جاء حفل افتتاح المهرجان القومى للسينما المصرية «12- 19 أكتوبر 2016» فى دار أوبرا القاهرة رائعاً، آخر نصف ساعة، ولكن السلام الوطنى أذيع، ولم يعطل كما فى حفل افتتاح مؤتمر شرم الشيخ البرلمانى الدولى، فى حضور رئيس الجمهورية بنفسه!! غياب الدقة والإتقان والاحترام فى المواعيد أصبح من سمات أغلب الاحتفالات فى مصر، بدْء الحفل متأخرا عن موعده يؤكد أنه مهرجان «قومى» بالفعل والكلمة بين قوسين عن عمد!
ولكن حفل الافتتاح ذاته، الذى استمر لمدة ساعة شاهدته على قناة «نايل سينما» كان متقناً إلى أبعد الحدود. استعراض بديع، أخرجه محمد مرسى إبراهيم، عن تاريخ السينما المصرية، تذكر الذين رحلوا عن عالمنا من الدورة الماضية فى صور فوتوغرافية متلاحفة للنجوم و«الكومبارس» معاً. إهداء الدورة إلى اسم المخرج الكبير محمد خان. لجنة تحكيم جمعيت كل الأجيال وكل المهن السينمائية، وفى توازن بين الرجال والنساء. كلمات من وزير الثقافة، حلمى النمنم، ورئيس المهرجان سمير سيف تؤكد أن الدولة تعمل بجدية على مزيد من الدعم للسينما فى مصر. ثم هناك تكريم الممثلة شويكار، والممثل حسن يوسف، والمخرجة إيناس الدغيدى والمنتيرة سلوى بكر ومهندس الصوت جميل عزيز، وإصدار الكتب التذكارية عن كل منهم، والاحتفال بمئوية ميلاد المخرج حلمى حليم، بإقامة معرض عن حياته وأفلامه ودوره كأستاذ فى المعهد العالى للسينما بالجيزة.
سوف يذكر دائماً أن سمير سيف أنقذ المهرجان القومى بالمحافظة على تقاليده العريقة التى بدأت مع أول دورة نظمها صندوق التنمية الثقافية فى عهد الوزير الفنان فاروق حسنى، بل قام بتطوير هذه التقاليد، ولا غرابة فى ذلك، فالناس تعرف سمير سيف المخرج الكبير، ولكنهم لا يعرفون بنفس القدر أنه من كبار المثقفين، ولا تشهد على ذلك رسالته للماجستير ورسالته للدكتوراه فقط، وإنماً مقالاته فى نقد الأفلام التى كان ينشرها فى نشرة نادى سينما القاهرة فى عصره الذهبى، والتى لا أدرى لماذا لا يصدرها فى كتاب كنماذج للنقد المنهجى.
المعروف أن جماعة «طظ فى مصر» تعمل على محو ذاكرة مصر بصفة عامة وذاكرة السينما المصرية بصفة خاصة، وقد أصبحت هناك بيئة حاضنه لمحو الذاكرة بوعى أو من دون وعى، وهل يعقل أن تمثال أم كلثوم فى مدخل الزمالك محفور عليه أنه أقيم فى العيد الرابع لمدينة القاهرة التى يزيد عمرها على ألف عام!! ونفس المنطق يقال إن دورة 2016 هى الدورة العشرون للمهرجان، لمجرد أن هناك من قرر أن يبدأ العد من جديد مع إضافة الأفلام القصيرة إلى الطويلة!
بينما مواجهة محو الذاكرة تعنى أن يبدأ العد من عام 1932، وهو تاريخ منح جوائز مالية من الحكومة، أى من أموال دافعى الضرائب لأحسن الأفلام التى أنتجت عام 1931، هل يعقل أن تكون هذه هى الدورة العشرون لسينما احتفلت بمئوية أول فيلم عام 2007، وفى العام القادم 100+10؟!