أكد اللواء عبدالمنعم الهونى، ممثل المجلس الانتقالى الليبى فى القاهرة، أن نظام القذافى اقترب من النهاية، بعد سيطرة الثوار على معظم أرجاء البلاد، وتم حصر القذافى وكتائبه فى العاصمة طرابلس، مشيراً إلى أن حجم الخسائر المادية والبشرية باهظة، حيث تجاوز عدد القتلى 35 ألف قتيل، إضافة إلى عشرات الآلاف من المصابين، فيما تجاوزت الخسائر فى البنية التحتية والمنشآت 240 مليار دولار.وشكك الهونى، الذى كان يشغل منصب مندوب ليبيا الدائم فى جامعة الدول العربية، قبل أن ينشق عن نظام القذافى، ويقرر الانحياز للثوار، فى النوايا الحقيقية لقوات الناتو، التى تدخلت لدعم الثوار والقضاء على كتائب القذافى، خاصة فى ظل إطالة أمد الحرب، وقال فى حواره لـ«المصرى اليوم» إن القوات الغربية تدير الحرب وفقا للأجندة الخاصة بها، وليس وفقا لأجندة الثوار الليبيين، وكشف الهونى، وهو أحد الضباط الأحرار الذين رافقوا القذافى منذ بداية ثورة الفاتح من سبتمبر قبل 4 عقود، الكثير من الحقائق حول تفاصيل ثورة 17 فبراير، والكثير من الجرائم والتجاوزات التى ارتكبها النظام الليبى على مدى أربعة عقود.. وإلى نص الحوار:
■ بداية نريدك أن تطلعنا على آخر تطورات الأعمال العسكرية فى ليبيا؟
- هناك تقدم للثوار فى العمليات العسكرية ولكن هذه الانتصارات، للأسف موجهة ضد جميع الليبيين.
■ بما أنك كنت رفيق درب للقذافى منذ ثورة الفاتح من سبتمبر قبل 41 عاما، ألم تفكر فى أن تسدى له النصيحة؟
- بالفعل سعيت إلى ذلك منذ الأيام الأولى للثورة، وحاولت أن أضىء له الطريق فى النفق المظلم، الذى مر به الشعب الليبى، وأرسلت له مذكرة توضح كيفية خروج الشعب الليبى من الأزمة وخروجه وأسرته بشكل آمن، إلا أنه تكبر وتجبر ورفض التحاور فيها، ثم سعيت وراءه مرات عديدة واتصلت به هاتفياً، ولكنه رفض الرد.
■ متى حدث ذلك بالضبط؟
- منذ الأيام الأولى للثورة فى 17 فبراير وحتى آخر الشهر، ثم بعد ذلك لم يعد لى أى صلة بالنظام وتفرغت بشكل كامل لدعم الثورة.
■ كيف كان موقف دول الجوار وخاصة مصر من الثورة الليبية؟
- مصر قادت ثورة عظيمة خاضها شباب 25 يناير، وهى التى فتحت أذهان الشباب العربى للتغيير، والشعب المصرى وقف معنا بكل إمكانياته، وقدم لنا كل ما يحتاجه إخوانه فى المنطقة الشرقية، إلا أن الموقف الرسمى المصرى كان به تردد، وكان موقف مراقب أكثر منه موقف مساعد، ولكننا لا نريد أن نثقل عليهم، أو أن نطلب منهم شيئاً قد ينعكس على أشقائنا المصريين فى ليبيا، لأن هذا النظام «طاغوتى» ومن الممكن أن يتخذ ردود أفعال مضادة للمصريين المقيمين فى ليبيا.
■ هل معنى ذلك أن المجلس العسكرى لم يتخذ موقفاً رسمياً قوياً لدعم الثورة الليبية تخوفاً على المصريين المقيمين فى ليبيا؟
- نعم.. بالفعل المجلس يتخوف على المصريين فى ليبيا.
■ ما طلباتكم الأخرى سواء من المجلس العسكرى أو الخارجية؟
- نحن لا نطلب من المجلس العسكرى المصرى إلا أن يقر بأحقية الشعب الليبى فى تقرير مصيره، والديمقراطية والحرية والتنمية الاجتماعية، وهذا حق طبيعى، والثوار حينما خرجوا أرادوا تحقيق هذه المطالب المشروعة، ولم يحملوا البنادق فى البداية، وحملوا أعواد الزيتون، مثلما فعل ثوار 25 يناير.
