أكد المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، أن الحكومة عازمة على المضي في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي لتحسين مؤشرات النمو، وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة، معتبرا أنه ضرورة ملحة.
وقال إسماعيل في حوار مع مجموعة من كبار الكتاب والمفكرين، اتسم استغرق 180 دقيقة، أن هذا البرنامج لم يعد في الإمكان تأخيره أكثر من ذلك أو ترحيله حتى لا تتفاقم المشكلات، حيث يؤدي استمرار الوضع الاقتصادي الراهن دون تدخل إلى تآكل الموازنة عاماً بعد الآخر.
وأضاف في بيان لمجلس الوزراء، الأربعاء، أن استمرار عجز الموازنة دون مواجهة حقيقية إلى جانب الاقتراض سيؤثر بطبيعة الحال على ارتفاع نسبة التضخم، لا سيما وأن (ثلثي) الموازنة الحالية البالغة 930 مليار جنيه، يوجه إلى بنود الأجور 228 مليار جنيه، وخدمة الدين 292 مليار جنيه، والدعم 210 مليارات جنيه، ومن ثم لن يتبقى للإنفاق على الخدمات سوى 200 مليار جنيه، وهو أمر يحتاج إلى حلول واقعية لإنقاذ حالة الاقتصاد.
واستعرض رئيس الوزراء خلال اللقاء الذي ضم كلا من مكرم محمد أحمد، وصلاح منتصر، وفاروق جويدة، وسناء البيسي، وعبد الله السناوي، عدداً من المؤشرات الاقتصادية الهامة المترتبة على للوضع الاقتصادي الراهن، حيث أوضح أن كما انخفضت عدد الليالي الفندقية خلال عام 2016/2015 بنسبة 58% مقارنة بعام 2010/2009 ما أدى إلى انخفاض العائدات السياحية بنسبة كبيرة، الأمر الذي أدى إلى ثبات معدل النمو في عام 2015/2016 إلى 4.3%، وكان يمكن أن يصل إلى 5% إذا حققت السياحة المستهدف منها، حسب قوله.
ونوه رئيس الوزراء إلى أن المرتبات والأجور شهدت زيادة خلال خمس سنوات من 85 مليار جنيه إلى 228 مليار جنيه في الموازنة الحالية، وهو ما يعنى ضخ سيولة دون أن يقابلها إنتاج من السلع، وكان لهذه الزيادة المطردة والمستمرة آثار سلبية على نسب التضخم، وكذلك زادت المعاشات بمتوسط سنوي حوالي 23%.
وأكد «إسماعيل» أن تنفيذ برنامج الإصلاح يلقي على عاتق الحكومة مسؤولية اتخاذ العديد من القرارات والإجراءات خلال الفترة المقبلة، في مقدمتها الإجراءات الخاصة بضبط الأسعار والرقابة على السلع والخدمات، وكذلك العمل على زيادة الموارد وإدارة الأصول غير المستغلة بصورة رشيدة تحقق عائد اقتصادي، إلى جانب التركيز على المنتج المحلي، والعمل على زيادة الصادرات وخفض الواردات لتخفيف الضغط على العملة الصعبة، واتخاذ الخطوات اللازمة لتهيئة المناخ الجاذب للمزيد من الاستثمارات، وإجراء التعديلات المطلوبة على القوانين والتشريعات لتقديم التيسيرات الممكنة للمستثمرين.
وأشار إلى أن خطوات برنامج الإصلاح الاقتصادي يقابلها برنامج متكامل للحماية الاجتماعية، وزيادة المساندة الخاصة ببرنامجي تكافل وكرامة، وزيادة المعاشات بمتوسط سنوي حوالى 23%، وجار اتخاذ خطوات أخرى.
وأشار رئيس الوزراء إلى ما تحقق من خطوات إيجابية في إطار تنفيذ المشروعات القومية الكبرى، والتي ساهمت في خفض البطالة هذا العام إلى 12,5% مقارنة بـ 13.5% خلال العامين الماضيين، منوهاً في هذا الإطار إلى إقامة المناطق الاقتصادية بمحور قناة السويس والمثلث الذهبي، ومشروعات الإسكان الاجتماعي (600 ألف وحدة)، ورصد 14 مليار جنيه لتطوير العشوائيات، إلى جانب مشروعات تطوير شبكة الطرق القومية (5آلاف كم)، وإقامة المستشفيات وتطوير الخدمة الصحية وبخاصة في القرى، ومشروعات الكهرباء والطاقة المتجددة والتي تتضمن إقامة 3 محطات تقوم بتنفيذها شركة سينمس العالمية، وكذلك مشروع المليون ونصف المليون فدان والذي تم الإعلان عن الطرح الأول له بواقع 500 ألف فدان لتخصيصها لصغار المزارعين والشباب والمستثمرين وفق ضوابط تضمن الخروج من الوادي الضيق وسد الفجوة الغذائية، وإتاحة فرص العمل، وتطوير البنية الأساسية للاستفادة منها. .
