كعادتها خرجت عناوين الصحف الرياضية الألمانية لتربط بين بايرن ميونيخ ومصطلح «أزمة».
هذه المرة أخرجت تلك الصحف النادي البافاري من «أزمته» بعد فوزه على أيندهوفن الهولندي برباعية. فما هي قصة بايرن والأزمة وخروجه منها؟.
عندما يحقق بايرن ميونيخ نتائج معتادة، وهذا يعني عادة الفوز المستمر دون انقطاع، سواء على المستوى المحلي أو الأوروبي، يتحدث نقاد عن وجود مشاكل داخلية في الفريق. أما إذا خسر مباراة واحدة أو تعادل في أخرى فتخرج وسائل الإعلام الألمانية لتصب جام غضبها على الفريق البافاري وتتحدث عن «أزمة» تعصف به.
وهذا ما حدث مؤخراً مثلا عندما تحدثت وسائل الإعلام عن أزمة في بايرن، بعد خسارته مباراة وحيدة أمام اتليتيكو مدريد، لتعود الصحف المتخصصة بالشؤون الرياضية بعد فوز بايرن أمس الأربعاء على نادي أيندهوفن الهولندي بأربعة أهداف لهدف ضمن لقاءات دوري الأبطال، وتكتب أن بايرن قد تغلب على أزمته.
وفي الحقيقة فإن بايرن كأي ناد كبير في أوروبا يمكن أن يعيش مرحلة تألق طويلة، ثم تقع له كبوة. وهذه ليست المرة الأولى التي يجري الحديث فيها عن «أزمة» في الفريق البافاري، فبعد انطلاقة كل موسم كروي تقريبا تظهر هذه «الأزمة» في عناوين الصحف. لقاء بايرن مع أيندهوفن لم يكن اختبارا حقيقيا له على مستوى دوري الأبطال، وإنما كان أشبه بحصة تدريب للفريق البافاري؛ فالفريق الهولندي يحتل المركز الرابع في ترتيب الدوري في بلاده. ولم يقدم أي مستوى من التحدي الحقيقي خلال اللقاء.
ولم يشكل مهاجموه خطرًا حقيقيًا على مرمى مانويل نوير إلا في مرات قليلة. وفوز بايرن بالأمس لم يخرجه من «أزمته» إن كان أساسًا يعيش أزمة. بايرن ينطلق مع كل موسم بنتائج كبيرة أمام فرق مختلفة المستوى محليا وأوروبيا، ولا يصل إلى مستوى ثابت إلا بعد اكتمال تشكيلته عند منتصف مرحلة الذهاب في الموسم. وأحياناً يخلق أزمته بنفسه عندما لا يواجه تحديا محليا يقترب من مستواه، وكأنه فريق يلعب في «ليغا» مختلفة عن الدوري الألماني.
أزمة القرار في بيع كروس الأزمة تخلقها أحيانا قرارات إدارة النادي في سياسة بيع وشراء خدمات اللاعبين. فعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك واحد من القرارات غير المنطقية اتخذته إدارة النادي قبل أكثر من عامين، وظهرت نتائجه على النادي اليوم إلى حد ما، ألا وهو قرار بيع لاعب الوسط توني كروس إلى ريال مدريد الإسباني، وفي المقابل شراء خدمات الإسباني تشابي ألونسو، حين كان بايرن تحت قيادة المدرب الإسباني بيب جوارديولا. آنذاك كان كروس في الرابعة والعشرين من عمره وألونسو في الثانية والثلاثين.
وواجه هذا القرار آنذاك استغرابا وانتقادً من قبل خبراء كرة ألمان. ومن بين آخر تلك الانتقادات ما كتبه قائد بايرن ومنتخب ألمانيا الأسبق لوتار ماتيوس في مقال له في مجلة «بيلد شبورت»، قال فيه إن هذا القرار هو خطأ فادح، اتخذه النادي خلال الفترة الماضية.
وحينها كان السبب الذي دفع بايرن لبيع خدمات كروس هو عدم رغبة النادي في رفع راتبه، مقارنة برواتب لاعبين آخرين مثل توماس مولر وفيليب لام. واليوم بات راتب كروس المتألق تحت قيادة زين الدين زيدان في ريال مدريد، حوالي 20 مليون يورو سنوياً، وهو مبلغ لم يكن يحلم توني به مع النادي البافاري. ماتيوس كتب أيضا أن رئيس النادي آنذاك أولي هونيس كان يؤكد مرارا وتكرارا أهمية إبقاء لاعبي المنتخب الألماني ضمن الفريق البافاري، لكن ما حدث مع كروس هو أكبر مثال على تناقض ما يقوله هونيس، حسبما كتب ماتيوس.
وبكل تأكيد لم يشكل رحيل كروس عن النادي البافاري أزمة في صفوفه خاصة وأنه يعج بعدد من النجوم الكبار. لكن النادي البافاري والمنتخب الألماني يكملان بعضهما بعضاً، فحين يفوز بايرن بدوري الأبطال ينعكس مستواه على المنتخب، وحين يتألق المنتخب الألماني تجد أن محركيه الأساسيين من صناعة بافارية. بايرن لا يعيش في أزمة، ولم يكن يعاني من أزمة، أزمته الحقيقية في دوره وحجمه الكبيرين. وخسارته السابقة أمام اتليتيكو ليست أزمة وفوزه الكبير أمس في لقاء أيندهوفن لم يخرجه أيضا من أزمة.