«إيتو».. رمز الكفاح و التحدى الإفريقى

كتب: وكالات الجمعة 24-12-2010 15:06

على مدار سنوات طويلة تقترب من عقد ونصف العقد، برهن المهاجم الكاميرونى الدولى صامويل إيتو على أنه رمز للتحدى الإفريقى، وأن نجوم القارة السمراء يمكنهم منافسة أبرز نجوم أوروبا، وأمريكا الجنوبية. توّج إيتو مسيرته الرائعة فى عام 2010 بجائزة أفضل لاعب إفريقى لهذا العام، وذلك خلال حفل توزيع جوائز الاتحاد الأفريقى لكرة القدم (كاف) الذى أقيم بالقاهرة. تفوق إيتو على منافسيه الإيفوارى ديدييه دروجبا، مهاجم تشيلسى الإنجليزى، وأسامواه جيان مهاجم سندرلاند الإنجليزى.

وضع إيتو بهذه الجائزة بصمة جديدة له فى عالم كرة القدم الإفريقية، وأصبح أول لاعب يتوج بالجائزة أربع مرات، حيث سبق له الفوز بها أعوام 2003 و2004 و2005، على التوالى. وبرهن إيتو مجددا على أن النجاح مع النادى يتفوق أحيانا، إن لم يكن كثيرا، على التألق مع المنتخب، حيث فاز إيتو بالجائزة بعد عام رائع مع إنتر ميلان الإيطالى أحرز فيه مع الفريق خمسة ألقاب، هى دورى وكأس إيطاليا ودورى أبطال أوروبا وكأس الاتحاد الأوروبى وأخيرا كأس العالم للأندية فى أبوظبى.

يأتى ذلك فى حين أخفق الغانى جيان فى الفوز بالجائزة رغم دوره البارز فى وصول المنتخب الغانى للمباراة النهائية لبطولة كأس الأمم الإفريقية فى أنجولا مطلع العام الجارى، ثم تحقيق إنجاز إفريقى جديد فى بطولات كأس العالم ببلوغ دور الثمانية فى مونديال 2010 بجنوب إفريقيا. ساهم إيتو -29 عاما- بجهده الوفير وأهدافه الغزيرة فى فوز إنتر بثلاثيته التاريخية الموسم الماضى.

ورد النجم الكاميرونى بقوة على المدرب جوسيب جوارديولا، المدير الفنى لفريق برشلونة الإسبانى، الذى حرص على بيع إيتو بداية الموسم الماضى إلى إنتر ميلان كجزء من صفقة التعاقد مع السويدى زلاتان إبراهيموفيتش، مهاجم إنتر، فكان النجاح نصيب إيتو فى صفوف إنتر، فى حين أخفق إبراهيموفيتش فى موسمه الأول مع برشلونة لينتقل اللاعب فى بداية الموسم الحالى إلى ميلان الإيطالى.

لعب إيتو دوراً كبيراً فى فوز إنتر بلقب دورى أبطال أوروبا الموسم الماضى ليكون اللقب الأول له فى هذه البطولة الكبيرة منذ عام 1965. وحافظ إيتو بذلك على لقب البطولة، حيث سبق له الفوز باللقب مع برشلونة فى الموسم قبل الماضى، ثم توج به مجدداً الموسم الماضى مع إنتر ليؤكد أنه تميمة الفوز بهذا اللقب الأوروبى الغالى.

ورغم النجاح الفائق لإيتو مع إنتر على مدار عام 2010، تلقى اللاعب صدمتين كبيرتين مع منتخب بلاده، حيث سقط الفريق فى كأس الأمم الإفريقية 2010 بأنجولا إثر هزيمته أمام المنتخب المصرى فى دور الثمانية، ثم خرج من الدور الأول (دور المجموعات) بمونديال 2010 فى جنوب إفريقيا. لكن ذلك لم يمنع اللاعب من استعادة التوازن وقبول التحديات مع إنتر لينهى عام 2010 بشكل رائع من خلال الفوز بمونديال الأندية، ثم التتويج بجائزة أفضل لاعب إفريقى. تجدر الإشارة إلى أن بداية إيتو للظهور بقوة كانت مع المنتخب الكاميرونى وليس النادى، حيث شارك لأول مرة فى مباراة دولية مع منتخب الأسود أمام نظيره الكوستاريكى فى التاسع من مارس 1997، قبل يوم واحد من احتفاله بعيد ميلاده السادس عشر.

كانت رحلة احتراف إيتو نموذجا حيا على قدرته على مواجهة التحديات والتغلب على الصعاب. ولم يلبث إيتو أن انتقل لحياة الاحتراف الأوروبى بالانضمام إلى ريال مدريد الإسبانى، بعد أن لاحظ النادى الإسبانى تألقه، ولكن نظرا لصغر سنه، وعدم وجود مكان له بين نجوم ريال مدريد آنذاك، أعاره الفريق إلى أحد فرق دورى الدرجة الثانية بإسبانيا لاكتساب الخبرة وحساسية المباريات، وكذلك التأقلم بشكل تدريجى على حياة المحترفين فى إسبانيا.

