فى الوقت الذى بدأت فيه أجهزة المحافظة مؤخراً إعداد ما يسمى «كشف حساب» حول قيمة الخسائر التى سببتها الأمطار والأمواج، خاصة مع انتهاء نوة «قاسم» واختفاء مياه الأمطار من شوارع الكورنيش، تواجه قرية «أبيس الثانية» عدة أزمات تمثل الجانب الآخر من «الثغر» بعد أن امتلأت أرضيات منازل الأهالى القاطنين بها بالمياه وساد الظلام «الحالك» نظراً لانقطاع الكهرباء عنها حتى الآن.
قال أهالى قرية أبيس الثانية، التى تقع شرق المحافظة، إن الحياة بها بعد «نوة قاسم» أصبحت جحيماً -بحسب قولهم- فأثاث المنازل «عائم» فى مياه المطر، التى أصبحت الساكن الوحيد لمنازل أبيس الثانية، بعد أن هجرها أهلها واتخذوا من أسطح المنازل والسلالم ملاذا لهم، نظرا لارتفاع منسوب المياه، داخل بيوتهم. أمام مدرسة «أبيس الثانية الابتدائية» أطفال كانوا يصارعون للعبور إلى الجانب الآخر من الطريق، بعد انتهاء اليوم الدراسى، إلا أنهم يفشلون فى ذلك بكل ما استخدموه من وسائل مثل العصى والحجارة، وحتى الأحذية البلاستيكية لم تنجح هى الأخرى فى حماية أقدامهم من الغوص فى مياه الأمطار، التى اختلطت بمياه الصرف الصحى.
«عشان خاطرى قولوا للمحافظ يشيل الميه، عشان كل يوم هدومى بتبوظ».. بهذه الجملة البريئة بدأ محمد ممدوح، «9 أعوام» كلامه لـ«إسكندرية اليوم» بعد أن نجح بصعوبة فى العبور إلى الجانب الآخر من الطريق، وأضاف: «بعد المطر الشديد أصبحت أنا وأصحابى نعانى بشدة من الدخول والخروج من المدرسة، فملابسنا تبتل عند المرور وأبحث حالياً عن بديل لكتبى بعد أن سقطت منى فى بركة المياه الكبيرة ونفسى عمو المحافظ يشيل الميه عشان الهدوم والكتب متتبهدلش».
وقال حسن الديب، من الأهالى: منذ بدأ أول أيام النوة ونحن نعيش فى ظروف حالكة الظلام فانقطاع الكهرباء أصبح عرضاً مستمراً وكذلك انقطاع مياه الشرب، فلا نعلم لماذا تم قطعها عنا، هل لأن المحافظة ترغب فى تقليل منسوب المياه، الذى أصبح يغرق منازلنا، أم أنه ويجب علينا أن نعيش دون مياه، أو كهرباء ودون حياة أصلاً؟
وأضاف «الديب» أنه تم إبلاغ المسؤولين أكثر من مرة بمشكلة الأهالى، إلا أنه «لا حياة لمن تنادى» على حد قوله، مؤكداً أن القرية تتعرض للغرق أكثر من مرة فى اليوم نظراً لمياه الأمطار، التى اختلطت مع مياه الصرف الصحى، لتحول المنازل هناك إلى «برك»- على حد تعبيره، منتقداً تأخر الجهات الرقابية والتنفيذية فى اتخاذ أى إجراءات، رغم كثرة الشكاوى قائلا: «من حقنا نعيش زى البنى آدمين لكن تجاهل المسؤولين جعلنا نعيش كالحيوانات فى المياه».
«لو هنقدر نستحمل أن تغوص أقدامنا فى المياه كل يوم وكل ساعة فما ذنب أبنائنا فى ذلك»، هكذا عبر عيد رمضان، أحد الأهالى، عن رفضه استمرار تواجد المياه داخل المنازل والتى أصابت الحياة بـ«الشلل» التام نظراً لافتراش الأهالى أسطح المنازل والسلالم للنوم كبديل عن المنازل التى أصبحت المياه تملؤها، مما أصبح يمثل عائقاً كبيراً أمام سير الحياة بشكل طبيعى.
وأضاف رمضان: «المشكلة الكبرى تكمن فى طلاب المدارس، فالأطفال أصبحوا فى حاجة إلى تعلم فنون الغوص والباليه المائى، للعبور إلى مدارسهم التى أصبحت محاطة بأنهار المياه، وعندما نشكو للمسؤولين نجد أن ما يتم إصلاحه هو إزالة المياه من مدخل القرية فقط، لكن يبدو أن الغلابة ملهمش نصيب من الاهتمام، فبمجرد انتهاء النوة انتهت منازلنا معها».
