أزمة نقص السكر، ليست جديدة، ولكنها من الأزمات المتكررة، التى لا تحدث بموسم محدد، ولا أحد يعرف أسباباً منطقية لها، فى بلد يزرع البنجر وقصب السكر، طوال تاريخه. البعض يقول إن السبب ارتفاع سعر السلعة عالمية، وآخرون يؤكدون أن «الاحتكار» هو مفجر الأزمة، ووسط الاتهامات المتبادلة تضيع الحقيقة، ويصل سعر كيلو من المنتج لـ9 جنيهات ويكتوى المستهلك بحلاوة السكر.
السكر أحد منتجات قصب السكر والبنجر، وهى مزروعات شرهة للمياه، ولذا تحاول الحكومة تقليل المساحات المزروعة منها لخفض استهلاك المياه خاصة بالنسبة إلى القصب الذى حمل مزارعوه بالصعيد وزاراتى الزراعة والتموين مسؤولية ارتفاع الأسعار لعدم وجود خطة لاستنباط أصناف جديدة تساعد على زيادة الإنتاج، وتقلل من استخدام المياه، فضلا عن عدم وجود مرشدين زراعيين للتعريف بكيفية الترشيد واستخدام وسائل الرى الحديثة بجانب تأخر صرف مستحقات التوريد وتراجع المساحات المزروعة.
ورغم كون القصب أهم قلاع الصناعة النباتية، وينتج قرابة 22 سلعة، فالمزارعون يواجهون مشكلات عديدة بسبب غياب السياسات والخطط للارتقاء بالمحصول، وباتت زراعة القصب لا تغطى تكاليفه، ما يهدد ملايين المزارعين والعمال والسائقين بالبطالة والتشرد.
«المصرى اليوم» تفتح ملف «أزمة السكر» وارتفاع أسعاره، وتتقصى وسط الفلاحين أسباب تراجع قصب السكر والبنجر فى السطور التالية.
قال مزارعو بنى سويف إن ارتفاع تكاليف إنتاج قصب السكر سببه ارتفاع أسعار العمالة وتكاليف النقل وتنقية التربة قبل الزراعة، ونقص السماد وارتفاع أسعاره بالسوق السوداء.
وأكد أحمد متولى أن المحصول لم يعد يأتى بعائد للفلاح، فالتاجر والوسيط هما المستفيدان، مشيراً إلى ضرورة تحديد سعر الطن بـ500 جنيه، لافتا إلى أن الربح العائد من بيع المحصول لا يغطى تكاليفه مطالباً الدولة بدعم الفلاح بعيداً عن التجار. وأوضح محمود على أن الأرض بعد زراعتها بالمحصول تظل طوال العام دون زراعة أى محصول آخر، مطالبًا برفع سعر التوريد، لتحقيق عائد مناسب، وحمل الحكومة المسؤولية، مشددًا على أن دورها يجب ألا يقتصر على تحرير محاضر عند حرق مخلفات القصب.المزيد
قال النائب محمد عبدالعزيز الغول، عضو مجلس النواب عن دائرة نجع حمادى، عضو ائتلاف دعم مصر، إنه تقدم بمذكرة لشريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، بشأن السكر المحلى وكيفية الحفاظ عليه فى مواجهة المستورد وحلول أزمة نقص السكر.
وأضاف الغول إن المذكرة تضمنت أن إنتاج السلعة وصل خلال العامين الأخيرين إلى 2.3 مليون طن، بينما يبلغ الاستهلاك 3 ملايين طن، ما يعنى حاجة البلاد لنحو 700 ألف طن، ورغم ذلك يتم استيراد نحو 1.4 مليون طن سنوياً، ما أدى لإغراق السوق بالمستورد وترتب عليه تكدس السكر المحلى بمخازن الشركات وعدم قدرتها على تحمل مستحقات المزارعين الذين تحملوا فوائد 4 أشهر لبنك التنمية والائتمان الزراعى نتيجة التأخر فى صرف المستحقات.
وأشار الغول إلى أن الاستمرار فى هذه السياسة يضر بالصناعة المحلية موضحاً أن 80% من المساحة المنزرعة بجنوب الصعيد بالقصب، ويعزف المزارعين عن زراعته ويتجهون لزراعات أخرى أقل تكلفة ما يضر بالمحصول الاستراتيجى بالسلب، رغم أن زراعة القصب قديمة بالصعيد منذ عام 1868، والإغراق سيضر نحو 25 ألف عامل فى 8 مصانع لإنتاج السكر بمحافظات المنيا وسوهاج وقنا وأسوان.المزيد
أعرب عدد من المزارعين لمحصول بنجر السكر بالشرقية عن استيائهم بسبب انخفاض سعر الطن، مقابل ارتفاع تكلفة الإنتاج، مؤكدين أن محصول البنجر أقل فى التكلفة من قصب السكر فضلاً عن أن دورة إنتاجه سريعة لا تستغرق سوى 130 يوم ويتم زراعته مرتين سنوياً، ما يؤدى لوفرة المعروض وإمكانية الاستغناء نهائياً عن الاستيراد فى حال توافر المصانع.المزيد
رغم امتلاك أسوان أكبر مساحة مزروعة بقصب السكر على مستوى الجمهورية، ٧٠ ألف فدان ومصنعين ينتجان 300 ألف طن، فهى إحدى المحافظات التى تعانى من نقص فى السلعة.
وعلى مدار العامين الماضيين شكت مصانع أسوان من تكدس المخزون بعد فشلها فى تسويقه، حيث وصل مخزون أحد المصانع وحده إلى 50 ألف طن.
وقال أحمد سيد عبدالعظيم، سكرتير عام الجمعية العامة لمنتجى قصب السكر، إن مشكلة السلعة ظهرت بعد تبعية صناعة السكر لوزارة التموين، بدلاً من وزارة الاستثمار متمثلة فى شركة السكر والصناعات التكاملية، حيث اتجهت وزارة التموين إلى الاستيراد رغم ركود مخزون المصانع، ومع زيادة سعر السكر عالمياً قامت وزارة بتصديره، بعشوائية رغم أن شركة السكر أدرى بالسوق العالمية.المزيد
قال اللواء مختار فكار، نقيب مزارعى القصب بقنا، إن أزمة السكر مصطنعة، بسبب تصدير السكر بكميات كبيرة، بهدف الاستفادة من ارتفاع أسعار السكر العالمية التى تجاوزت 6 آلاف جنيه للطن وتحقيق أرباح خيالية نتيجة فروق الأسعار على حساب الشركات الوطنية.
وأضاف فكار، فى تصريحات لـ«المصرى اليوم»، أن خالد حنفى، وزير التموين السابق، سمح بتصدير السكر بعد زيادة أسعاره عالمياً لجنى فارق السعر لصالح تجار محددين، لافتاً إلى أن هذه الكميات كانت ضمن الاحتياطى الاستراتيجى للبلاد، وشدد على وجود ما سماه «حرب شرسة» تحاول النيل من صناعة السكر الوطنية وافتعال الأزمات.
وشدد على أن المؤسسات الحكومية تصرف لمستودعات التموين من إنتاج الموسم الماضى وهى تكفى لسد احتياجات الجمعيات وبطاقات التموين لحين تدبير باقى الاحتياجات مع بداية الموسم الجديد، والكميات المتواجدة بالمخازن تتناقص نتيجة تزايد الطلب عليها من وزارة التموين، دون سداد مستحقات المصانع ما ترتب عليه مديونيات طرف وزارة الزراعة تخطت الـ2 مليار جنيه.المزيد