مدير مركز «دعم اتخاذ القرار»: «ويكيليكس» يرسخ ديمقراطية التكنولوجيا

كتب: مصباح قطب, أميرة صالح الجمعة 24-12-2010 19:34

لا يمكن أن يمر احتفال مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار باليوبيل الفضى، دون «وقفة» مع الدكتور ماجد عثمان، مدير المركز، لنفتح معه الأبواب المغلقة على «قضايا مهملة»، رغم تأثيرها الشديد- سلبا أو إيجابا- على مستقبل هذا الوطن.


الدكتور ماجد عثمان، فى حواره مع «المصرى اليوم» يخوض فى «قلب» العديد من هذه القضايا، من أول رؤيته لتسريبات موقع «ويكيليكس»، وحتى قناة السويس التى تمثل منجماً من الذهب- حسب وصفه- إذا ما تم استغلالها الاستغلال الأمثل، وعدم الاكتفاء بمجرد أنها «ترعة» تستخدم كممر مائى يربط بين بحرين.. وإلى نص الحوار:

■ بداية، كيف قرأت- كمعلوماتى- تسريبات «ويكيليكس»؟


- أرى أنها سترسخ منظور «ديمقراطية التكنولوجيا»، وتجعل أى فرد لديه قدر من الذكاء والعلم، يستطيع أن يعرف الكثير أو يتيح ما يعرفه للكافة.


زمان، كانت المعلومات فى غرف مغلقة وسرقتها صعبة، لكن مع التقدم والقرصنة تواجدت فرص كبيرة لسرقة الوثائق، وكون شخص لديه ربع مليون وثيقة سرية، فهذا واقع جديد، سيؤدى إلى حرص أكبر على أمن المعلومات، وسيقابله عمل أكبر للاختراق، ونحن ندخل إلى موجات مختلفة من هذا السباق.


أنا لست من أنصار نظرية المؤامرة، ولكن لا يمكن استبعادها فى هذه الواقعة، كما أنها تشير إلى أنه ليس هناك نظام آمن بنسبة 100%.


■ ألا يتطلب الأمر إعادة تعريف لما هو «سرى»؟


- المعلومات فى الأصل ممتلكات عامة، إلا إذا كانت تشكل خطرا على خصوصية أشخاص أو على الأمن القومى، ومن المؤكد مثلا أن قاعدة الرقم القومى بها ما هو سرى بالتأكيد حفاظاً على خصوصية الأشخاص.


■ لديك وجهة نظر تقدمية عن سرية البيانات ومفهوم الأمن القومى؟


- لا يمكن إغلاق الأبواب المعلوماتية على جهات أو وزارات بالكامل أياً كانت، وإطلاق مبدأ أن بياناتها كلها سرية، وأعتقد أن معرفة الناس بالمعلومات فى مصلحة الحكومة والمجتمع، وتساهم فى الوصول إلى قرار سليم، بالإضافة إلى أنها تزيد فهم الناس لأسباب وأبعاد مشكلات محددة، منها مثلا التعليم وما يتم الإنفاق عليه وخيارات تطويره وتكلفتها.


■ لكن ما أكثر ما لفت نظرك فى تسريبات «ويكيليكس»؟


- قصة عقود الغاز بين إيطاليا وروسيا، فكنت أتصور الأمور فى الدول الديمقراطية أكثر انضباطا من ذلك.


■ ألم يلفت نظرك تسريبة قيام «فايزر» فى نيجيريا بتجنيد مأجورين للتجسس وتشويه سمعة وزير العدل لكى يتنازل عن دعاوى تعويض ضدها لإجرائها بحوثاً دوائية على أطفال تسببت فى موت كثيرين منهم؟


- على المستوى العالمى، هناك شركات أدوية وانتاج سجائر لها مصالح تجعلها تتلاعب، وربما توجد «تحالفات» لشركات كبرى داخل مصر، كما فى العالم كله.


وفى داخل أمريكا تجد أن إحدى الشركات تريد دفن مخلفات رغم أنها ضارة بالسكان مثلا، وتحاول «فرم» من يقف فى سبيلها، لذلك لابد من «أنياب رقابية» تحافظ على مصالح الناس، لأن الشركات متعددة الجنسيات موجودة فى كل الدول ومواردها ضخمة جداً، وقد تفوق ميزانيات الدول.