وبعد انتظارها طويلاً لتنتهى من عملية كسح المياه وإخراجها من غرفتها التى تقطنها فى الطابق الأرضى، خرجت الحاجة «فتحية»، بملابسها التى تشربت بمياه الأمطار، التى أصبحت تحيط بكل أثاث غرفتها قائلة: «رضينا بمياه الصرف الصحى التى أصبحت تحيط بنا من كل جانب فى الشوارع، على أمل أننا سنصل إلى بيوتنا ونحتمى بها، لكن عندما نجد البيوت نفسها غارقة فى مياه الأمطار، ولا أحد من المسؤولين يرغب فى النظر إلينا، فهل هذا عدل»؟.
وأضافت: «منذ أيام النوة ونحن نعيش فى ظلام دامس وحركة المياه داخل المنازل ترهب أولادنا الصغار، خاصة وقت النوم، فالأسرة غارقة فى مياه الأمطار، ولا يستطيع أطفالنا أن يلمسوا الأرض، دون أن يرتدوا الأكياس البلاستيكية وغيرها من المواد العازلة للمياه، حتى إنهم إذا نجحوا فى الخروج من الغرف بسلام فإنهم يواجهون نفس العذاب للدخول من بوابة المدرسة التى تتعالى صرخاتهم أمامها عند سقوطهم فى المياه وللأسف المحافظة لا تستجيب لشكاوانا».
كان المجلس الشعبى المحلى لحى وسط قد، تلقى مذكرة عاجلة من عضو المجلس، محمد النقيب، انتقد فيها تأخر هيئة الصرف الصحى فى القيام بتنظيف «الشنايش» والبالوعات وإعدادها لصرف مياه الأمطار تجنبا للكوارث، مما أدى إلى إغراق الشوارع والمنازل، نظراً لعدم قدرة «الشنايش» على صرف مياه الأمطار، بما يهدد المواطنين بالغرق وهو ما يحدث فى بعض القرى مثل أبيس الثانية.
من جانبها، نفت المهندسة نادية عبده، رئيس شركة مياه الشرب، ما يتردد عن وجود انقطاع للمياه فى قرية أبيس الثانية، مشيرة إلى أن قطع المياه جاء فى الأماكن «المنكوبة» بفعل النوة الأخيرة فقط، دون المساس بالأماكن والقرى الأخرى، قائلة: لم تتعرض أى منطقة لقطع المياه ولا صحة لما تردد عن قطع المياه فى منطقة أبيس الثانية، وإن كان هناك قطع للمياه ففى بعض «الأبيسات» الأخرى بسبب إحلال وتجديد الشبكة.
وأرجع محمد البوشى، من إدارة الإعلام بشركة الصرف الصحى، فى المحافظة، انسداد «شنايش» البالوعات، التى تمنع عملية صرف مياه الأمطار، إلى «سلوكيات الأهالى» قائلاً: هيئة الصرف الصحى تقوم بإخراج عربات لشفط المياه بعد كل نوة، لكن سلوكيات الأهالى وقيامهم بإلقاء المخلفات تساهم فى تكوين حواجز فى «الشنايش» تمنع صرف مياه الأمطار، مما يؤدى إلى غرق الشوارع.
وقال «البوشى» إن الحل الوحيد للقضاء على أزمة انسداد «الشنايش» هو عدم إلقاء المخلفات وروث المواشى فى البالوعات، للحفاظ عليها وإعدادها لصرف مياه الأمطار، حتى لا تتراكم المياه
الظلام يُخيّم على قرى «مريوط» بسبب «النوة».. واتهامات لـ«كهرباء البحيرة» بـ«التقصير» فى إصلاح أعمدة الإنارة
قال عدد من أهالى قرى قطاع مريوط إنهم يعيشون أزمة شديدة، بسبب عدم صيانة أعمدة الكهرباء بالمنطقة منذ فترة طويلة، الأمر الذى كشفت عنه «نوة قاسم» التى شهدتها المحافظة الأسبوع الماضى، والتى تسببت فى فصل التيار الكهربائى عن قرى القطاع لمدة 4 أيام، بعد تساقط أعمدة الكهرباء فى القرى، بسبب تهالكها وتعرضها للصدأ - حسب قول الأهالى.
وأرجعوا السبب إلى انتهاء عمرها الافتراضى، وهو ما نفاه مدير عام الصيانة والتشغيل بالشركة، مؤكداً أن الإدارة تتعامل مع أى شكوى فى حينها بجدية.
فى البداية، قال نصر الدين محمد، إمام مسجد قرية أبومسعود، إحدى قرى قطاع مريوط، إن ثلاثة أعمدة بالقرية تعرضت للسقوط بسبب سوء الأحوال الجوية، خلال «نوة قاسم»، الأمر الذى تسبب فى فصل التيار الكهربائى عن القرية لمدة 4 أيام، قد استخدم خلالها الأهالى الشموع ولمبات الكيروسين، كما منعوا أبناءهم من الذهاب للمدارس، خوفاً عليهم من التعرض للصعق الكهربى، بسبب الأسلاك الملقاة فى الشوارع، موضحاً أن الأعمدة لم تتم صيانتها منذ فترة طويلة، الأمر الذى تسبب فى تآكلها، ما جعلها تتساقط، بسب الرياح التى تعرضت لها القرية.