■ هل تطالبون الحكومة المصرية بإعلان اعترافها الرسمى بالمجلس الانتقالى الليبى؟
- نحن نطلب من الحكومة المصرية أن تقر فقط بطلباتنا، كما أقرت بطلبات ثورة 25 يناير، فطلباتنا لا تختلف عن ذلك، وكنا نتمنى أن يصدر المجلس العسكرى المصرى بياناً وإعلاناً واضحاً ورسمياً بأن طلبات الشعب الليبى طبيعية وقانونية، ومن الممكن أن يأتى الاعتراف الرسمى فى وقت لاحق، فهو ليس مطلباً ملحاً، ولكننا عموما نقدر الوضع الحرج للمجلس، وجنون هذا النظام الليبى الذى يمكن أن يرتكب مجزرة ضد المصريين هناك.
■ ذكرت قبل ذلك أن القذافى ارتكب الكثير من جرائم التصفية الجسدية لسياسيين ليبيين وعرب، ما صحة هذا الكلام؟ وما هو الموقف من رجل الدين اللبنانى موسى الصدر، الذى اختفى فى ليبيا مع مرافقيه قبل ما يقرب من ثلاثين عاما؟
- حدث نقاش بين القذافى والصدر، أثناء زيارة الأخير ومرافقيه ليبيا، وكما تعلمون أن القذافى يدعى المعرفة بكل الأمور السياسية والدينية، وأثناء اللقاء تطرق القذافى إلى العقيدة الشيعية وشكك فيها، فكان رد الإمام موسى الصدر قاسياً، واتهم القذافى بالجهل فى علوم الدين الإسلامى بشكل عام، سواء فيما يخص المذهب الشيعى أو المذهب السنى، فشتمه القذافى واعتدى عليه، فرد عليه الصدر الشتيمة واتهمه بالخيانة والعمالة، فطلب القذافى تصفية الإمام ومرافقيه، وفعلا تم إحضارهم بعدها بعدة أيام، وتمت تصفيتهم فى حضور القذافى، فى جريمة لا يتصورها أى إنسان.
■ هناك شكوك حول أهداف القوات الأجنبية وأنهم يتعمدون إطالة الحرب حتى يحققوا مصالح خاصة بهم فى ليبيا والسيطرة على المقدرات الليبية، فما تعليقك؟
- أريد فى البداية أن أؤكد أنه لولا تدخل قوات الناتو، لكان القذافى ارتكب حرب إبادة جماعية بحق الشعب الليبى، وقد أعطى القذافى لجنوده أوامر بأنه يريد أن يقف فى أول بنغازى فيرى مدينة الطوقة وهى مدينة تلى بنغازى، مما يعنى أنه كان يريد أن يسوى المدينة بالأرض، ويهدمها على رؤوس أهلها بالكامل، ولقد طلبنا من إخواننا العرب فى البداية أن يتدخلوا لينقذوا الثوار، وأنا قدمت مذكرة للجامعة العربية وطلبت منهم التدخل السياسى والمعنوى واستخدام كل وسائل الضغط ضد القذافى، حتى لا تحدث المجزرة، ولكن لم تكن هناك استجابة.
■ ولكن هناك من يرى أن ضربات الناتو تكون غالبا أضعف مما يرغب الثوار؟
- نحن ينطبق علينا المثل الذى يقول «كالمستجير من الرمضاء بالنار»، فقد استنجدنا بالناتو حتى يساعدنا أمام ضربات القذافى، ولكنهم استخدموا قواتهم وفقا لخططهم الخاصة، وليس وفقا لخطط الثوار، ولا نعلم إن كان لهم أجندات خاصة من عدمه، وهم يقولون إنهم ليسوا على دراية كافية بالجغرافيا الليبية، وإنهم يحتاجون وقتاً لإجراء دراسات واستطلاعات حتى يتعرفوا على مواقع القذافى، ولكن هناك تعاون كبير الآن من جانب الثوار، الذين يعرفون مواقع القذافى، وأتصور أن هناك تركيزاً أكثر فى المواقع التى يستهدفها الناتو، مما يجعلها أكثر فاعلية مما سبق.
■ هناك حديث عن أن هناك مساعدات من دول عربية للقذافى؟
- لا أتصور أن هناك دولاً عربية تساعد القذافى، ولكنه يستخدم مرتزقة أجانب من أفريقيا وبيلاروسيا وأوكرانيا، وصربيا، مقابل 500 دولار فى اليوم، وفى مصراتة وجدنا فتيات أوكرانيات يقاتلن مع الكتائب التابعة للقذافى.
