السابقة، التي قال فيها عن الإرهابيين: هؤلاء أبناؤنا ويبشرون بثقافة جديدة».
وأضاف الصديق خلال استضافته في برنامج إذاعي أنه «لا فرق بين الغنوشي وزعيم أنصار الشريعة أبوعياض وبين زعيم تنظيم داعش أبوبكر البغدادي، لا فرق بينهم إلا بالمسافة الزمنية، لكن المحتوى والهدف هو نفسه، ألا وهو أسلمة الكرة الأرضية بالعنف».
كان زعيم الإخوان التونسيين قال في تصريحات سابقة أثارت بدورها جدلا واسعا حول بروز تنظيم «أنصار الشريعة» الإرهابي في تونس، «أنهم يبشرون بثقافة جديدة وأنهم يذكرونه بشبابه».
وقال كاتب عام نقابة الأئمة في تونس، فاضل عاشور، ان النقابة «تريد توجيه رسالة إلى دار الإفتاء التونسية من أجل إصدار فتوى تجرم وتحرم داعش، وتجرم كل من يمجدها»، مضيفا أنه «ليس من حق أي حزب سياسي أن يصدر فتوى أو يتولى مهام دار الإفتاء».
أما القيادي والنائب في مجلس الشعب عن الجبهة الشعبية (تكتل يساري)، عمّار عمروسية، فرأى أنّ «داعش تنظيم يمثل النموذج الأرقى للعصابات الإرهابية التي تعبث بالسيادة الوطنية وتخرّب الأوطان العربية»، واعتبر تصريحات الغنوشي «تعبيرا عن الجسور الفكرية والسياسية الممتدة بين تلك العصابات وحركة النهضة التونسية»، مشيرا إلى أنه يساهم في طرح الكثير من الأسئلة حول المنطلقات الفكرية لحركة النهضة، وحقيقة المزاعم الكبيرة التي أطلقوها تحت دعاوى المراجعات الفكرية لهذه الحركة.
واستنكر التونسيون على مواقع التواصل الاجتماعي بشدّة تصريحات الغنوشي، واعتبرها البعض دليلا قاطعا على أن النهضة التونسية لم تخرج من جعبة الإخوان كما تحاول جاهدة الترويج لذلك.
وقال إخوان تونس إنهم تحوّلوا إلى حزب سياسي مدني بعد أن عقدوا منذ أشهر مؤتمرهم الذي نصّ على فصل الدعوي عن السياسي.
وفي ردّها على موجة الانتقادات الشديدة التي تلت هذه التصريحات سارعت حركة النهضة إلى التأكيد على أن تصريح الغنوشي بخصوص «عدم تكفير الدواعش» تم إخراجه من سياقه ممّا تسبّب في التشويش على مواقف الحركة ومغالطة الرأي العام باعتبار أن ما ذكره الغنوشي جاء في سياق تفسيره لما يحدث، خاصة في سوريا والعراق، وليس في سياق تبرير ممارسات تنظيم داعش.
وذكرت الحركة أنّها حزب سياسي يهتم بالشأن العام التونسي كما يهتم بالأوضاع الإقليمية والدولية من خلال المتابعة والتحليل السياسي، وليس من خلال إصدار الأحكام الفقهية أو العقدية. وقالت إنه لا يمكن أن تصدر عن مؤسسات الحركة ولا عن رئيسها مواقف يفهم منها تكفير أية جهة أو أي شخص، لأن الحركة حزب سياسي وليست مؤسسة إفتاء أو قضاء.