وقال المهندس شكرى عبدالفتاح، أمين الوحدة الحزبية بقرية بغداد، إن النوة الأخيرة التى تعرضت لها البلاد كشفت القصور من جانب شركة كهرباء البحيرة، حيث فصلت الكهرباء لمدة أربعة أيام، بسبب تساقط الأعمدة من بينها عمودا ضغط عال، تسببا فى فصل التيار الكهربائى عن 6 قرى بالقطاع، مؤكداً أن إهمال الصيانة، هو السبب الرئيسى فى تساقط الأعمدة بسبب تهالكها.
وأضاف أحمد محمدين، مهندس زراعى من قرية خالد بن الوليد، أن فصل التيار الكهربائى الذى استمر 4 أيام، تسبب فى فصل التيار الكهربائى عن سنترالى قريتى بغداد وبورسعيد، الأمر الذى فصل قرى القطاع عن أى اتصال بالعالم الخارجى، بسبب فصل شبكة المحمول وصعوبة إجراء اتصالات، بسبب سوء الأحوال الجوية فى المنطقة، حسب قوله.
وتابع: «قمنا بالاتصال بشركة الكهرباء كثيراً، لكننا لم نتلق أى استجابة، وظلت الكهرباء مفصولة لمدة أربعة أيام، وعندما تم توصيلها كانت ضعيفة ومذبذبة، الأمر الذى جعل الأهالى يتخوفون على الأجهزة الكهربائية».
وقال محمد نجيب طلعت، مدرس، إن فصل التيار الكهربائى تسبب فى عجز أصحاب المخابز عن توفير الخبز للأهالى، بسبب فشلهم فى خبز حصتهم التموينية، كما تعرض العديد من السلع الغذائية للتلف، بسبب فصل الكهرباء عن الثلاجات، خاصة اللحوم المجمدة.
وأضاف: «الأهالى قاموا بإخطار شركة كهرباء البحيرة، لإصلاح الشبكة، ولم تتحرك إلا بعد مرور أربعة أيام، وعندما قاموا بإصلاح الكهرباء، جاءت ضعيفة جداً بشكل يُخشى معه على الأجهزة الكهربائية». وأكد همام عبدالعال، عضو مجلس محلى العامرية، أن سوء الأحوال الجوية، تسبب فى فصل التيار الكهربائى عن 6 قرى بقطاع مريوط، بعد سقوط عمودى ضغط عال بقرية أبومسعود، وسقوط بعض أعمدة الإنارة بقريتى الصاعدة وأبومسعود، ما دفع الأهالى إلى منع أبنائهم من الذهاب للمدارس، بعد انتشار أسلاك الكهرباء فى الطرقات.
وأضاف «عبدالعال»: «قرى أبومسعود وخالد بن الوليد والصاعدة واليمن والعراق وبغداد قضت أربعة أيام فى ظلام دامس، بعد سقوط عمودى ضغط عال بقدرة 11 ألف كيلوفولت مغذيين للمنطقة، منتقداً عدم تحرك المسؤولين بشركة شمال التحرير، لإصلاح الأعطال فى حينها، مما تسبب فى فصل سنترالى بورسعيد وبغداد عن الخدمة لمدة يومين قبل أن يتم تشغيل الأول بالديزل (السولار) فى حين لا يزال الأخير معطلاً».
وقال «عبدالعال»: «إن المجلس المحلى ناقش سوء حال الكهرباء بمنطقة قطاع مريوط، عبر جلسات عديدة، لكن الأمر لم يتم حله بشكل جذرى، موضحاً أن السبب الرئيسى فى تعرض قرى القطاع لفصل التيار الكهربائى هو عدم قيام الشركة بالصيانة الدورية للأعمدة، الأمر الذى تسبب فى تساقطها مع أول نوة».
وأكد أنه قدم سؤالاً عاجلاً لمسؤولى شركة كهرباء البحيرة، لعرض خطة الصيانة الدورية على المجلس، لبيان سبب القصور الذى تعرضت بسببه أكثر من 6 قرى بقطاع مريوط للعيش فى ظلام، وتوقفت جميع الأجهزة التى تعمل بالكهرباء بما فيها سنترالا بورسعيد وبغداد، وذلك حتى يتم تلافى الأمر مرة أخرى.
من جانبه، نفى المهندس ربيع فايد، مدير عام الصيانة والتشغيل بشركة كهرباء البحيرة، وجود تقصير من جانب الشركة فى صيانة الكهرباء والأعمدة بقرى القطاع، مؤكداً أن الشركة تقوم بالتعامل مع أى شكوى بصورة فورية ودورية، وقال: «إن قطاع مريوط يتبع كهرباء الريف، وتأثر بالفعل بالنوة الأخيرة التى تسببت فى سقوط بعض الأعمدة، إلا أنه تم التعامل مع المشكلة فور إخطار الشركة بها». وتابع «فايد»: «ما فيش حاجة اسمها كهرباء ضعيفة وكهرباء قوية، الموضوع يا فيه كهرباء يا مافيش»، على حد قوله.
.