■ هل هناك حصر لأعداد القتلى منذ اندلاع الثورة الليبية فى 17 فبراير وحتى الآن؟
- أعداد القتلى تجاوزت 35 ألف قتيل من الطرفين، فمدينة مصراته مثلا بها أكثر من 3 آلاف قتيل وأكثر من 15 ألف جريح، وفى جانب القذافى يقال إن لديه أكثر من 5 آلاف قتيل و20 ألف مصاب، وحينما تتوقف الحرب ونجرى حصرا دقيقا لأعداد الضحايا سنجد أن الخسائر باهظة.
■ كيف تحصلون على السلاح؟ هل يتم تهريبه من دول مجاورة أم عن طريق قوات الناتو؟
- 90 % من السلاح الذى بحوزتنا نحصل عليه كغنائم من قوات القذافى، أثناء الاشتباكات، كما أن قوات القذافى التى تخرج على القذافى وتنضم للثوار تأتى ومعها أسلحتها، وذلك يحدث بشكل يومى، ولا ننكر أننا حصلنا على بعض المساعدات العسكرية من بعض البلاد الإسلامية، ولكنها لم تتجاوز الأسلحة الخفيفة مثل المسدس والبندقية.
■ ولكن نظام القذافى أعلن عن حصولكم على السلاح من بعض الدول العربية مثل قطر؟
- ما أذاعه نظام القذافى أخبار مفبركة وغير حقيقية، فمن غير المنطقى أن ترسل قطر أسلحة إلى الثوار وتكتب على الصناديق من الخارج أن هذه الأسلحة جاءت من دولة قطر، وحاولنا شراء الأسلحة بالفعل من عدة دول، مثل أوكرانيا وروسيا البيضاء وصربيا لكنهم رفضوا أن يبيعوا لنا السلاح، بعد ما وافقوا فى البداية، نظراً لعدم امتلاكنا شهادة الاستخدام من دولة معينة، لأن هذه الدول تبيع السلاح للدول وليس للأفراد أو الجماعات.
■ هل لديكم حصر لحجم الخسائر المادية التى تكبدتها البلاد منذ اندلاع القتال؟
- الخسائر تقدر بـ240 مليار دولار حتى الآن، متمثلة فى الموانئ والمطارات وحقول النفط والمصافى، وكل المصانع القائمة على النفط.
■ وفيما يخص فاتورة الحرب وتكلفة العمليات العسكرية التى تقوم بها قوات الناتو.. من الذى سيتحملها.. أنتم أم الدول الغربية؟
- كل ما نسمعه حتى الآن هو الأرقام، فكل أسبوع تعلن هذه الدول، عبر وسائل إعلامها، عن تكاليف العمليات العسكرية، ولكننا لا نعرف حتى الآن ما الذى سيتم، فلم يتقدم أحد حتى الآن بطلب التكاليف، ولكننا لا نستبعد أن يطالبونا بدفع الفاتورة فى نهاية الحرب، كما حدث فى حرب تحرير الكويت، حيث تحملت دول الخليج فاتورة الحرب.
■ وماذا سيكون ردكم إذا حدث ذلك؟
- الحمد لله إمكانياتنا تسمح بأن ندفع هذه الفواتير، حينما يفرجون عن أموالنا لديهم.
■ كم تبلغ هذه الأموال؟
- الأموال التى أعلنوا عنها حتى الآن وتم تجميدها تتجاوز 135 مليار دولار، وهناك تقديرات عن حوالى 50 إلى 60 مليار دولار.
■ وكم بلغت فاتورة الحرب حتى الآن؟
- لم تعلن الدول المشاركة، عن فاتورة موحدة لتكاليف الحرب، حتى الآن.
■ من خلال معرفتك بالقذافى.. كيف ترى نهايته؟
- أتصور أن هذا الطاغية عاش حياة دموية، وأتصور أنه سينتهى بمثل هذه النهاية.
■ هل ترغب فى توجيه رسالة إلى المجلس العسكرى المصرى أو أحدى الجهات المصرية؟
- نعم.. أحب أن أوجه نداء للمجلس العسكرى والحكومة المصرية، بأن يرفع الحظر عن الليبيين الممنوعين من دخول الأراضى المصرية، خاصة أن أهالى المنطقة الشرقية فى ليبيا، ليس لهم طرق أخرى لدخول ليبيا إلا عبر مصر، لأن كل المطارات أو أى خطوط بحرية مباشرة إلى ليبيا مغلقة.