■ وهل أجهزة الدولة قادرة على مواجهة مثل تلك الكيانات الكبيرة؟


- الدولة لها هيبتها، ولابد أن تكون الأجهزة قادرة على مواجهة الشركات، ولها المقدرة على اكتشاف مثل هذه الممارسات والمخالفات لمواجهتها، لأن قوة الرقابة تؤدى إلى ألا تقع المخالفات من الأصل.


■ احتفل مركز المعلومات، أمس، باليوبيل الفضى له.. فماذا أعد للسنوات المقبلة؟


- كان فى الاحتفال جلسة باسم «رحلة فى عقل المواطن المصرى» طرحنا خلالها كل الدراسات التى تتحدث عن تفكير المواطن والسلبيات والإيجابيات فى القيم السائدة، وسنعمل على تقليل الفجوة ما بين القيم السائدة والسياسات العامة فى عدد كبير من المجالات.


ومن الأمثلة على ذلك، الموقف من دور القطاع الخاص ودور الدولة، فالاتجاه العام نحو القطاع الخاص، لكن المواطن ليس لديه انطباع جيد عنه، رغم أن مصر طوال عمرها كان القطاع الخاص بها يلعب دوراً كبيراً.


أيضا النظرة إلى المرأة متدنية، ولا تتناسب مع حضارة وتاريخ مصر، وما حدث من إنجازات مازال محدودا، كما أن الحديث عن حقوق المرأة ما زال «نخبويا»، ولم يمتد إلى القاعدة العريضة من الجمهور.


مثال ثالث هو النظرة المتهاونة إلى الزيادة السكانية مع أن المشكلة حادة ومعدلات الإنجاب الحالية تصل إلى 2.25 مليون مولود سنويا، وطاقة المدارس القائمة تستوعب 1.5 مليون فقط، وهذا يعنى أنه لابد من زيادة عدد الفصول بمقدار الثلث للاستمرار بنفس الكثافات والتى هى غير مقبولة أو معقولة أصلا.. الموارد محدودة والتطلعات متزايدة ومع هذا فالناس تتحدث عن 3 أطفال أو 4 أطفال حداً أدنى وهذا «سيناريو كارثى».


■ لكن المجتمع بدأ يدرك خطورة ذلك بسبب الغلاء وتكاليف المعيشة؟


- الاستجابات متفاوتة، ففى الصعيد 25 % من السكان ينتجون 41% من المواليد، والغريب أن نمط استهلاكنا رغم كل الشكوى من الأسعار غير منطقى بالمرة، وحين أنظر إلى استهلاكنا من السجائر مثلا أشعر بالأسى.


■ طرحتم دراسة عن القيم السائدة، ولكن السؤال: لماذا لا يهتم المركز ببحث القيم السائدة بين النخبة المصرية كذلك؟


- نحن نبحث بحق عن «صياغة تشاركية» للمستقبل، ونحرص على أن تصدر الأجندة عن الناس، فقد تكون هناك أفكار غائبة عنا.


■ بعد ربع قرن، هل يمكن القول إننا تجاوزنا التنافس على من يكون «مستر كمبيوتر إيجيبت» المركز أم جهاز التعبئة العامة والإحصاء، خاصة مع تبعية المركز لمجلس الوزراء؟


- علاقة المركز بجهاز الإحصاء كانت «شائكة» فى الماضى، ولكن الآن هناك تشارك وتكامل. كما أن سياسة العمل واضحة جداً، فجهاز الإحصاء فى كل أنحاء العالم ينتج البيانات الأساسية من تضخم وبطالة ومسح منشآت وبحوث الدخل والإنفاق، وهناك مؤسسات أخرى تقوم بتحليل المعلومات، والتحضير لدعم القرار مع ما يلزم ذلك.


