حسب الله الكفراوي: «ممر التنمية» فكرة السادات وكلفت بها فاروق الباز

كتب: رانيا بدوي الجمعة 24-12-2010 20:15

دار حوار مطول بينى وبين المهندس حسب الله الكفراوى، وزير الإسكان الأسبق، حول عدد من الموضوعات لم يكن مرتباً لها أن تنشر فى الصحافة آراؤه فى الأحداث السياسية والانتخابات ومستقبل مصر، مروراً بموضوع غرق الدلتا، تناقشنا فى الأفكار التى طرحت لإنقاذ الدلتا من الغرق- أفكار الدكتور خالد عودة التى طرحها على صفحات «المصرى اليوم» والدكتور فاروق الباز وغيرهما ــ ورغم أن المهندس حسب الله الكفراوى كان متخذاً قراراً بعدم الحديث للصحافة إلا أنه هذه المرة سمح لى بنشر بعض الآراء التى أدلى بها لى بشكل ودى، وهى آراء فنية بعيدا عن السياسة ومهاتراتها، ولم يشأ الحوار معه ينتهى حتى فجر مفاجأة يصرح بها للمرة الأولى وعلى مسؤوليته الشخصية وهى أن مشروع «ممر التنمية» الذى تقدم به العالم فاروق الباز على أنها فكرته، هو فكرة الرئيس السادات وليس فكرة فاروق الباز والتفاصيل فى هذا الحوار:


■ معالى الوزير لنبدأ أولاً بأسباب اعتراضك على اقتراح دكتور خالد عبدالقادر عودة بأن يتم سحب المياه الزائدة فى البحر المتوسط إلى منخفض القطارة لتجنب غرق الدلتا؟


- فكرة الدكتور عودة مع احترامى الكامل له فيما يخص سحب المياه المتوقع أن تزيد فى البحر المتوسط إلى منخفض القطارة فكرة خاطئة علمياً، وعملا بنظرية الأوانى المستطرقة، وهى من مبادئ العلم ولا تحتاج إلى عالم كبير ولا متخصص لإثباتها سنجد أن أى كوب ماء يتم إنقاصه من البحر المتوسط فى منخفض القطارة، سيحل محله فورا وفى نفس اللحظة كوب ماء آتٍ من المحيط، ولن يتنظر المحيط حتى إفراغ المياه الزائدة فى المنخفض.


■ وهل لديك مقترح بديل؟


- نعم.. الحل يكمن فى إغلاق مضيق جبل طارق على البحر المتوسط ومضيق باب المندب على البحر الأحمر، لعدم السماح للزيادة المائية التى ستحدث نتيجة تغير المناخ من الدخول للبحرين، وبالتالى عدم التأثير على الشواطئ المصرية وتجنيب الدلتا الغرق.


■ وهل أبلغت دكتور عودة بوجهة نظرك؟


- نعم اتصلت به وتناقشت معه، ولكنه لم يرد علىَّ بمنطق أقتنع به، فقد أدخلنى فى أمور سياسية، وهى أن الدول الأجنبية لن تسمح لنا بإغلاق المضايق.


■ ولكنه ربما يكون على حق بالفعل؟


- هذا كلام سياسى، وأنا لا أحب الدخول فى الأمور السياسية، أنا أولا أود إثباتاً علمياً أن فكرة منخفض القطارة فكرة لا تصلح علميا، ثم ندخل فى السياسة بعد ذلك، ثم هل أمريكا ستغرق فى هذه الحالة أم لا؟ أمر لا يهمنى المهم عندى إنقاذ بلادى من الغرق.


■ ولكن ما تقول به ليس قراراً مصرياً إنما فى حاجة إلى قرار دولى؟


- نعم.. لذا أقترح أن تكون هناك جهود دبلوماسية مصرية للتوصل إلى اتفاق مع دول حوض البحر المتوسط المتضررة، وأخرى مع دول حوض البحر الأحمر بأن تشترك فيما بينها فى مشروع ضخم يتم تمويله من البنك الدولى، يتم بمقتضاه غلق مضيق جبل طارق على البحر المتوسط ومضيق باب المندب على البحر الأحمر، على أن يتم الإبقاء فقط على محطة للركاب وأخرى للحاويات لأغراض التجارة الداخلية، وبالتالى يتم اتقاء الغرق.