وكتب إيتو سطرا جديدا مع التألق عندما شارك مع المنتخب الكاميرونى فى نهائيات كأس العالم 1998 بفرنسا، ولكنه شارك كلاعب بديل فى مباراة الفريق أمام إيطاليا فى الدور الأول من البطولة ولم يستطع إنقاذ الفريق من الخروج المبكر.

واستعاد ريال مدريد اللاعب عقب نهاية كأس العالم مباشرة ولكنه لعب مباراة واحدة فقط فى الدورى الإسبانى قبل أن يعيد إعارته لفترة قصيرة إلى فريق إسبانيول الإسبانى، واستعاده مرة أخرى ليخوض مع الفريق ثلاث مباريات مع ريال مدريد فى بطولة دورى أبطال أوروبا عام 2000، حيث أحرز معه اللقب.

كانت هذه البطولة ثانى بطولة كبيرة يفوز بها فى عام 2000، حيث توج مع المنتخب الكاميرونى بلقب كأس الأمم الإفريقية فى هذا العام فى نيجيريا وغانا، وترك إيتو بصمته فى البطولة بتسجيل أول أهدافه الدولية، وكان فى المباراة النهائية أمام نيجيريا، التى انتهت بالتعادل 2/2، ثم حسمت الكاميرون اللقب بضربات الجزاء الترجيحية 4/3. ولكن ذلك لم يشفع لإيتو عند ناديه الإسبانى، حيث أعاره ريال مدريد مجددا إلى فريق ريال مايوركا الذى تعاقد معه بعد ذلك بشكل نهائى مع وجود شرط فى العقد يمنح لريال مدريد الحق فى نصف مقابل انتقال اللاعب إلى أى ناد آخر. كانت هذه التنقلات العديدة وعدم الاستقرار فى مسيرة اللاعب كفيلة بتدمير مستواه ولكن عزيمته كانت أقوى من كل ذلك، ونجح إيتو فى سبتمبر 2000 فى الحصول مع المنتخب الأوليمبى الكاميرونى على ذهبية كرة القدم في دورة الألعاب الأوليمبية بسيدنى بالتغلب على الماتادور الإسبانى بضربات الجزاء الترجيحية فى المباراة النهائية.

كما قاد المنتخب الكاميرون للاحتفاظ بلقب كأس الأمم الإفريقية فى مالى عام 2002 بعد الفوز على السنغال بضربات الجزاء الترجيحية أيضا فى المباراة النهائية، وشارك مع الفريق فى كأس العالم باليابان وكوريا الجنوبية عام 2002 ولكن الفريق فشل فى اجتياز الدور الأول.

وتألق إيتو مع فريق ريال مايوركا بشكل لافت للنظر أيضا وسجل هدفين ليقود الفريق إلى لقب كأس ملك إسبانيا بعد الفوز على ريكرياتيفو هويلفا 3/صفر فى النهائى، ولعب أيضا فى المباراة النهائية لبطولة كأس القارات التى خسرتها الكاميرون أمام فرنسا فى باريس.

ومع التألق الواضح لإيتو مع ريال مايوركا وفوزه بلقب أفضل لاعب إفريقى بدأ برشلونة فى السعى للتعاقد معه مثل العديد من الأندية الأوروبية الكبيرة، خاصة أن ريال مدريد لم يكن يمتلك أى مكان شاغر فى صفوفه للاعبين الأجانب.

واضطر ريال مدريد وريال مايوركا لبيعه فى أغسطس 2004 إلى برشلونة بعقد يمتد أربعة أعوام مقابل 24 مليون يورو حصل ريال مدريد على نصفها، ولكنه خسر لاعبا بارزا كان بإمكانه انتشال الفريق من كبوته الحالية.

ومع بيع اللاعب إلى برشلونة بدأ إيتو عهدا حافلا بالإنجازات، حيث سجل للفريق 24 هدفا ليقوده إلى الفوز بلقب الدورى الإسبانى موسم 2004/2005 لتكون أفضل بداية ممكنة مع فريق مثل برشلونة.

واصل إيتو تألقه فى الموسم التالى وتصدر قائمة هدافى الفريق برصيد 26 هدفاً، وقاده إلى الفوز بألقاب الدورى الإسبانى وكأس ملك إسبانيا ودورى أبطال أوروبا.

وقبل بداية موسم 2008/2009 تولى المدرب جوارديولا منصب المدير الفنى لبرشلونة، وأكد عدم حاجة الفريق لجهود كل من البرتغالى ديكو والبرازيلى رونالدينهو والكاميرونى إيتو، ولكنه عدل عن رأيه بشأن إيتو ليظل اللاعب ضمن صفوف الفريق.

وأكد إيتو الخطأ الذى وقع فيه جوارديولا فى البداية، حيث سجل اللاعب 30 هدفا وقاد الفريق لثلاثية الدورى والكأس ودورى الأبطال مجددا قبل أن يسعى جوارديولا لبيعه ضمن صفقة إبراهيموفيتش، لينتقل اللاعب إلى اختبار جديد مع إنتر ميلان نجح فيه ببراعة الموسم الماضى، وأكمل نجاحه فى الأشهر القليلة الماضية بالموسم الجديد ليكون عام 2010 من أكثر الأعوام نجاحا فى مسيرته على مستوى الأندية.