مثلا، هناك سؤال يبحث عن إجابة : الدعم هل يكون عينيا أفضل أم نقديا؟. وهذا يعنى السؤال عن احتياجات الناس ومواردهم وإنفاقها، وإذا تم اختيار النقدى كيف يتم تدبير التمويل وكيف تسير أحوال الميزانية وهذه المناقشة ليست من عمل جهاز الإحصاء ولكنها تحتاج إلى تخصصات مختلفة.


أيضا هناك أشياء نقوم بها نحن فقط، ومنها استطلاعات الرأى، فنحن نوفر لهم كل المعلومات، وهم يقومون بالأمر نفسه.


■ ما آخر ما قمتم به ويدلل على التعاون والتنسيق؟


- جهاز الإحصاء قام بإحصاء التعداد السكانى، ونحن قمنا بالتعداد البعدى، وهو ما يعنى أخذ جانب من الأسر التى بحثها الجهاز وإعادة بحث وضعها مرة أخرى وإجراء مقابلات ثانية معهم، فبدون تعاون بين الجهازين لم يكن ليتم ذلك.


ولنتذكر أنه فى عام 86 أجرى الجهاز التعداد الأساسى، وقام هو نفسه بعمل التعداد البعدى، وهو ما يعنى أنه أجرى تقييما لنفسه و«ده ما ينفعش». فى دول العالم الأخرى يتم التقييم البعدى من خلال أداة مستقلة تماما داخل جهاز الإحصاء نفسه، ولكن ما حدث فى مصر «نموذج جديد وجيد».


■ هل كل مراكز المعلومات ودعم القرار فى جميع الدول حكومية كما فى الوضع المصرى؟


- أعتقد أن الحكومة تحتاج حاليا ومستقبلا إلى مثل هذا المركز، ولكن من المهم أن تكون هناك مراكز بحثية متنوعة، ولابد أيضا أن تكون «حوكمة» هذه المراكز واضحة ومعروفة تبعيتها وأيديولوجيات عملها، وعند التعامل مع أى منها ما هى مرجعيته، وهل يمثل رجال أعمال أم أكاديميين، لأن كل شىء له منطلق، وهنا لابد من الشفافية: من يمول الدراسة.. ومن المستفيد.. وتشكيل مجلس الإدارة ومجلس الأمناء؟


إن شغل الحكومة إذا قيس إلى أطراف أخرى «قد يكون محايداً جدا»، ويتضح الأمر إذا عرفنا أنه يمكن أن تكون هناك جماعات ضغط ولها مراكز أبحاث ومصالح خاصة فى النهاية، لكن الحكومة ليست لها مصالح واضحة «قوى كده»، وليست مع ناس بعينهم أو ضد ناس بعينهم، وهى فى النهاية تحاول أن تصل إلى مصلحة المواطن.


■ هل هناك قطاعات ليست مغطاة بالمعلومات أو مغطاة بشكل فقير؟


- أصدرنا تقريرا عن الفجوة المعلوماتية، وكان الهدف منه لفت نظر الناس لغياب بعض المعلومات، وحثهم أيضا على أن ينبهونا للمزيد.


وكمثال، أسباب الوفاة بها فجوة معلوماتية، فيقال كلام كثير عن ضحايا «فيروس سى»، لكن ليس لدينا تأكيد، فعندما يتوفى شخص يصدر الطبيب شهادة وفاة لرجل عمره 70 سنة يشخص الوفاة عادة «غميضى» بأنها نتيجة هبوط فى الدورة الدموية، دون بحث الأسباب الحقيقية.


مثال آخر: هناك مشكلة معلوماتية فى حساب الناتج المحلى الإجمالى لكل محافظة وأداء كل محافظة الاقتصادى، وفى بعض الأحيان ارتفعت أسعار بعض السلع الزراعية، ولكن ليس لدينا معلومات هل تحسنت أحوال الفلاح نتيجة ذلك أم لا؟


كل الموجود انطباعات من نوع «الريف مليان أطباق دش» أو «تردى إلى الهاوية». لدينا إذن عدد من الموضوعات به نقص فى المعلومات، ونحتاج أن نستوفيها، وإذا كان المركز وكياناته غير قادرة على استيفاء المعلومات كافة، يمكن الاستعانة بمراكز تابعة للقطاع الخاص، حتى تكتمل القاعدة المعلوماتية.


■ أظهرت أزمة المقطورات أن لدينا فجوة معلوماتية ومؤسسية فى قطاع حيوى للغاية كهذا، وقد تقرر فجأة تأسيس مجلس أعلى للنقل بعد أن تبين أنه لا توجد قناة للحوار معهم؟


- بالمناسبة أيضا، لا نعرف ما حجم النقل بالمقطورات وحجم ما هو دون. كنا قد أقمنا ندوة لتحديد الفجوات شارك بها 51 خبيرا، وأصدرنا تقريرا بالنواقص وأرسلناه للصحف.


■ رغم دعم القرار تقع أحيانا أخطاء مدوية منها أنه فات على الحكومة عند إعادة تقسيم المحافظات أن المحكمة الدستورية أصبحت فى غير العاصمة هل أنتم مسؤولون عن مثل ذلك؟


- تقسيم المحافظات كان له منطق تنموى، مثلا تم وضع الجيزة منطقة مغلقة مع استبعاد المناطق الريفية منها. المشاكل المتجذرة تأخذ وقتها لتحل، ولكن على الأقل تحديد الريف من الحضر يساهم فى إحداث التنظيم.


مثلا هناك مدن فى سويسرا موقوف بها رخص البناء، وبالتالى عدد سكانها ثابت، ومن يرد البناء يغير المكان، ويمكن أن يكون هدف تغيير حدود القاهرة والجيزة مستقبلا مثل هذا، خاصة أن اختلاط الريف بالحضر جعل الحضر ليس حضرا ولا الريف ريفا، وأوجد «منطقة رمادية متعبة».


أما كون المحكمة الدستورية جاءت فى حلوان فمشكلة سهلة، ونحن نتحدث الآن مثلا عن دراسات لنقل العاصمة، ومن الوارد إذا حدث ذلك أن تبقى المحكمة الدستورية فى غير العاصمة. فى إنجلترا مثلا انتقلت مؤسسات سيادية من العاصمة إلى المدن الاخرى وتوافق الجميع على ذلك.


■ ولكنها لم تكن فلسفة الحكومة بدليل أنها تراجعت عنها وعدلت القرار لتضم المحكمة الدستورية إلى القاهرة؟


- الموضوع بسيط.


■ هل لدى المركز خريطة واضحة عن منافذ توزيع السلع الأساسية التى يكثر فيها التلاعب، وهل لديه قاعدة بيانات عن المخزون من السلع الغذائية الاستراتيجية بما يساهم فى حل الأزمات حال وقوعها؟


- هذه قضية متشابكة، لأننا نعتمد على استيراد الكثير من السلع، وبالتالى أسعار الخارج تتحكم فى مستويات الأسعار فى السوق المحلية، إلى جانب وجود احتكارات فى السوق أوجدت نوعا من قوة التاجر مقارنة بالمستهلك، وهذا وضع موجود من زمان وحتى فى أكثر الأوقات مركزية لم تكن الأمور منضبطة، وزادت الممارسات الضارة مع الانفتاح الاقتصادى، لكن يحسب للحكومة أنه حتى مع تضاعف سعر القمح لم يحدث نقص فى العيش.


■ ما تفسيرك للأزمات التى تحدث بشكل دورى، وتنسخ نفسها ونموذجها أزمة أنابيب البوتاجاز فى الشتاء؟


- تكلفة حل الأزمة لابد أن تؤخذ فى الاعتبار، مثلا حل أزمة البوتاجاز يكمن فى زيادة عدد الأنابيب بإنشاء خطوط جديدة لكن الأزمة تستمر، وهنا السؤال: هل أنت مستعد للإنفاق على بناء مصنع قد لا تستغله بعد فترة الأزمة أم الأفضل لك شراء 100 ألف أنبوبة مثلا زيادة فى ذروة الأزمة؟


الأمر كما ترى يتطلب قراراً مدروسا. ففى السعودية مثلا حين كانت الموارد محدودة كان يتم النظر إلى الاستثمارات اللازمة لتطوير مناسك الحج من منطلق هل ننفق كل هذه الأموال على موسم لمدة أسبوعين أو ثلاثة؟ وتغير الأمر بعد الوفرة المالية، إذن هى مسألة موازنات.


