إخوان تونس يتجنبون «الحكم»: لا نريد كراسى فى سفينة غارقة

كتب: كريمة دغراش الجمعة 07-10-2016 20:08

لا تكاد جماعة الإخوان فى تونس تفوّت مناسبة للتأكيد على أنّهم لا يسعون الى الحكم، وأنّه ليس هدفهم الأوّل الذى من أجله يمارسون السياسة.

ويصر كل قياديى الحركة على إنكار «تعطشهم» للوصول مجدّدا إلى سدّة الحكم، رغم أنهّم تقدموا لكلّ المحطات الانتخابية التى شهدتها البلاد منذ سنة 2011، الأمر الذى دفع المراقبين إلى التساؤل عما إذا كان الزهد المفاجئ للإخوان فى الحكم نابعا عن وعى منها بأهمية التشارك مع بقية مكونات المشهد السياسى التونسى أم هو «انحناءة» حتى حين.

وقال راشد الغنوشى، رئيس حركة النهضة (ممثلة جماعة الإخوان فى تونس)، فى تصريحات إعلامية، إن مشاركة الحركة فى حكومة الوحدة الوطنية ودعمها لها جاء استجابة لحاجة وطنية، مضيفا أن «النهضة لا تنظر إلى الحكم على أنه أكبر غنيمة ووسيلة لتقوية الحزب، بقدر ما تنظر إليه باعتباره مسؤولية وطنية رغم أن عبئها قد يكون ثقيلا، خاصة فى مثل الزمن الصعب الذى تمر به بلادنا».

بدوره قال رفيق بوشلاكة، قيادى النهضة: «الغنوشى يبحث عن مصلحة تونس أكثر من النهضة»، مضيفا أن «النهضة هى من سمح لحزب نداء تونس بتنصيب رئيس وزراء منه»، مؤكدا أنه كان بوسع النهضة أن تتشبث بالكرسى، لكنهم (إخوان تونس) رفضوا الكرسى «فى سفينة غارقة».

ويقول المحلل السياسى والأستاذ بجامعة باريس، عادل اللطيفى، لـ«المصرى اليوم» إن «الإخوان» يعرفون مدى تعقد الوضع حاليا فى تونس، والذى يصعب فيه على الحاكم إنفاذ القانون، فضلا عن أن محدودية معرفة الحركة بدواليب الدولة وكيفية تسيير الشأن العام، وهو ما ثبت خلال وجودها بالحكم، قد يكون سببا وراء زهدها الحالى فى الحكم.

وأضاف أن حركة النهضة (الإخوان) لا تقول كل الحقيقة فى تصريحاتها، فهى وكما قال شيخها «لا تبحث عن الحكم لكنها لا تريد أن تكون بعيدة عنه». ويفسر اللطيفى ذلك بأن الحركة ترغب دائما فى إرسال رسالة لأنصارها وخصومها على حد السواء مفادها أنها ما زالت قوية وقادرة على الحكم.

وكانت حركة النهضة وصلت إلى الحكم فى تونس عام 2011 فى أوّل انتخابات عرفتها البلاد بعد سقوط نظام زين العابدين بن على، غير أنّها لم تستمر طويلا فى السلطة إذ اضطرت للتخلى عنها بعد أن شهدت تونس سلسلة من الاغتيالات السياسية أعقبتها موجة من الاحتجاجات الشعبية.

ورغم تراجع عدد كتلة نواب حزب نداء تونس (الحزب الحاكم والفائز فى انتخابات 2014) داخل البرلمان التونسى، وصعود النهضة للمركز الأول، حافظ حزب النداء على حق تشكيل الحكومة الجديدة.

وعرف تنظيم الإخوان فى تونس عدة تغييرات فى السنوات التى أعقبت الثورة، وكانت المراجعة والتقييم أبرز النقاط التى طرحت للنقاش خلال مؤتمرهم الأخير المنعقد فى شهر مايو الماضى، وهى قد تبدو من الأسباب التى تجعل الحركة لا تعبّر صراحة فى الوقت الحالى عن تعطش للسلطة. ويقول عادل اللطيفى إن التوجهات الفكرية والسياسية للحركة تجعلها تتبنى هذا الموقف فهى فى مرحلة تحول تبحث فيها عن طريق وسط خارطة الإيديولوجيات السياسية، دون التخلى عن مرجعيتها الدينية، وهو ما أفرز نوعا من الضياع الذى يجعلها غير قادرة على بناء رؤية سياسية مجتمعية على أمد بعيد. وجاء تزامن صعود إخوان تونس لسدّة الحكم عام 2011 مع سطوع نجم الأحزاب الإسلامية التى وصلت للسلطة فى أكثر من بلد مر به ما كان يسمى «الربيع العربى» لكن سرعان ما أفل نجم بعض هذه التنظيمات واضطر الإخوان مكرهين على ترك السلطة، وكانت الحالتان المصرية والليبية أكبر نموذج لذلك، وقد يكون لهذه التجارب تأثيرها على سياسة إخوان تونس الذين حاولوا الاستفادة من الدرس حتى لا يخسروا موقعهم فى المشهد السياسى التونسى.

ويرى المحلل عادل اللطيفى أن النهضة التونسية قد تكون غير متسرعة للوصول إلى الحكم بسبب التحولات الجيوستراتيجية التى حصلت فى المنطقة بعزل إخوان مصر وتراجع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان عن سياسته الداعمة لهم.

فى المقابل، يقول المحلل هشام الحاجى لـ«المصرى اليوم» إن حركة إخوان تونس فهمت قواعد اللعبة الديمقراطية، وأدركت أنها فى مركز لا يسمح لها بالطمع فى الحكم فى الوقت الحالى، بعد أن منحها الشعب المركز الثانى فى انتخابات 2014.