سرعة الخاطر قد تخوننا. الجنوح الطبيعى لقول الصدق. للصدق فى الكلام. عندما عادنى أحد أصدقائى وهو يطمئن على من أمريكا. قال لى: لا يمكن أن تكون العملية بهذه البساطة. لابد أن هناك مؤامرة. هنا تواصلت الفكرة فى رأسى. نعم. لماذا لم أدع أنها كانت محاولة اغتيال وفشلت؟
واصلت التخيل. نعم تعرضت لمحاولة اغتيال. تخيلت أنهار الصحف وهى تشرح وتفيض. كيف تعرض نيوتن لمحاولة اغتيال؟ لكن أصعب ما كان فى الأمر هو أن أجد مبررا مقبولا لمحاولة الاغتيال. فأنا لم أقيم خصومة مستديمة مع أحد. أتحدث فقط بما يجول فى خاطرى.
لم أعاد أحدا. سيصعب تحديد الفاعل. جماعة كانت أو مؤسسة. دولة صديقة. دولة معادية. لا أعرف. لكن بالتأكيد العنف كان هو السبيل. مقصودا أم غير مقصود. عله لم يرق له المنطق الذى أتناول به الأمور. ظن أنى حينما أنتقد شيئا فإننى أمارس نظرية العنف ضده. لذلك عليه أن يرد بنفس المنطق الذى فهم قصدى من خلاله. منطق العنف. لا يؤمن بالنظريات الأخرى. الديمقراطية مثلا. ربما لا يعرفها من الأصل. ربما يعرفها لكنه يتجاهلها. ربما تؤرقه.
بحثت عن أسباب بشكل أكثر عمقا. لماذا يلجأ هؤلاء إلى العنف؟ بحثت فى سوسيولوجيا العنف. وجدت أن هناك من يرجع العنف إلى المدرسة البيولوجية. منهم تشارلز داروين. فرويد. لورانس. يعتبرون أن العدوان غريزة. تنبع من دافع بيولوجى داخلى. من أشكاله التنافس بين الأفراد والشعوب. التنافس السياسى للصراع على السلطة. استبعدت هذه الفرضية. لم أسع لسلطة.
هدفى هو فقط مجتمع خال من العدوانية. بل طموحى يأخذنى إلى عالم خال من العدوانية. هدفى لمصر مجتمع لا يسعى إلا إلى البناء. بناء الوطن وبذلك بناء الفرد. لكننى اكتشفت لحادثى فوائد أيضا. اهتم لأمرى أناس كثيرون. اتصلوا بى للاطمئنان علىّ. من كل أنحاء الدنيا. بينهم رؤساء شركات. دول. لن أوضح التفاصيل.
أعلم أن الشدائد تُظهر المعادن. لذلك شعرت بأهمية الحادث. شعرت أننى أضعت على هؤلاء الذين تخيلتهم يتآمرون نصرا مبينا كانوا ينتظرونه كان العالم كله سيتكلم عنه. اغتيال نيوتن. الشخصية الافتراضية. تفتح الأمر للحدث والتخمينات.
بعد أن واصلت البحث لأجد سببا يبرر اغتيالى. وجدت فرويد مثلا يقول إن العنف والعدوان ليسا مجرد دافعين للتدمير أو للعقاب. إنما طاقة عقلية عامة. يلعبان دورا فى الصراعات العقلية. يندمجان مع الطاقة العدوانية. لم أقتنع تماما بهذا التفسير.
بحثت أكثر. وجدت علماء الاجتماع وعلماء النفس الاجتماعى لديهم تفسيرات أخرى. العنف ظاهرة اجتماعية. أسبابها ودوافعها متعددة. اجتماعية. نفسية. ثقافية. اقتصادية. دينية. أخلاقية. ليس هذا فحسب. أحيانا كل هذه الأسباب تتداخل مع ظواهر اجتماعية أخرى.
وجدت نفسى أغوص أكثر فى محاولة الكتابة عن مجتمعى. عن ظواهره الجديدة التى لن تنتهى. عن حلول. وجدت نفسى فى دائرة مغلقة. لن نخرج منها إلا بصحوة جماعية. أو محاولة اغتيال جديدة.