«أبو سعدة» يتهم منظمات مدنية باستغلال «الاختفاء القسري» لتحقيق «مكاسب»

كتب: وائل علي الخميس 29-09-2016 17:42

عقدت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، بالتعاون مع المجلس القومي لحقوق الإنسان، ندوة على هامش اجتماعات المجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف، الخميس، لعرض ومناقشة التقرير الخاص بالاختفاء القسري في مصر الذي أعده المجلس القومي لحقوق الإنسان.

واتهم حافظ أبوسعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، بعض منظمات المجتمع المدنى بأنها تميل إلى استخدام ظاهرة الاختفاء القسرى بشكل واضح لتحقيق مكاسب سياسية من خلال إصدار بيانات كاذبة، دون تقديم أي دليل ملموس لدعم هذه المطالبة، وأضاف: «من الصعب للمدافعين عن كل من الحكومة وحقوق الإنسان التعامل مع هذه القضية في خضم سيل من المعلومات غير الدقيقة والخاطئة التي تؤدى إلى خلق جو من عدم الثقة بين المجتمع المدنى والدولة المصرية».

وعرض «أبوسعدة» تقرير المنظمة بعنوان «الاختفاء القسرى.. انتهاك مستمر لحقوق الإنسان وحرياته»، في ذكرى اليوم العالمى للاختفاء القسرى، مشيرا إلى أنه رصد نحو 108 حالات اختفاء قسرى في الفترة من بداية 2015 حتى النصف الأول من 2016، وأن محافظة الجيزة احتلت النصيب الأكبر من عدد حالات الاختفاء القسرى بواقع 38 حالة، وأن محافظة القاهرة جاءت ثانيًا بواقع 26 حالة من بينها أنثى، وجاءت محافظة الشرقية ثالثا بواقع 9 حالات.

وأكد التقرير أن المجتمع المصري عرف ظاهرة الاختفاء القسري منذ التسعينيات مع تصاعد حالة العنف فيما بين الجماعات الإسلامية المتشددة وقوات الشرطة، وأن الظاهرة ارتبطت أيضاً بتطبيق قانون الطوارئ والتجاوزات المصاحبة له من قبض واعتقال أشخاص في أماكن حبس غير قانونية وسرية إضافة لعدم خضوعها لأى رقابة قضائية.

وذكر أن هناك عددًا من العوامل ساهمت في انتشار الظاهرة أبرزها أنه يتم احتجاز المعتقل في أماكن غير منصوص عليها في قانون السجون، كما أنها لا تخضع لإشراف النيابة العامة صاحبة الاختصاص في التفتيش على أماكن الاحتجاز مثل مقار مباحث أمن الدولة في القاهرة والجيزة والمحافظات، ولا يسمح للمحامين بالاتصال بالمعتقلين عادة وحتى مرور 30 يوما من تاريخ اعتقالهم، فضلا عن منع المعتقل من الاتصال بذويه وإبلاغهم بالمكان الذي يقتاد إليه.

وقال «أبوسعدة» إن التقرير لاحظ وجود قصور تشريعى في معالجة ظاهرة الاختفاء القسرى، مرجعا ذلك إلى عدم وجود نص قانونى مباشر بالقانون المصرى يعرف الاختفاء القسرى أو يجرمه ويوقع العقاب على مرتكبيه.

وانتقد ضعف العقوبات المنصوص عليها في حالة القبض على الشخص أو احتجازه دون وجه حق، واستشهد بالمادة 280 من قانون العقوبات التي نصت على أن «كل من قبض على شخص أو حبسه أو حجزه بدون أمر من أحد الحكام المختصين بذلك وفى غير الأحوال التي تصرح فيها القوانين واللوائح بالقبض على ذوى الشبهة يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تتجاوز مائتى جنيه»، معتبرا أن العقوبة الواردة في هذا النص هي عقوبة «الجنحة»، وأن المشرع لم يفرق بين القبض أو الحبس أو الحجز الذي يقع من فرد على فرد أو ممثلى السلطة على فرد.

وتابع: «لم يرفع المشرع عقوبة القبض بدون وجه حق إلى مرتبة الجنايات إلا في المادة 282، وذلك في حالة إذا وقعت الجريمة من شخص تزيا دون وجه حق بزى مستخدمى الحكومة أو اتصف بصفة كاذبة أو أبرز مزورا مدعيا صدوره من طرف الحكومة؛ حيث جعل العقوبة هي السجن، كما رفع العقوبة إلى الأشغال الشاقة المؤقتة إذا وقع القبض بدون وجه حق مع التهديد بالقتل أو التعذيب، وبالتالى فهو سوّى بين الفعل الإجرامى الواقع من قبل فرد على فرد أو الواقع من قبل سلطة على فرد دون أن يفرق بين جسامة الفعل وخطورته في الحالة الأخيرة عنه في الحالة الأولى».

من جانبه، عرض محسن عوض، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، تقرير المجلس الصادر، يوليو الماضى، بعنوان «الاختفاء القسرى بين الادعاء والحقيقة»، واعتبر أن اختلاط المعايير لدى المصادر في معالجة ادعاءات الاختفاء القسرى أوجد التباسا بين الاحتجاز خارج نطاق القانون وجريمة الاختفاء القسرى، مضيفا أن نقص المعلومات لدى المصادر المختلفة أدى إلى إعاقة الجهود الرامية إلى إجلاء مصير الحالات المدعى اختفاؤها، ولم يسلم من ذلك حتى الفريق العامل المعنى بالاختفاء القسرى رغم معاييره الصارمة في مقبولية الحالات.

وأفاد التقرير بأن تعاون وزارة الداخلية والنيابة العامة ساعد في كشف مصير عدد 238 حالة من إجمالي 266 حالة، مشيرا إلى أن المجلس يتابع مع الجهتين المشار إليهما كشف مصير باقى الحالات.

وكشف أنه بفحص ردود الجهات المعنية بخصوص جميع الحالات التي تلقاها المجلس أو بلغت إلى علمه عبر المصادر المختلفة، تبين أن هناك فجوة زمنية بين تغيب بعض الحالات والتاريخ الذي حددته الجهات المعنية لظهورهم تراوحت بين بضعة أشهر وبضعة أيام مما أحدث خلطا بين تصنيف هذه الحالات من تجاوز فترات الحبس القانونى وجريمة الاختفاء القسرى أيدته شهادات بعض أسر الضحايا الذين تواصل المجلس معهم.

وأوصى التقرير بـ«ضرورة قيام التشريع المصرى بالنص على تجريم الاختفاء القسرى في القانون الوطنى والمصادقة على الاتفاقية المعنية بتلك الجريمة، خاصة بعد قبول الدولة ملاحظات المراجعة الدورية الشاملة في مجلس حقوق الإنسان الدولى الأخيرة التي تضمنت التوصية بالموافقة على الاتفاقية بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسرى».