قالت مصادر حكومية رفيعة المستوى إن الاستثمارات الزراعية السعودية في مصر تتركز في مناطق الاستصلاح الجديدة في توشكي والعوينات والصالحية الجديدة، مشيرة إلى أنه خلال المؤتمر الاقتصادي، الذي عقد في مدينة شرم الشيخ مارس من العام الماضي أبدت الشركات السعودية استعدادها لضخ 20 مليار جنيه في قطاع استصلاح الأراضي من خلال 25 شركة سعودية، رغم أن هذه الوعود ظلت «شفهية».
وأضافت المصادر في تصريحات صحفية، الخميس، أنه لم يتم تحويل هذه الوعود إلى استثمارات حقيقية في القطاع الزراعي، لتأثرها بحالة المد والجزر في العلاقات بين البلدين خلال ولاية الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وشقيقه الملك الحالي سالمان بن عبدالعزيز، والتي شهدت اتفاقا وتنسيقها كاملا في ولاية الأول خلافات خلال ولاية الثاني، والذي تعهد بتقديم وعود ورقية فقط، ولم يتم ترجمتها إلى إطار تنفيذي حقيقي في مجال الاستثمار الزراعي.
وشددت المصادر على أن «معظم الاستثمارات السعودية تركز على مجالات الاستهلاك لحصد أكبر أرباح ممكنة من هذا القطاع لارتباطات والاحتياجات اليومية، دون أن يتوجه إلى استثمارات صناعية أو ذات قيمة مضافة تنعكس على نمو الاقتصادي القومي»، مشيرة إلى أن الاستثمارات السعودية هي للاستهلاك فقط.
وأضافت المصادر انه «عقب إنتهاء المؤتمر الاقتصادي تقدمت شركات سعودية بطلبات للاستثمار في مساحة 300 ألف فدان كمرحلة اولي، بينما تعد شركة المملكة للتنمية الزراعية التي يمتلكها رجل الاعمال السعودي الأمير الوليد بن طلال، أول مستثمر سعودي في مشروع توشكى، عندما قامت حكومة الدكتور كمال الجنزوري، رئيس الوزراء الأسبق، بتخصيص 100 ألف فدان له، ضمن أراضي المشروع عام 1997، ثم تنازل عن 75 ألف فدان للدولة، عقب قيام ثورة 25 يناير 2011، بينما أبرمت الحكومة ممثلة في وزارة الزراعة خلال ولاية الدكتور أيمن أبوحديد، اتفاقا للتنازل على هذه المساحات، مقابل إبرام عقد تمليك لمساحة 10 آلاف فدان، و15 ألف فدان يتم التصرف فيها لصالحه طبقًا لنظام حق الانتفاع».
بينما تركز شركة «الراجحي» السعودية، التي تقوم باعمال الاستصلاح ضمن مساحة اجمالية تعهدت باستصلاحها بالمشروع تصل إلى ١٠٠ ألف فدان على ٤ مراحل منذ عام ٢٠١٠، بينما قامت باستصلاح 5 الاف فدان تنوعت المحاصيل المنزرعة بهذه المناطق ما بين القمح، الذي يتم توريده لصالح وزارة التموين، أو زراعة بعض محاصيل الاعلاف مثل البرسيم الحجازي لتصديره إلى الخارج.
ووفقا للمصادر تتركز الاستثمارات السعودية في القطاع الزراعي في مجالات إنتاج الحبوب، وانتاج الالبان، ومزارع الدواجن وشركات لتنمية الثروة الحيوانية، وتضم الشركات السعودية العاملة فيشركات دولية عملاقة مثل المراعي وجنات «الراجحي»وصافولا ودي دي اف والسعودية المصرية للفلاحة وكابيتال للاستصلاح الزراعي والجمعية السعودية ونادك، مشيرة إلى أن السعودية تستثمر في المجال الزراعي بمصر من خلال عشر شركات مصرية وسعودية للإستثمار المشترك هي التنمية الزراعية العربية والنعام المصرية السعودية وريجوا والعربية لأمهات الدواجن والهجن المصرية والعربية السعودية للدواجن والوادي لتصدير الحاصلات الزراعية ومزارع فقيه.
وأبدت المصادر مخاوفها من «توجه الاستثمارات الزراعية السعودية إلى السودان بعد الخلافات الأخيرة في مجلس الأمن حول الملف السوري مما يؤثر سلبيا على الأمن المائي المصري، خاصة وأن الشركات السعودية تفضل الاستثمار في الولاية الشمالية المتاخمة للحدود المصرية حول بحيرة ناصر، كأحد أوراق الضغط للحصول على تنازلات من القاهرة للاستثمار في تواكب وشرق التدوينات»، موضحة أن السعودية وقّعت مع السودان نوفمبر 2015، في الرياض 4 اتفاقيات بين الحكومتين في حضور العاهل السعودي والرئيس السوداني بقيمة ملياري و250 مليون دولار توجه لتمويل بناء 3 سدود على النيل في شمال السودان هي كجبار والشريك ودال، تنفّذ خلال خمس سنوات، مع توفير تمويل لمشاريع للمياه بقيمة 500 مليون دولار، واستزراع مليون فدّان جديد على ضفاف نهري عطبرة وستيت في شرق السودان، خاصة وان السودانيمتلك نحو 200 مليون فدّان صالح للزراعة، تعادل نحو 45 % من الأراضي الصالحة للزراعة في الوطن العربي».
وأكدت المصادر أن أحد أكبر الشركات السعودية، التي أثارت الجدل خلال الفترة الماضية هي شركة النوبارية لإنتاج البذور «نوباسيد»، التي يترأس مجلس إدارتها السعودي عبدالإله كعكي، حيث اشتراها كعكي بأصولها في إطار برنامج الخصخصة عام 1999، وتم التحفظ على الشركة عقب ثورة 25 يناير، وأصدر الدكتور صلاح يوسف، وزير الزراعة الاسبق، قرارًا بتشكيل لجنة لتسيير الأعمال بها، بعد صدور حكم نهائي من محكمة القضاء الإداري، يقضي ببطلان عقد خصخصة وبيع الشركة لرجل الأعمال السعودي، وإلزام الدولة باسترداد جميع ممتلكات الشركة وأصولها، ورفضت المحكمة الطعون المقامة من مجلس الوزراء والكعكي على حكم القضاء الإداري، إلا أنها عادت مرة آخري بقرار وزاري إلى مالكها السعودي عام 2013 الذي إستحوذ على 88% من رأس مال الشركة، رغم مخالفته، للقانون المصري الذي ينص على عدم استحواذ الجانب الأجنبي على أكثر من 51% من قيمة الشركة، كما أن القانون المصري يحظر تملك الأجانب أي أراضٍ زراعية خاضعة لضريبة الأطيان، والأراضي المقامة عليها الشركة تخضع لتلك الضريبة ولم يتم تطبيقها على الشركة المذكورة.