وأكد رئيس الوزراء أن مصر تتحرك إلى الأمام في كافة المجالات رغم التحديات والظروف الصعبة، مشيرا إلى أن المشروعات التي يتم تنفيذها حالياً لربط سيناء بالوادي وفي مقدمتها مشروعات الأنفاق الضخمة، مشدداً على أن سيناء لن تكون معزولة بعد اليوم، كما تطرق إلى الإنجازات التي تحققت في قطاع البترول وفي مقدمتها حقل ظهر الذي يعد أكبر كشف في تاريخ المنطقة إلى جانب حقل آخر بشمال الإسكندرية، بما يوفر احتياجات مصر من الغاز لـ 10 سنوات، مؤكداً أن مهمتنا تأمين مصادر الطاقة بنسبة 100%.
وأشار إلى اهتمام الحكومة بالنهوض بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر والتي تساهم في توفير فرص عمل للشباب، ولفت إسماعيل إلى أنه يتم حالياً تشكيل مجلس أمناء لهذه المشروعات مع الاستفادة بالبنية والموارد المتاحة في الدولة كالصندوق الاجتماعي للتنمية لضمان الاستغلال الأمثل منها، مؤكداً أنه سيتم مناقشة مشروع قانون الاستثمار الجديد في اجتماع الحكومة غداً والذي يتضمن حوافز جديدة.
وأضاف أنه يتم أيضاً تنفيذ مشروعات رفع كفاءة محطات معالجة مياه الصرف لتحقيق الاستفادة من المياه المعالجة، لإضافة 4 مليارات متر مكعب من مياه الصرف المعالجة يمكن الاستفادة منها، كما أنه جاري تعديل قانون المناقصات والمزايدات.
وتابع رئيس الوزراء أن العاصمة الإدارية والمدن الجديدة لها مميزات عدة منها تفريغ القاهرة من الزحام، وتحقيق عائد للدولة من رفع قيمة الأرض، كما أنها فرصة لخلق طفرة في قطاع الاستثمار العقاري والذي يعمل على تشغيل العديد من المهن والصناعات.
كما تطرق «إسماعيل» إلى موضوع قرض صندوق النقد الدولي، حيث أشار إلى أن البرنامج المقدم للحصول على القرض هو مصري بنسبة 100%، وأنه يعد بمثابة شهادة ثقة دولية في الاقتصاد المصري تساعد على التعامل مع جهات التمويل والمستثمرين، ويعمل على سد جانب من الفجوة التمويلية وفق تسهيلات جيدة للغاية منها نسبة فائدة منخفضة تتراوح ما بين 1 و1.5% على فترات سداد طويلة، حيث يتيح القرض الحصول على مبلغ 12 مليار دولار خلال ثلاث سنوات.
وخلال تعقيبه على أسئلة واستفسارات الكتاب والمفكرين، أكد شريف إسماعيل، أن الحكومة تدرس التوجه للدعم النقدي شريطة أن يتم بالتدريج، وأنه تمت مخاطبة وزارة المالية لإجراء دراسة متعمقة لهذه الصناديق لضمها للخزانة العامة، كما تم إقرار مشروع قانون للتصالح في المنازعات الضريبية من مجلس النواب، الأمر الذي من شأنه تحصيل نسبة كبيرة من المتأخرات الضريبية، حسب قوله، وأضاف أن مصانع الحديد والصلب والغزل والنسيج، قلاع سنعمل على إعادتها للعمل بكامل طاقتها، خاصة الحديد والصلب الذي يضم 4 أفران لا يعمل منها إلا فرن واحد.
وقال رئيس الوزراء رداً على تساؤل حول الضرائب التصاعدية، إنه تتم الدراسة واختيار الوقت المناسب، إلا أن استقرار السياسات الضريبية من الأمور المهمة، منوهاً إلى أن الضريبة المضافة التي طبقت مؤخراً هي الأقل في العالم حيث تبلغ نسبتها 13%، كما نوه إلى حرص الحكومة على وقف التسيب والإهمال ومواجهة الفساد بكافة صوره وأشكاله، مشيراً إلى أنه سيتم إقامة مناطق لوجستية بكافة المحافظات لتوفير السلع والتعامل مع المنتج بشكل مباشر بعيداً عن الوسطاء الأمر الذي يتترتب عليه تخفيض الأسعار، وأضاف أن هناك ضوابط جديدة في امتحانات الثانوية العامة لإحكام الرقابة ومنع محاولات الغش والتسريب.