■ وما دليلك على صحة فكرتك؟


- الدليل بسيط وهو أن كل الشواهد أثبتت أن البحر الأسود لن يعانى أى مشكلة غرق، والسبب أنه بحر مغلق، ثم أنك لو نظرت إلى خريطة الكرة الأرضية ستجدى أن ثلثى الكرة الأرضية مياه، يمثل البحر المتوسط والأحمر مجرد نقطتين على الخريطة بالنسبة لباقى المحيطات، وغلقهما لن يحدث ضررا بالغاً.


■ وماذا لو أن الموانع كانت سياسية بالفعل وحالت بين إغلاق المضايق؟


- هنا يجب أن ألجأ إلى البديل الثانى، وهو الحل المحلى، عن طريق المسح الشامل للشواطئ المصرية، للوقوف على جميع المناطق المنخفضة المتعرضة للغرق وترتيبها بحسب الأولوية، على أن نولى المناطق الأكثر انخفاضاً اهتماماً أكبر، ونبدأ بها، وبحسب ترتيب المناطق يتم وضع برنامج شامل ينفذ كل عام جزء منه، وكما قلت نبدأ بالمناطق الأكثر انخفاضاً، ثم التى يليها وهكذا، ومع كامل احترامى للمجهود الذى قام به الدكتور عودة إلا أنه يفترض أن هذا واجب وفرض على وزير الرى القيام بهذا المسح، لأنه المعنى بذلك، وليس فى حاجة «لعزومة» من أحد، وقد سبق وطلبت من الدكتور محمود أبوزيد، وزير الرى السابق، إجراء هذا المسح الشامل، ولكن بلا جدوى.


■ هل تتذكر رد الوزير أبوزيد؟


- لا شىء.. رغم أنه متخصص فى هذا المجال، إلا أنه للأسف لم يفعل شيئاً، وقد جمعنى لقاء به بحضور كمال الشاذلى- رحمه الله- وإبراهيم بدران ورشدى سعيد وأمين أباظة، وكنا نتناقش حول أزمة حوض النيل، وقلت له: عندما علمت أنك توليت هذه الوزارة فرحت لأنك من أبناء الوزارة، ولأنك متخصص فى مسألة الرى والمياه، ولكن للأسف صدمت فيك بعد ذلك، فماذا قدمت فى ملف حوض النيل، وماذا أنجزت فى قناة جونجلى ومياه الحبشة ؟ وبحر الزراف؟ للأسف لاشىء.


■ عودة إلى الاقتراحات المقدمة بشأن تفادى غرق الدلتا، الدكتور فاروق الباز قال إن الدلتا ستغرق ستغرق، وبدلاً من إضاعة الوقت والمال فى كيفية التغلب على الأزمة بالصدادات أو الحوائط أو ما شابه علينا تقدير مساحة المناطق التى ستغرق وحساب عدد السكان الذين سيعيشون عليها الآن وفى المستقبل، على أن يتم إنشاء مدن كاملة تستوعبهم فى الصحراء بعيدا عن البحر المتوسط وأخطاره؟


- هذا الاقتراح له وجاهته، ولكن الذى يحكم الأمر هنا هو الجدوى الاقتصادية لكل الاقتراحات وإمكانية التنفيذ.


■ قلت لى فى إحدى المرات إن فكرة ممر التنمية ليست فكرة الدكتور فاروق الباز، ورفضت ذكر ذلك آنذاك فهل لى الاطلاع على التفاصيل الآن، خاصة أن الحكومة أبدت موافقة على المشروع والأمر يتوقف على توفير ميزانية المشروع.. ألم يأن الأوان للحديث عن هذا الأمر؟


- الحقيقة أن ممر التنمية فكرة الرئيس السادات، وليس فكرة فاروق الباز.


