د. محمد الكحلاوى أمين عام اتحاد الأثريين العرب: كانت من أهم المدن على طريق الحرير.. وهى آية فى الجمال

كتب: محمد الكفراوي الثلاثاء 18-10-2016 22:17

قال الدكتور محمد الكحلاوى، أستاذ الآثار بجامعة القاهرة، والأمين العام لاتحاد الأثريين العرب، إن مدينة البتراء من أهم المدن السوريانية للمملكة النبطية، التى أنشئت قبل نحو 4 قرون قبل الميلاد، وانتهت بالغزو الرومانى للمدينة نحو عام 106 ميلادية، وكانت مدينة تجارية من الدرجة الأولى، تتحكم فى طرق التجارة بين مصر والشام والجزيرة العربية والخليج العربى، ما أدى لطمع الحكام الرومان فيها، خاصة أنها منطقة فاصلة بين شبه الجزيرة العربية والشام، وأضاف الكحلاوى لـ«المصرى اليوم» أن المملكة النبطية تعتبر من أجمل المناطق الفنية، حيث تم نحت منازلها وكهوفها ومعابدها فى الجبال وكانت المدينة تسمى قديما بـ«السلع» ومعناه الشق، نسبة لتكوينها المحصور جزء منه بين شقى الجبال المحيطة بالمدينة، وسميت بالمدينة الوردية نظرا للون جبالها ومبانيها التى تكتسى باللون الوردى.

وتابع: «هناك معلومات كثيرة حول مدينة البتراء منها أنها قريبة جدا من وادى شعيب الذى فجر فيه النبى موسى عيون الماء، وهناك معلومات أيضا عن وجود قبر النبى هارون فى المدينة، ولكن الحفائر الحديثة التى ظهرت فيها أشارت إلى وجود العديد من التأثيرات اللاحقة لزمن الأنباط على المدينة، وظهرت فيها العديد من المقابر الرومانية، وتبقى هناك العديد من المعلومات غير المؤكدة المتعلقة بالمدينة، إلا أنها كانت جزءا محوريا ورئيسيا فى طرق التجارة وما عرف قديما بطريق الحرير، وكانت تفرض المكوث على القبائل مقابل إيوائهم والبيع والشراء منهم».

وأضاف: «تعتبر المدينة المنحوتة فى الصخر من أبدع ما نحت الإنسان، ومن أكثر المدن التى نحتت واجهاتها بنسب سليمة وصحيحة تماما، من العقود والنوافذ والأعمدة والقنوات، وتعتبر مبانى تلك المدينة آية من آيات الجمال، وقد احتفى بها العالم فى تصويت شعبى وتم اختيارها من عجائب الدنيا الحديثة، وجاء تصنيفها الثانى من بين 22 أثرا، وإن كان التصويت تم خارج اليونسكو، إلا أنه يعكس أهمية وروعة تلك المدينة».

وعن موقع شعب أو حضارة الأنباط فى سلسلة الحضارات العربية القديمة يقول الكحلاوى: «من المعروف أن منطقة الجزيرة العربية طاردة للسكان، وسكانها فى الغالب كثيرو التنقل والترحال بحثا عن الكلأ، وعادة ما تترك قبيلة أو مجموعة مكانها وتذهب إلى آخر بحثا عن ظروف معيشية أفضل، والعرب الأنباط هم فرع أو قبيلة خرجت من الغساسنة، وانتشروا فى البتراء واستوطنوها كما استوطنوا أجزاء أخرى من شبه الجزيرة العربية، وكانوا يسيطرون على طرق التجارة فى تلك المنطقة، ومع تنقل العرب من مكان لآخر كانت تنتقل معهم آلهتهم أو الأصنام التى كانوا يتبركون بها ويعتبرون أنها تحميهم من الشرور أو تمنع عنهم الأذى والحسد، فكانوا يعتقدون فيها من باب التميمة، ومن جهة أخرى من باب التجارة فالبعض كان يدعو وينادى على البضائع، والبعض الآخر يروج للأصنام التى تمنع الشرور فى اعتقادهم، وهى تشبه فكرة التبرك بالجعران والعين وغيرهما من الرموز الفرعونية، خاصة أن الحضارات القديمة فى منطقة الشرق الأوسط كانت متداخلة إلى حد كبير، وكانت التمائم والمعبودات تنتقل مع التجار من مكان لآخر، وقد وجد علماء الآثار فى الربع الخالى آثارا لمعابد موجودة هناك، تشبه معابد الرعامسة فى مصر».