الذين لا يرون فى الرياضة إلا الأهلى والزمالك وكرة القدم ومبارياتها واتحادها وتحكيمها وجماهيرها الغائبة وقضاياها مع الألتراس.. والذين لا يرون للرياضة وظيفة أو دورا إلا اللعب والترفيه والتسلية وممارسة التعصب حتى آخر مداه.. لم ولن يهتموا بما قام به أحمد ناصر فى الأيام القليلة الماضية.. ولست هنا أتحدث عن أحمد ناصر الرئيس الحالى لاتحاد للترايثلون.. إنما أتحدث عن مواطن مصرى أصبح بالانتخاب رئيسا للأوكسا.. أى اتحاد الاتحادات الرياضية الأفريقية.. الاتحاد الذى يترأس كل الاتحادات الرياضية الأفريقية، بما فيها الاتحاد الأفريقى لكرة القدم وغيرها من اللعبات.. ولم يشأ أحمد ناصر بعد نجاحه العام الماضى أن يكتفى بمتعة ووجاهة هذا المنصب وصلاحياته التى تسمح له بالترحال هنا وهناك فوق الخريطة الأفريقية كلها.. لم يخطط ناصر للاكتفاء بجلوسه المؤقت فوق المقعد الرياضى الأفريقى الأقوى والأكبر ثم يبدأ فى التخطيط للفوز بأى منصب أو دور رياضى محلى فى مصر يصبح كأنه مكافأة التقاعد الدولى ونهاية الخدمة.. إنما قرر الرجل منذ البداية أن يسعى وراء هدفين سيقاتل من أجل تحقيقهما مهما كانت العقبات والحواجز والأسوار.. الهدف الأول كان تغيير وتطوير شكل وواقع الرياضة فى أفريقيا وتحريرها من قبضة الحكومات وأى مطامع وخلافات وحساسيات وحسابات سياسية.. أما الهدف الثانى.. وربما كان الأجمل والأعمق والأكثر ضرورة وإلحاحا بالنسبة لناصر.. فهو استخدام منصبه والرياضة الأفريقية كباب تمر منه مصر عائدة إلى أفريقيا من جديد بعد سبع سنوات صعبة كادت تنقطع فيها كل حبال الوصال والمودة والثقة بين مصر وأفريقيا سياسيا واقتصاديا وإعلاميا ورياضيا أيضا.. ومن المؤكد أن أحمد ناصر اقترب كثيراً وجداً فى تحقيق هذين الهدفين.. ففى الأيام القليلة الماضية.. ودون أى اهتمام إعلامى كافٍ وحقيقى.. استضافت القاهرة القمة الرياضية الأفريقية التى حضرها كبار القادة الرياضيون الأفارقة والمسؤولون الكبار فى الاتحادات واللجان الأوليمبية الأفريقية.. وشهدت هذه القمة أخيرا تنازل الحكومات الأفريقية عن امتلاك وإدارة وتنظيم واستخدام دورات الألعاب الأفريقية وتركها ليديرها وينظمها الرياضيون الأفارقة وحدهم.. ولم يقم ناصر بذلك وهو يعادى أى حكومة أو سلطة أفريقية.. إنما كانت أسلحته طول الوقت هى الحوار والفكر والمنطق والإقناع.. وأن هذا الاستقلال الرياضى هو الرهان الأفريقى الأخير لمستقبل أفضل تنال فيه الرياضة الأفريقية كل ما تستحقه من بطولات وانتصارات وميداليات.. وتم الاتفاق على ذلك فى قمة الرياضة بالقاهرة، لكن التوقيع الرسمى سيكون قبل نهاية العام الحالى فى أديس أبابا، حيث مقر الاتحاد السياسى الأفريقى الذى كان قبل سنوات قليلة يريد إغلاق كل أبوابه فى وجه مصر، ثم تغيرت الأحوال بفضل رجال مثل أحمد ناصر ليعهد نفس هذا الاتحاد مؤخرا إلى مصر بمهمة تنظيم الرياضة الأفريقية والتخطيط لمستقبلها.. وأنا أشكر أحمد ناصر الآن كثيراً وجداً على كل هذا التعب والإصرار والنجاح.. أشكره أيضا لأنه لم ينفرد بذلك إنما كان المايسترو الذى أجاد العزف بالتعاون مع الحكومة والبرلمان ووزارتى الخارجية والشباب والرياضة واللجنة الأوليمبية المصرية.