■ وما إثباتاتك؟


- لقد عشت القصة بكل تفاصيلها، فالرئيس السادات اجتمع بنا ذات مرة أنا وأحمد هلال والدكتور بطرس غالى، وقال لنا نحن مستقبلنا أفريقيا، هم أحسن سوق لمنتجاتنا وأفضل مورد لخاماتنا، وقد أقام بالفعل ما سماه «منطقة التكامل من أسوان شمالا حتى جنوب حلفا»، وفى جولة له مع الرئيس السودانى جعفر النميرى ذهب به إلى منطقة العلمين، وقال له إن السودان وأفريقيا ليس لهما مطل على البحر المتوسط، وأنا أريد أن أحقق لكم ذلك، بإنشاء طريق من الجنوب إلى الشمال وسماه طريق «درب الأربعين» يتجه مباشرة إلى البحر المتوسط، وقال لبطرس غالى أنت وزير الدولة للشؤون الخارجية والمسؤول عن ملف أفريقيا، لتحقيق مزيد من التعاون معهم، وكان ذلك فى وزارة الدكتور مصطفى خليل، الذى قال للسادات إن لديه عرضاً من شركة إيطالية تريد تنفيذ هذا الطريق بحق الامتياز، فرد عليه السادات قائلاً: يا مصطفى نحن دخلنا حرب 56 بسبب امتياز قناة السويس، وأنا لا أريد أن أترك لأحفادى قضية يدخلون بسببها حرباً فى المستقبل، أنا أريد الطريق مصرياً، ننفذه على حسابنا وبأيادٍ مصرية، يوم بيوم وشهر بشهر وسنة بسنة.. ولكن لم يمهل القدر الرئيس السادات تنفيذ الفكرة وتوقف المشروع.


■ وكيف توصل فاروق الباز إلى الفكرة؟ ربما هى المصادفة أن يفكر كل من الرئيس السادات والدكتور فاروق الباز فى فكرة متشابهة؟


- لا ليست مصادفة، لأن الرئيس السادات عندما طلب أن يقام الطريق بأياد مصرية تم تكليفى بالإشراف على المشروع وإجراء الدراسات للوصول لأفضل نتيجة، وبدورى اتصلت بالدكتور فاروق الباز وشرحت له فكرة الرئيس السادات، وطلبت منه كعالم أن يأتى لى بكل الصور التى التقطت بالأقمار الصناعية للصحراء الغربية، وطلبت منه أن يحدد أفضل المناطق التى يمر فيها الطريق على أن يمر بمناطق بها مياه وثروات طبيعية ومصادر طبيعية للاستفادة بالطريق فى المستقبل فى التنمية العمرانية، وقد حصل فاروق الباز على التكليف منى وبدأ فى التنفيذ، وجمع الصور التى التقطت بالقمر الصناعى واللازمة لإجراء التصور الأفضل للأماكن التى سيمر بها الطريق، وقد وضع التصور بالفعل الذى أملك منه نسخة يضعها ابنى محمد الكفراوى فى مكتبه بعدما وضعها فى برواز زجاجى.


■ ولكن كما تقول السادات اقترح فقط طريقاً وليس مشروعاً متكاملاً كالذى اقترحه الباز؟


- أى طريق فى الدنيا يتم إنشاؤه تنشأ موازية له تنمية معمارية، فإذا مر الطريق ببئر سيقوم الفرد بالزراعة، وإذا مر بمنطقة رمال بيضاء سينقلها إلى مصانع الزجاج، وإذا مر بجبل حجر جيرى سيتم تصنيع الطوب وهكذا، والدليل أن كل طريق أنشئ فى مصر فى الصحراء غزته التنمية المعمارية، فطريق إسكندرية الصحراوى عندما أنشئ كان صحراوياً فعلا، ولكن انظرى الآن ماذا حدث؟ لذا أنا عاتب على الدكتور فاروق الباز.


■ هل لى أن أسألك بشكل صحفى عن الشأن السياسى والانتخابات ومستقبل مصر؟


- اعفنى من الأمر فلم يعد الكلام يفيد فهم يفعلون فى النهاية ما يريدون دون اعتبار للشعب.