■ هل يمكن فعلا تلبية طلب المواطن- وحقه- فى زيادة الأجور، أم أن ما يقال عن عدم قدرة الحكومة على تمويل الزيادة مقنع؟


- أى زيادة فى الأجر دون زيادة فى الإنتاجية تمثل مشكلة كبيرة، وأتساءل: هل الحد الأدنى المرفوع للأجور سيفيد الفقراء أم الطبقة الوسطى؟


فى رأيى أن الفقراء لن يستفيدوا، ومن يستفيد هو موظف الحكومة من الطبقة المتوسطة، وهو من الأصل ضعيف الإنتاجية، ولا أعتقد أن زيادة أجره ستؤدى إلى زيادة الإنتاجية، أضف إلى ذلك أنه على الجانب الآخر هناك فئة لن تستفيد أصلا منها مثلا المزارع والحرفى، ومن يعمل فى شغل بسيط لمدة يومين أو ثلاثة فقط، ولكن كل هؤلاء سيعانون من زيادة الأسعار عند رفع الأجور.


■ ماذا سيحدث لو تم تحديد حد أدنى قومى ملزم لكل صاحب عمل عام أو خاص؟


- العاملون فى الدولة ثلثهم فى القطاع الحكومى، والثلث فى القطاع المنظم والثلث الثالث فى القطاع الخاص غير المنظم. القطاع الخاص المنظم والحكومة سيلتزمان، ولكن القطاع غير المنظم به الفقراء، ولن يستفيد من هذه القرار.. إذن 7 ملايين بنى آدم بأسرهم «حيتبهدلوا»، إلى جانب أنه فى القطاع الخاص غير المنظم تجد مثلا بعض أصحاب المحال يعمل لديهم ما بين 6 و7 عمال يحصل كل منهم على 300 جنيه وصاحب العمل يبقى عليهم رغم عدم احتياج العمل، ولكن نظرا لقلة تكلفتهم، فهو يعتبرها نوعاً من المساعدة.


ولكن فى حالة إلزام أصحاب الأعمال بزيادة الحد الأدنى مثلا إلى ألف جنيه سيكون أول قرار الاستغناء عنهم مع الإبقاء على 2 منهم فقط، فأين سيذهب هؤلاء وقدرتهم على إقامة مشروعات محدودة. الخلاصة أعتقد أن الحد الأدنى للأجور سيتحيز ضد الفقراء


■ ولماذا لانضع حدا أعلى؟


- لست مع تحديد حد أعلى، ولكن لابد من الشفافية، فمثلا عندما تم إنشاء البورصة المصرية لم تكن لدينا خبرات، وكان لابد من الاستعانة بخبراء من الخارج حتى لو مصرياً مقيماً هناك، ولكن لن يقبل أحد منهم أن يحصل على راتب أقل بكثير، وإذا قبل الوضع سنة فلن يقبله سنة أخرى.


الحد الأعلى للأجور يحرمك من الحصول على أفضل ناس أنت فى احتياج لديهم . مثلا فى هيئة الاستثمار قد تحتاج إلى من ينجح فى جذب استثمارات كبيرة ويحصل على عائد مرتفع، ولكن لماذا الإصرار على أن يحصل الموظف على ألف جنيه مثلا فقط و«مش مهم الملف ده ينجح». المهم الشفافية، فما المانع أن يقال إننى عينت شخصا يحصل على 20 ألف جنيه، لأن له مؤهلات مرتفعة هى كذا وكذا ويتميز عن غيره بكذا وكذا.


■ الخلل فى «الكوسة»، لأن أكثرها الوظائف الممولة من المنح؟


- معك فى ذلك، والقضية تحتاج إلى شفافية، ولابد من معرفة أسباب اختيار البعض دون الآخرين فى شغل الوظائف، لابد أن نعرف أن المختار اجتاز الاختبارات، وينشر هذا على المواقع الإلكترونية حتى يعرف الشباب احتياجات سوق العمل والمهارات المطلوبة فى الوظائف المختلفة، وبالتالى يعملون على تحصيل المهارات اللازمة لشغلها، لأنهم حين يعرفون أن غيرهم حصل على وظيفة لأنه قريب المدير سيعتبرون أن مشكلتهم فقط فى أنهم ليس لهم مدير قريب، فى الوقت الذى قد تكون مهاراتهم فيه ناقصة.


