ارقص مع «قرينك»الافتراضى على أنغام الموسيقى مشروع عالمى لفنان سكندرى عاشق للتكنولوجيا

كتب: عليا تمراز الجمعة 24-12-2010 08:00

منذ أن بدأت الثورة التكنولوجية فى العالم، ظهرت مخاوف على روح البشر، بتحويلهم إلى آلات فاقدة للشعور والإحساس، وجسدت أفلام هوليوود ذلك الهاجس فى عشرات الأفلام، التى صورت التكنولوجيا باعتبارها الآخر المخيف، الذى ينتظر اللحظة الحاسمة للفتك بالبشرية.

محمد يوسف، فنان سكندرى شاب، خريج الفنون الجميلة، والدارس لفنون الرسم والتصوير والخط، لم يكن من مؤيدى ذلك الرأى، فهو يرى أن ثمة روابط قوية بين الفن والعلم والتكنولوجيا، أهمها الخيال، الذى تقوم عليه المجالات الثلاثة، وبه يمكن أن يحدث التلاقى والارتقاء المتبادل.

منذ تخرجه فى التسعينيات، شغف يوسف بالعلاقة بين التكنولوجيا والفن، فتعلم فنون الجرافيك، وطورها ليضيف إليها الروح الفنية الخاصة بكل فنان، نبوغه فى ذلك المجال وعشقه له جعلاه يصل إلى مستويات عالمية، منحته مؤسسة «زنك» الفرنسية للوسائط المتعددة عدة منح، بعد أن تأهل بدراسته بها، ليكون واحداً من طاقمها لتدريس البرامج، بالإضافة إلى عمله فى الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولجيا بالإسكندرية.

فى عام 2006 كان له مشروع فنى مع الشركة المتخصصة فى دعم المشروعات الفنية للشباب، كان عنوانه هو «طاولة الذكريات»، قام يوسف بدراسة لذكريات الإنسان وعلاقتها بعناصر معينة فى الطبيعة الصامتة، من خلال طاولة طعام تتصل عناصرها من ديكورات وأدوات للطعام بشاشة عرض تعرض لقطات من حياة الإنسان صاحب الطاولة بمجرد اللمس، وذلك حسب خصوصية كل شخص، الشموع مثلا ربما ترتبط مع بعض الناس بالميلاد أو بالذكريات السعيدة ومع البعض الآخر بالحب أو بالشجن، كذلك أطباق الطعام، والكؤوس والزهور.

لقى ذلك المشروع قبولاً كبيراً لدى الشركة، مما أعطاه فرصة إضافية لمنحة سفر ودراسة فى فرنسا، لمدة شهرين، مع دعم كامل لمشروع تخرجه، وكانت هى الفرصة الحقيقية لإطلاق العنان لخيال يوسف، الذى يحب أن يتبنى فى مشروعاته كل ما يخص الإنسان من تفاصيل.

ماذا لو خرجت ذات يوم وحيداً للذهاب إلى حفل موسيقى، وهناك وجدت رفيقاً يشبهك تماماًَ، فى كل حركاتك، ويتحرك حولك فى انسيابية، إنها فكرة أقرب لأفلام الخيال العلمى، ولكنها ليست مستحيلة. «الجمهور الإفتراضى»، هو اسم المشروع الذى اقترحه، والذى استخدم به فكرة الـ«Avatar» أو «القرين»، كصورة مماثلة للشخص.

بدأ يوسف فى رسم تفاصيل الفكرة وكيفية تنفيذها، بالاستعانة بأحدث الوسائل المتاحة، مع تطويرها، وإضافة عناصر جديدة لها، ثم كان مشروع تخرجه، الذى بدأ بقرين خيالى بسيط ثنائى الأبعاد ليوسف، يتحرك على شاشة صغيرة فى القاعة.

منحته «زنك» بعدها الفرصة للانتقال إلى المرحلة الأكثر تطوراً، للعرض فى مساحة لقاعة مغلقة تكفى لعدد يصل إلى 20 شخصا، يمكن من خلالها لرواد الحفل الموسيقى الرقص بشكل تفاعلى مع ظلالهم ثلاثية الأبعاد، المكونة من جسيمات ضوئية لامعة أقرب لصورة الجسم البشرى الطبيعى، يرتدى الراقص بها جهازاً بسيطاً ويبدأ فى الحركة مع الموسيقى لتمتلئ جدران المكان بجسيمات مضيئة تأتى على هيئة سحابات من النقط اللامعة تتلاقى سريعاً لتتخد الشكل الإنسانى، وطريقة الأداء البشرى أيضاً، عن طريق جهاز صممه لاستشعار الحركة، وإعطائها الطابع المنطقى، وسرعة رد الفعل الفورى مع الحركة، ولمزيد من المتعة ابتكر يوسف نظارة متخصصة للراقص يستطيع بما أن يتفاعل مع القرين بشكل أكثر واقعية ينفصل به عما حوله، ويشعر بأنه يرقص مع صديق حقيقى له.

لا يزال يوسف يعمل على مشروعه، ويخطط لتطوير فكرته لما هو أبعد من العرض العام الذى استضافه المركز القومى للموسيقى فى مارسيليا. يدرس الآن كيفية خفض التكلفة المالية والتقنية العالية للفكرة، بمساعدة شركة «زنك» التى تساعد مثل تلك المشروعات، بالتسويق لها بعد انتهائها وجلب رعاة من الشركات الكبرى يحلم يوسف بأن تستخدم على نطاق واسع، وإقامتها بشكل مفتوح من خلال شاشات من الدخان الشفاف، ويمكن اختراقها والتفاعل معها لأقصى درجة، يمكن أن يشعر الراقص وكأنه يلمس الجسيمات، وهى طريقة يستخدم بها فكرة علمية وهى تأيين جزيئات الهواء ليمكن استقبال صورة عليها، وهى وسيلة قليلة التكلفة وأكثر قابلية للتنفيذ فى الحفلات الموسيقية.