■ لماذا لا تمتد خدمة دعم اتخاذ القرار إلى المجتمع، ويشمل التوزيع قيادات الأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى الكبيرة؟


- أى أحد يطلب نرسل له منتجات المركز، لأن ميزانية البريد مكلفة إلى جانب أن هناك توافراً للمنتجات على الموقع الإلكترونى، وأخشى أن يتم إرسال نسخ كثيرة لا يتم استخدامها.


■ هل طلبت منكم حكومة الظل، برئاسة الدكتور على السلمى، أى بيانات؟


- أى أحد يمكنه أن يطلب، والدكتور السلمى شخصية محترمة ويحضر الكثير من المؤتمرات لدينا، ومن مصلحتنا أن يقرأ الكثيرون أبحاث المركز، فذلك يمكن أن يؤدى لتفهم أفضل لوجهات النظر أو لتقارب فى الآراء.


■ ما تفسيرك للزيادة فى السكان رغم ارتفاع نسبة التعليم؟


- لأن هناك زيادة فى نسبة الشهادات، وليس فى مستوى التعليم. الطالب لدينا يأخذ درسا ويحفظ وينجح ثم «يحدف» كل ما تعلمه ليستقبل معلومات العام الدراسى الجديد، دون أن يضيف أى قيمة إلى تكوينه أو سلوكه الاجتماعى.


■ لماذا «نام» الحديث عن مشروع مصر 2030؟


- سنتعرض فى اليوبيل الجديد له، ونركز على الرؤية المستقبلية التفصيلية، فقد عرفنا الرؤية العامة لمصر 2030، وهى أن تكون دولة بها اتفاق داخلى ونظرة جيدة للمرأة ومواطنة، وحاليا نعمل على القطاعات التى يمكن أن تقود الاقتصاد المصرى، وحددنا العديد منها مثل قطاع الطاقة الجديدة والمتجددة ليس لتغطية الطلب المتزايد على الطاقة فقط، ولكن بما يحول مصر إلى دولة على نسق الدول البترولية بحيث نستغل موقعنا، فمصر قريبة من أوروبا التى ترغب فى التحول إلى جعل 30% من الطاقة من الجديدة والمتجددة.


■ فكيف نتعامل معها ويلزم أن تكون لدينا معدات محلية وكوادر بشرية مؤهلة وباحثون جاهزون؟


- أعتقد أن الطاقة الجديدة والمتجددة ستعطى مصر قوة سياسية خاصة عندما تشعر أوروبا أنها تحتاج إلينا بقوة.


النقطة الثانية: «اقتصاد الصحراء» فنحن نعرف أن الدلتا تضج بمن فيها، وأن نصيب الفرد من المياه سيقل وهناك منتجات يمكن زراعتها فى الصحراء على مياه مالحة، ولابد من استغلال ذلك، ونتذكر هنا بالتقدير الراحل أحمد مستجير وبحوثه.


النقطة الثالثة: قناة السويس ومنطقتها، فعندما نقارنها بجبل على فى دبى، نرى أنها مازالت ممراً مائياً نستخدمها كترعة.


■ ولكن ما حولها لا شىء لماذا لا تقوم صناعة وصيانة سفن حولها؟


- لدينا موقع بلا إدارة، وفى جبل على إدارة بلا موقع، ويمكن أن تتحول القناة إلى منجم ذهب . لدينا فرصة أخرى فى خدمات التعهيد وكوادرنا البشرية قادرة على العمل ويمكن الاستفادة من خبرتها أوسع مما قمنا به بكثير مع العناية بتعليمهم لغات غير الفرنسية والإنجليزية، ولابد من التركيز على الصينى، خاصة أن الصينيين لديهم مشكلة فى اللغة، ولو علمنا شباب المصريين اللغة الصينية سنخلق لهم فرص عمل كثيرة جدا، ودور القطاع الخاص أساسى هنا.